يعتبر موضوع الدروس الخصوصية من بين أهمّ المشاغل التي تحظى باهتمام الأسرة التونسية حيث أضحت ضرورة لا مفرّ منها، وإن اختلفت الأسباب والأسعار يبقى الهدف واحد، فظروف العمل لم تعد تسمح بالاهتمام المباشر بتعليم الأبناء الذين ما ان ستقدم بهم السن ويرتقون في مدارج العرفان حتى يصبح من الضروري دعمهم بدروس التدارك . ورغم ان الأولياء يشتكون من الكلفة المرتفعة لأسعار الدروس الخصوصية إلاّ أنهم ومنذ انطلاق السنة الدراسية يبدؤون رحلة البحث عن معلم أو أستاذ لتأمين هذه الدروس لأبنائهم والأهمّ بالنسبة إليهم هو أن يكون نفس المدرّس المباشر لأبنائهم في أقسامهم الدراسية ودون أن يناقشوا سعر هذه الخدمة. ظنا من بعض الأولياء أنّ أبناءهم سيتحصلون على أفضل الأعداد. الأبناء بدورهم لا ينفكّون عن طلب التسجيل في الدروس الخصوصية في مختلف المواد إن كانت أساسية أو ثانوية، فحتى مادة الرياضة أصبح لها أساتذة يؤمنون دروسا خصوصية فيها لينضاف بذلك على الأولياء العبء على الآخر. والإشكال المطروح هو أنّ الأبناء يرونها ضرورية وإجبارية وعلى أوليائهم أن يوفروها لهم خاصة وأنّ أصدقاءهم يباشرون دروسا خصوصية، وهنا يصبح الولي مجبرا على تلبية رغبات أبنائه حتى لا يتهمونهم بالتقصير ويحملونهم فشلهم الدراسي. وفي تعليقه على الظاهرة، أفادنا لسعد اليعقوبي الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي، في اتصال هاتفي أنّ النقابة تعتبر أنّ الدروس الخصوصية ظاهرة مرضية داخل المنظومة التربوية التي أصابتها أمراض متعددة. وأضاف أنّ عملية علاج هذه الظاهرة السيئة لا يمكن أن يكون الا بالبتر. كما أرجع هذه الظاهرة إلى ضعف المنظومة التربوية وانعدام ثقة الأولياء فيها إضافة إلى الوضعيات الاجتماعية للمعلمين الذين يلجؤون للدروس الخصوصية لتعويض النقص. وأبرز كذلك علاقة التلقي الضعيفة بين التلاميذ والدروس في أقسام المؤسسات التربوية العمومية. ومن جهة أخرى، بيّن اليعقوبي أيضا أنّ جميع أطراف المنظومة التربوية لهم يد في ذلك، مؤكّدا أنّ الوزارة لا تحرّك ساكنا وأنّها تلعب دور الشرطي وتقوم بمعاقبة كلّ من يخالف القوانين. واعتبر اليعقوبي هذا التصرّف بالخاطئ. وقال أنّه حتى وان أوقف المدرسون الدروس الخصوصية فإنّ الأولياء لن يكفوا عن الإقبال عليها باعتبار أنّ أطرافا أخرى، ليسوا بمعلمين أو أساتذة يقدمون مثل هذه الدروس. وللحدّ من هذه الظاهرة، أكّد لسعد اليعقوبي ضرورة إصلاح حقيقي للمنظومة التربوية ككلّ لإعادة الثقة للمؤسسات التربوية العمومية مع القضاء على أسباب التوجه لمثل هذه الدروس لإضعافها إلى أدنى نسبها.