اعتبر رئيس المحكمة الإبتدائية بصفاقس محمد بن لطيف أن تعيين أعضاء المحكمة الدستورية يكتسي أهمية كبرى لما له من تأثير مباشر على استقلالية المحكمة وجودة آدائها. وأضاف خلال مداخلته في ندوة علمية نظمتها جمعية القضاة التونسيين اليوم بنزل بتونس العاصمة أن تأسيس محكمة دستورية مستقلة يفسر قضاتها القانون بكل موضوعية وحيادية وتصدر أحكاما عادلة تلقى القبول والرضا من الجميع لذلك يستوجب تحصين تركيبتها من التأثيرات والضغوطات السياسيّة. وتساءل هل أن الدستور ومشروع القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية المعروض الآن على لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب يضمنان استقلالية وحيادية أعضاء المحكمة الدستورية من خلال طريقة تعيينهم؟ واعتبر أن الجواب على هذا السؤال يكمن في القول بأن طريقة التعيين كما وردت بالفصل 118 من الدستور وكما فصلت بمشروع القانون المنظم للمحكمة الدستورية لم تجنب تعيين قضاة المحكمة الدستورية خطر التسييس ولم تقرّ الضمانات الكافية للحد من خطر التسييس. ومن جهة أخرى، قال انه من ناحية التعيين فقد اكتفى الدستور بتحديد الأطراف التي لها صلاحية تعيين أعضاء المحكمة الدستورية دون بيان إجراءات وطرق التعيين تاركا هذه المسألة للقانون الذي سينظم المحكمة، كما لاحظ أن الفصل 118 من الدستور اقتضى أن يتم تعيين أعضاء المحكمة الدستورية من قبل رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء حيث يعيّن كل منهم أربعة أعضاء وهو ثلث عدد أعضاء المحكمة البالغ 12، مضيفا أن هذه الطريقة قد توحي بإرادة السلطة التأسيسية تحقيق التوازن بين السلطات الثلاث بإشراكها في تعيين أعضاء المحكمة الدستورية الا أن هذه الطريقة ستؤدي في الحقيقة الى تعيين ثلثي أعضاء المحكمة من قبل هيئات سياسية وهو ما قد يجعل تركيبة المحكمة ذات ولاءات سياسية للأغلبية الحاكمة التي عينتها ويزداد الأمر خطورة اذا كان رئيس الجمهورية الذي يعيّن بمفرده أربعة أعضاء ينتمون للحزب الفائز في الإنتخابات التشريعية والمهيمن على المجلس النيابي، على حدّ قوله. وتابع في ذات الإطار، "أنه إزاء خطر التسييس المحدّق بتعيين أعضاء المحكمة الدستورية من قبل رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب فإن الأمل معلّق على التعيين الذي سيجريه المجلس الأعلى للقضاء للحد من هذا الخطر وذلك بتمكين المحكمة الدستورية من قضاة محايدين ومستقلين بعيدا عن الولاءات السياسية". وأشار إلى "أن المتأمل في مشروع القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية يتبين له أن واضعي هذا المشروع لم يحرصوا على تمكين المجلس الأعلى للقضاء من الإضطلاع بدوره التعديلي في عملية التعيين والمانع للتأثيرات السياسية عليها إذ اقتضى الفصل 10 من مشروع قانون المحكمة الدستورية أن المجلس الأعلى للقضاء يعيّن أربعة أعضاء". وتابع : "للحد من خطر تسييس التعيينات بالمحكمة الدستورية بما أن تعيين ثلثي أعضائها يتم من جهة سياسية (رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب ) لا بد من توفير ضمانات الإستقلالية للقضاة الدستوريين ولا بد أيضا من تمتع أعضاء المحكمة الدستورية أثناء مباشرة مهامهم بحصانة ضد التتبّعات الجزائية ...."