في أول تصريح إعلامي بصفته الرسمية في حكومة يوسف الشاهد في خطة كاتب دولة لدى وزير الفلاحة مكلف بإنتاج الفلاحي تحدث عمر الباهي ل"الصباح" عن مسؤولياته الجديدة ونظرته الشاملة في التعاطي مع كبرى الملفات الفلاحية وحرصه على إعادة الاعتبار للفلاحة كقطاع استراتيجي ومحرك للتنمية بعيدا عن الأطر أو التموقع الضيق الذي يراد حصرها فيه. من المنظمة إلى النقابة *أن يأتي عمر الباهي إلى وزارة الفلاحة من هيكل نقابي مهني وتحديدا من اتحاد الفلاحين الذي دافع فيه بشراسة عن حقوق المنتجين وقضاياهم الحارقة يثير حتما الفضول لمعرفة ما سيتغير في قناعاته ومواقفه. وإلى أي حد ستغير "جبّة" المسؤول في الدولة من "جبّة" القيادي النقابي؟ -من داخل المركزية الفلاحية كنت دائما أدافع على قضايا الفلاحين وملتزما بالدفاع عن مصالح المنتجين. وكانت مواقفي واضحة في هذا الشأن. لكن بانتقالي إلى الجهة الأخرى وبتولي منصب كاتب الدولة حتما ستكون مسؤوليتي أكبر وأشمل صلب القطاع تقتضي العمل لمصلحة كامل حلقات منظومات الإنتاج. ورغم أنه لولا انتسابي وانتمائي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لما كنت في هذا الموقع الجديد فإني أقولها صراحة إن تواجد عمر الباهي في منصب المسؤولية الرسمية لن يكون هو نفسه في جبة القيداي النقابي بالمنظمة الفلاحية، التي استقلت منها بموجب هذا التعيين. لكن دون أن يعني ذلك التخلي عن قناعاتي. مقاربة العمل القادمة ستتخذ بعدا استراتيجيا في التعاطي مع القطاع الفلاحي كمحرك للتنمية ما يقتضي في نظري تغيير "الموديل" أو المنوال الفلاحي الحالي الذي بلغ مداه وصار عاجزا عن تقديم الإضافة. ولابد من "موديل" جديد يعيد الاعتبار للفلاحة كقطاع دافع للاقتصاد وللتنمية جالب للاستثمار مستقطب للشباب ولأصحاب الشهائد.. تتكامل صلب منظوماته حلقتا الإنتاج والتحويل . الفلاحة والصناعات الغذائية *من هذا المنطلق إذن يتنزل توجه القيادة الجديدة لوزارة الفلاحة في اقتراح عودة حلقة تحويل المنتوجات الفلاحية إلى "الفلاحة"..لكن هل سيكون هذا بالأمر الهين واليسير؟ - في عديد بلدان العالم ترتبط الفلاحة بشكل لصيق بقطاع الصناعات الغذائية و في ايطاليا وفرنسا.. وغيرهما تجمع الوزارة بين الإنتاج والتحويل فلم لا يكون الأمر كذلك عندنا. الفكرة إذن ليست جديدة وجديرة بالدراسة والطرح لكنها تتطلب وقتا. علما أنه بإعادة حلقة التحويل إلى مظلة الفلاحة ما يحقق الإضافة والرفع من مردودية القطاع برمته. ولا يراد من هذا التوجه كما تخوف من ذلك البعض لدى تسميتي في هذا المنصب ضرب القطاع الخاص بالنظر لمرجعيتي.هذا غير وارد بالمرة و يقيني أن الشراكة بين القطاعين مطلوبة. وتواجدي بالوزارة يمنحني مسؤولية جديدة ورؤية شاملة تراعي مصلحة كل الأطراف من فلاحين وصناعيين. مع التأكيد على ضرورة حضور الدولة وعدم التخلي عن دورها الداعم للقطاع لا سيما في القطاعات الإستراتيجية مثل الحبوب والحليب.. ملف الدعم * على ذكر الدعم كنت دائما تدافع وتطالب بمراجعة سياسة الدعم الموجهة للقطاع وتصويبه نحو المنتجين مباشرة باعتبارهم الحلقة الأضعف في مستوى الاستفادة بالدعم وتستدل في هذا الشأن كثيرا بمادتي الحليب والسداري فهل لا زلت على موقفك هذا؟ - يعد ملف الدعم ومراجعة سياسة توجيهه نحو قطاعات الإنتاج من الملفات الأساسية لأن الفلاح يبقى الحلقة الأضعف في الاستفادة من الدعم مباشرة لكن طرح هذا المشغل يبقى من المواضيع الحيوية والأساسية التي يجب فتحها وبحث أنسب الحلول والخيارات لتسويتها. بالنسبة لمادة السداري الكل يعلم حدة المشاكل المسجلة على مستوى التوزيع والتزويد وما تفرزه من تجاوزات.