صادق خان، المسلم الذي هاجر والده من باكستان واشتغل سائقا للباص في العاصمة البريطانية، هو في طريقه للفوز بمنصب عمدة لندن اليوم، بعد انتخابات جرت الخميس وبدأ فرز أصواتها صباح الجمعة، وستحمل مساء تفوقه، ساحقا كما تؤكد استطلاعات جرت في مراكز التصويت، على 11 آخرين نافسوه، أهمهم لجهة الخطر الانتخابي عليه، كان اليهودي مرشح حزب المحافظين، زاك غولدسميث، المعروف بوريث عائلات شهيرة لجهة الأب والأم، فيما سيصبح خان، وهو من حزب العمال المعارض، أول مسلم يتولى رئاسة البلدية في إحدى أهم عواصم العالم. كانت رحلة انتخابية شاقة على خان الذي دافع فيها عن نفسه من هجومات عنيفة شنها عليه غولدسميث في الأسبوعين الماضيين بشكل خاص. وأجمعت كل الوكالات ووسائل الإعلام المحلية في مواقعها اليوم الجمعة، بأن خان تقدم بأكثر من 10 نقاط على منافسه غولدسميث، وبأنه الخليفة الأكيد لرئيس البلدية من حزب المحافظين، بوريس جونسون، لولاية من 4 سنوات، وبأنه سيصبح أول رئيس بلدية مسلم لعاصمة غربية كبرى، وهو ما تحدث عنه الأربعاء الماضي في تصريح اعتبروه مخلصا وفيه كل الشفافية. في ذلك التصريح قال خان: «أنا فخور بأني مسلم.. وأنا لندني، بريطاني من أصل باكستاني، وأنا أب وزوج ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل. أنا كل هذا. لكن العظيم في هذه المدينة هو أنك تستطيع أن تكون لندنياً من أي معتقد أو بلا معتقد، ونحن لا نتقبل بعضنا بعضاً فحسب، بل نحترم بعضنا بعضاً ونحتضن بعضنا بعضاً ونحتفي بعضنا بالبعض. هذه إحدى المزايا العظيمة للندن» وفق تعبيره. مع ذلك هاجموه، ومنه الأحد الماضي بصحيفة «ميل أون صنداي» المؤيدة للمحافظين، بعنوان قالت فيه ما معناه: «هل سنسلم أروع مدينة بالعالم إلى حزب عمالي يقول إن الإرهابيين أصدقاء» ؟ ومع العنوان نشرت صورة لباص دمره اعتداء إرهابي شهير، نال في 7 جويلية 2005 من لندن، ولا تنساه إلى اليوم. لكن قافلة خان بقيت تسير، وحصلت كما دلت استطلاعات آخر ساعة تصويت، بأن العاصمة البالغ سكانها 8 ملايين و600 ألف، منحت من عاش فيها فقيرا وابنا لسائق باص ثقتها، وأعطته أهم منصب فيها. صادق خان هو خامس 8 أبناء لأبوين هاجرا من باكستان، وعاش الجميع على نفقة هيئة الرعاية الاجتماعية في بيت من 3 غرف بحي Tooting الشعبي في جنوبلندن، حيث ولد قبل 45 سنة وترعرع، أما والده أمان الله خان، اشتغل طوال 25 سنة قبل وفاته في 2003 سائقاً لباص عمومي، ووالدته سهرون، اشتغلت خياطة بالقطعة. المؤيد لبقاء بريطانيا بعضوية الاتحاد الأوروبي والمشجع لفريق ليفربول بكرة القدم، نشأ فقيراً وعانى من صعاب متنوعة، لكنه عبرها وأصبح نائبا في 2005 بالبرلمان البريطاني، وهو محامٍ أصلا، تخرج من «جامعة شمال لندن» واشتغل مختصاً بحقوق الإنسان، وجهاده بالحياة معلوم التفاصيل للندنيين الذين عرفوه منذ 2008 وزيراً للنقل، ملما بمشاكل لندن التي كانت جزءا من مشاكل حياته في دورتها اليومية. ومع أن خان، المتزوج منذ 1994 من الباكستانية الأصل سعدية أحمد، وأب منها لابنتين: أنيسة وعمّارة، البالغتين 17 و15 سنة، هو ملتزم دينياً، وأصبح في 2009 أول وزير غربي يؤدي مناسك الحج بالسعودية وهو بمنصبه، وفق ما كتبت عنه صحيفة «ديلي تلغراف» ذلك العام، إلا أنه أثار الغضب عليه في 2013 من مسلمين باكستانيين، لتصويته على مشروع زواج المثليين، وحين وصل صدى الخبر إلى إمام مسجد مدينة Bradford في مقاطعة «غرب يوركشير» بشمال إنجلترا، أصدر فتوى «طرده» بها من الدين الحنيف، ووصفه بمرتد وبأنه «ليس مسلماً» كما قال. وعن المسلمين، البالغة نسبتهم 4.8% من سكان إنجلترا وويلز، مع 77 ألفا باسكوتلندا و3.800 في إيرلندا الشمالية، فزادوا في بريطانيا التي ولد 47 % منهم فيها، من مليون و550 ألفا في 2001 الى مليونين و710 آلاف في 2011 وفق دراسة مفصلة أصدرها Muslim Council of Britain ذلك العام، كمرجع مهم ودقيق، ووجدتها «العربية.نت» بعنوان British Muslims in Numbers في الإنترنت، وفيها أن عدد المساجد ومراكز الدراسات الإسلامية في لندن وحدها هو 415 على الأقل. أما عدد المسلمين في بريطانيا، فربما نجده 3 ملايين و100 ألف، لو تم في 2016 إحصاء جديد، أي 5% من سكان بريطانيا البالغين 65 مليونا، وهم بالعدد ضعف كل أتباع الديانات الأخرى فيها مجتمعين، باستثناء المسيحيين، حيث الهندوس 1% والسيخ 0.6% واليهود 0.5% والبوذيون 0.3% مع 0.3 % لديانات أخرى فيها، بحسب الوارد في فصل «الديانة» عن المملكة المتحدة بموقع «ويكيبيديا» المعلوماتي. وفي اسم عمدة لندن الجديد مشكلة «لغوية» نجدها فيما تورده وكالات الأنباء بالعربية على أنه «صادق» فيما الاسم حقيقة هو «صديق» ونسمعه بهذا اللحن على لسانه نفسه، كما على لسان جميع الإعلاميين غير العرب بنشراتهم الإخبارية أو حواراتهم التلفزيونية .(العربية).