تتواصل فعاليات الدورة الأولى لأيام قرطاج الموسيقية حيث احتضن المسرح البلدي بتونس العاصمة مساء أمس الأول السهرة الثالثة بعد الافتتاح، وهي سهرة خاصة بتكريم الفنان الكبير لطفي بوشناق من طرف ثلة من الفنانين العرب الذين رددوا أغانيه فأطربوا الجمهور وأقنعوا بوشناق. الجزء الأول من السهرة خصص لتقديم حوصلة في شريط مسجل حول الافتتاح واليوم الثاني من الأيام، مع جملة من الآراء لفنانين تونسيين وعرب، اجتمعت آراؤهم على أهمية التظاهرة التي خرجت من محيطها الضيق إلى المحيط الدولي. تكريم أثثت السهرة الإعلامية أسماء بالطيب التي ظهرت بفستان مطرز زاد في أناقتها وتفاعل مع تلك الأضواء المنبعثة من جدران المسرح البلدي فازداد ضياء. منشطة السهرة استعملت كل عبارات المدح والتمجيد لتقديم ضيوف أيام قرطاج الموسيقية وقد أصابت في ذلك حين قالت إنهم عمالقة الفن العربي، يغنون لعملاق تعجز الكلمات عن وصف مسيرته الثرية. وانطلقت سهرة الطرب والغناء مع الفنان السوري شادي عبد الكريم الذي غنى «كلنا فيك حبيب» و«البدر يكمل كل شهر مرة» واستطاع هذا الفنان شد الجمهور الذي صفق له طويلا وهو يثني على صوته الرائع. سلطانة الطرب العربي الرحلة الثانية كانت من نصيب الفنانة الجزائرية فلة عبابسة التي ظهرت سلطانة على ركحها وأميرة في ثوبها الأبيض المطرز ومبدعة وهي تغني «هذه غناية ليهم»... و«عجيبة الدنيا وغريبة» صاحبة أغنية «تشكرات أفندم» قالت إنه من الصعب أداء أغنية لبوشناق لكن في الحقيقة كان من السهل عليها أن تطرب الحضور إلى حد الانتشاء. أداء مقنع وبصوت مغربي مغاربي غنّى الفنان المغربي حاتم عمور «قدام المراية» و«نساية» فأنسى الجمهور تعب يوم مرهق وانخرط معه في موجة من الغناء والتصفيق لصوت عذب استطاع أن ينفذ داخل النفوس دون قيد أو شرط. «أحبّك حبين» قالتها الفنانة المصرية غادة رجب وهي تتبختر في فستانها الأسود فغنت وأطربت ورددت فأقنعت بصوت قدم من بلاد الفراعنة لينضمّ إلى جملة الأصوات العربية التي أرادت في تلك الليلة أن تكرّم الفنان العربي لطفي بوشناق، الذي قدّم الكثير للفن التونسي والعربي، وهو من الفنانين القلائل الذين استطاعوا أن يبلغوا الرسالة كما يجب. مفاجأة مفاجأة السهرة كانت بحضور الفنان لطفي بوشناق الذي اعتلى الركح وهو يركض كعادته وكأنه متلهف للقاء جمهوره. بوشناق أثث بقية السهرة ب«تبدأ الحكاية» و«لمتاش انحبك في الخافي» و«شارع كأنه جنينة» و«لو كان انتي جناحاتي» وكان رائعا وهو يؤدي «خدعني الزمان» أغنية تسللت كلماتها إلى القلوب ودغدغت نغماتها النفوس فتأثر بها الحضور... وانسابت الدموع من بعض الجفون... وهاجت المشاعر وارتحلت العقول بين ثنايا الزمن وأوجاعه... هكذا إذن كرّم نجوم الفن العربي بوشناق الذي كرّم بدوره جمهوره فأهداه باقة من أروع ما غنى في ليلة شتاء زادها دفء صوته حرارة.