والأسوأ أنها بصدد خلق سوق سوداء. لذا نرغب في إيجاد نظرة جديدة لعملية توزيع هذه المادة التي يوجه فيه الدعم بصفة غير مباشرة للفلاح. وهناك مقترحات حلول لهذا الموضوع قابلة للدراسة. ظرفية صعبة * تتزامن انطلاقة الموسم الفلاحي الجديد مع ظرفية اقتصادية ومناخية صعبة فكيف تم الاستعداد لهذا الموعد الهام؟ - الوضع صعب لكن نأمل أن تتحسن العوامل المناخية ونحن على أبواب موسمي خريف وشتاء وإن شاء الله ينزل الغيث وتتحسن الموارد المائية. إلى هذه المعطى فإن المالية العمومية تمر بدورها بفترات صعبة وهذا لا بد من مراعاته لكننا سنعمل على إنجاح الموسم الفلاحي وعلى أن تأخذ الفلاحة حظها من الموارد المالية. وقد انطلق الاستعداد لموسم الزراعات الكبرى مبكرا. ورغم النقص المسجل في البذور الممتازة تم تدارك الوضع ببرمجة الكميات الكافية من البذور العادية لتغطية حاجيات البذر والترتيب لحسن توزيعها لتفادي اضطرابات التزود بمناطق الإنتاج. وسنركز على تكوين مخزون استراتيجي من البذور الممتازة مستقبلا . وسنعمل في هذا المجال على دعم الشركات التعاونية الناشطة في المجال إلى جانب دعم الاستنباطات الوطنية من بذور الحبوب ولأول مرة تم بالنسبة لهذا الموسم إقرار نسبة عائدات من بعض أصناف الاستنباطات الخاضعة لعقود استغلال تجاري لفائدة البحث العلمي الفلاحي والباحثين .وهو إجراء رغم محدودية الاعتمادات التي يوفرها حوالي100ألف دينار فإن من شأنه تثمين حقوق الاستنباط والتحفيز على مزيد دعم البحث وتوجيه مشاريعه وبرامجها لخدمة القطاع وتطوير إنتاج الحبوب كما وكيفا. والحرص على حماية بذور الحبوب الأصلية من الاندثار باعتبارها رمز سيادة وطنية وجب المحافظة عليه حتى لا يكون مصيره مثل عديد قطاعات الإنتاج التي تشكو تبعية مطلقة في مجال البذور للخارج. أسعار الأسمدة * بعد الإعلان عن المحافظة على استقرار أسعار بذور الحبوب ماذا تقرر بالنسبة للأسمدة التي يعارض المنتجون بشدة الزيادة المعلنة في أسعارها قبل الصائفة الماضية؟ - نحن نطالب بتعليق الزيادة في الأسمدة لكن الملف لم يحسم أمره نهائيا رغم أن وزير الفلاحة السابق سعد الصديق قدم مقترحا في الغرض للحكومة السابقة دون أن يصدر عنها أي قرار حول التراجع عن الزيادة. وعلى كل هناك خيارات مطروحة في حال تم التمسك بالترفيع في الأسعار من بينها إمكانية مراجعة أسعار الحبوب عند التسليم. معضلة الأراضي المهملة *من بين الملفات الحارقة ملف الأراضي الدولية المهملة التي تشكل عبئا ثقيلا على ديوان الأراضي الدولية،هل من توجه لحلحلة هذه المعضلة؟ - فعلا هي من الإشكاليات المرهقة التي تستوجب حلولا عاجلة ومتابعة جدية للملف باعتبار الضغط الكبير الذي يطرحه التصرف فيها على ديوان الأراضي الدولية الذي يتصرف في 150ألف هكتار من الأراضي بإمكانيات مادية محدودة لتضاف إليه 60ألف هكتار من الضيعات العائدة إليه في إطار إجراءات إسقاط الحق ما يطرح عبئا ثقيلا على تدخلاته ويجعل هذا المخزون العقاري عرضة للإهمال. لهذا سنعمل على معالجة هذا الملف العاجل وبحث الخيارات الكفيلة بالاستغلال الأنجع لهذه الأراضي عبر تأهيلها وتخصيص الموارد اللازمة لذلك وإبقائها تحت إشراف الديوان أو إعادتها إلى الخواص وإيجاد آليات وضوابط استغلال ناجعة. حتى لا تبقى خارج دائرة الإنتاج. الملف مفتوح وسنشتغل عليه. منية اليوسفي