هل ان السجون مؤسسات اصلاحية أم مؤسسات عقابية ومهينة للذات البشرية سؤال يتبادر ليس فقط الى أذهان المهتمين بالشأن الحقوقي بل الى أذهان العامة من الناس ويبدو أن السجون تحولت الى مؤسسات عقابية الغاية منها ليس الإصلاح بل التشفي والإنتقام هذا ما كشفته اليوم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في ندوتها الصحفية ما تعانيه السجون التونسية من اوضاع سيئة سواء على مستوى الهيئة التي تبين جليا وفق ما أشار اليه رئيس الرابطة عبد الستار بن موسى أنها عبارة عن ضيعات فلاحية أو بناءات ادارية على غرار سجن باجة الذي بني منذ فترة الإستعمار من عام 1905 وسجن حربوب بنيته مهترئة وقديمة وغرفه مكتضة على غرار بقية السجون التي تعاني من اكتظاظ كبير وحتى السجون التي تم بناؤها بعد فترى الإستعمار فأغلبها لم تكن مطابقة للمعايير الدولية من حيث طاقة الإستيعاب والاماكن والمرافق المخصصة للنظافة والطعام والعلاج والتكورين والرياضة والثقافة وكشف بن موسى ان ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون التونسية تتجاوز في بعض الاحيان 150 بالمائة وهي نسبة عالية جدا بالمقارنة بالمعدلات العالمية فسجن القيروان مثلا لا تتجاوز طاقة استيعابه 270 سجينا في حين يكدس فيه 800 سجين بما يجعل نسبة الاكتظاظ تصل الى 300 بالمائة عكس مراكز اصلاح الأطفال الجانحين فهي لا تشهد اكتظاظا. ليس الإكتظاظ وحده ما تعانيه السجون التونسية بل ان شروط حفظ الصحة لا تتوفر فيها في أغلب السجون وهي عبارة عن معاناة يومية فالغرف مكتظة وكثيرة الرطوبة والصيانة بها محدودة، فضلا من أن عدد الأسرة حوالي 16000 سرير مخصصة لحوالي 23000 سجين بعضهم ينامون على حشايا مهترئة كثير ما تعشش فيها الحشرات وبعضهم يفترش الأرض. كما إن نسبة الموقوفين فيها تصل عادة الى 58 بالمائة مقارنة بالمحكومين الذين لا تتعدى نسبتهم 42 بالمائة فمن جملة 23000 سجين هناك 13000 موقوف و9600 محكوم بما يعني تضخم عدد الموقوفين مقارنة بعدد المحكومية. واضاف بن موسى ان حالة الإكتظاظ والتصنيف تؤثر بصفة سلبية على النواحي الامنية داخل السجن اذ نجد واحدا لعدد كبير من المساجين بين 160و250، بالإضافة الى ان الإكتظاظ يؤثر على العلاقة بين المساجين والاعوان من ناحية وعلى علاقة المساجين فيما بينهم من ناحية اخرى هذا فضلا من أنه في بعض الأحيان لا يتم تصنيف المساجين بالغرف طبق المعايير الدولية اذ نجد موقوفين ومحكومين ومبتدئين وأصحاب سوابق واضافة الى مشكلة الإكتظاظ هناك عديد الوحدات السجنية التي تعاني من نقص في المعدات والتجهيزات والإطارات الطبية وشبه الطبية بالإضافة الى أن المؤسسات السجنية في اغلب حالتها ليس لديها سوى سيارة اسعاف. فما تعانيه السجون يؤثر على نفسية المساجين...