قال النائب والقيادي في حركة «النهضة» عبد اللطيف المكي إن الحركة تعمل لتكريس نفسها كحزب سياسي على غرار الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا، مشيرا إلى أن المؤتمر القادم سيطرح موضوع التداول على قيادة الحركة، كما أشار إلى أنه من حق «النهضة» الحصول على تمثيل أكبر داخل التشكيلة الحكومية المقبلة، نظرا للدور المهم الذي لعبته في استقرار الحكم في البلاد. وأضاف في تصريح ل»القدس العربي»: «حركة النهضة تكرّست منذ قيام الثورة كحزب سياسي مراعاة للتخصص والقوانين التونسية، وفي المؤتمر المقبل هناك توجه لإضفاء الصبغة الرسمية على هذا الواقع الجديد (تكريس الحركة كحزب سياسي)، ولتحرير العمل المجتمعي، لأن كل ما هو في المجتمع يخضع لسيطرة السياسي الذي يحتكر كل الإمكانيات المالية والبشرية». وانطلقت الأحد المؤتمرات المحلية لحركة «النهضة» (276 مؤتمرا) التي ستستمر طيلة شهر كانون الثاني/يناير وتمهد للمؤتمر الاستثنائي العاشر للحركة الإسلامية الذي يفترض عقده في مارس المقبل. وحول الفصل بين الجانب السياسي والدعوة لحركة «النهضة»، قال المكي «لا يمكن لحزب سياسي أن يمارس الجانب الدعوي، فمن الناحية القانونية هذه الأعمال (الجانب الدعوي) تختص بها الجمعيات، ومن ناحية أخرى لا يمكن الجمع بين مجال كبير مثل السياسي ومجال كبير آخر مثل الدعوة أو الثقافة أو العمل الخيري، ولكن الحزب ستبقى مرجعيته الفكرية هي نفسها مع التطويرات التي يقتضيها الزمان والظروف والمهام الجديدة للحزب». وأكد، في السياق، أن الحركة استفادت كثيرا من تجربة الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا، مشيرا إلى أنها «تجربة جديرة بالاستفادة مع مراعاة الفوارق، وقد انتبهت الحركة لهذه المدرسة منذ سنة 1987، عندما طرح موضوع الاعتراف بالحركة وعلاقة الحزب بالدين». ويفترض أن يناقش المؤتمر المقبل للحركة عدة محاور من بينها «محور فكري حول علاقة العمل السياسي بالعمل الدعوي، فضلاً عن مناقشة وتقييم تجربة الحكم لحركة النهضة في فترة ما بعد الثورة، وأيضا استشراف لوضع حركة النهضة خلال السنوات الخمس المقبلة، كحزب عصري مشارك في الحكم ذي مرجعية دينية في واقع متحرك وفيه تحديات كبيرة جداً ومؤهل ليلعب أدوارا متقدمة في المرحلة المقبلة في تاريخ تونس، فضلاً عن بعض المحاور الأخرى». وحول التداول على قيادة الحركة واحتمال تخلي الشيخ راشد الغنوشي عن الرئاسة، قال المكي «هناك توجه ثابت لتطوير منظومة القيادة في الحركة، سواء كان من حيث الهيكلة أو توزيع الصلاحيات، من أجل زيادة العملية الديمقراطية والشراكة في قيادة الحركة، ومسألة ترشح الشيخ راشد للرئاسة مجددا أو عدمها، موكول له وللمؤتمِرين، حيث ستكون تكون هناك ترشحات عدة لرئاسة الحركة إضافة لترشح الشيخ راشد (في حال رغب بذلك)». وكان الباحث والمحلل السياسي د. عبداللطيف الحنّاشي أشار في حديث سابق ل«القدس العربي» إلى أن حركة النهضة قد تفقد نسبة لا بأس بها من أنصارها وبعض قياداتها، جراء إعادة هيكلة نفسها فكريا وتحولها إلى حزب سياسي، لكنه أكد بالمقابل أنها ستبقى محتفظة بالأغلبية كأكبر حزب سياسي في البلاد. وعلّق المكي على هذا الأمر بقوله «هذه مسألة اختيار، كل من الإخوة لديه اتجاه أو اختصاص معين، والحركة لن تتخلى عن أحد من أبنائها (بمعنى إبعادهم) وإنما سيبقى الاختيار فردياً، خاصة أنه يمكن الجمع بين عضوية الحركة وعضوية جمعية (خيرية أو ثقافية أو غيرها) بشرط احترام القانون التونسي». من جهة أخرى، توقع أن يتم الإعلان عن التعديل الوزاري الجديد في حكومة الحبيب الصيد بعد المؤتمر «التوافقي» لحزب نداء تونس في العاشر من الشهر الجاري، مشيرا إلى أن الإعلان عن التشكيلة الجديدة هو من اختصاص رئيس الحكومة (الذي يستطيع الإعلان عن الأمر خلال 24 ساعة، في حال رغب بذلك). وحول زيادة عدد الحقائب الوزارية للحركة داخل التشكيلة الحكومية الجديدة، قال المكي «هذا الأمر لا يأتي في مقدمة مقاييس (مطالب) الحركة في التغيير الحكومي المقبل وإن حدث وازدادت حقائب حركة النهضة في الحكومة فهذا من حقها، بالنظر إلى الدور المهم الذي لعبته الحركة في استقرار الحكم، وفي بعث أجواء الثقة في البلاد، ولكن ليس هناك أي مؤشر (يؤكد أو ينفي) هذا الأمر، لأن الحديث عن التغيير الحكومي ما زال الآن في طور الأفكار والتوجهات والمقاييس، ولم يمر إلى المقترحات الاسمية أو غيرها». وكان الأمين العام السابق لحزب «نداء تونس» انتقد التأخير في إعلان التعديل الوزاري، مشيرا إلى أن الهدف من تأخيره هو «خدمة من يريد ان يكون المؤتمر المقبل غير الديمقراطي لنداء تونس على ما هو عليه، لذلك صار توقيت التحوير الوزاري وكأنه اداة ضغط على البعض: الوزراء الخائفين والمرشحين للوزارة الواقفين في طابور الانتظار والوعود» (القدس العربي )