سارعت وزيرة التعليم الجزائرية نورية بن غبريت إلى الإعلان عن سحب الكتاب الذي تضمن خريطة وضع فيها اسم إسرائيل بدلا من اسم فلسطين، وذلك بعد الضجة التي أثارتها صورة الخريطة التي تم تداولها على نطاق واسع أمس الأول على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت الوزارة قد أصدرت بيانا أعلنت فيه عن السحب الفوري لكتاب الجغرافيا للسنة الأولى من التعليم المتوسط، وهو الكتاب الذي تم طبعه هذه السنة في إطار إصلاحات الجيل الثاني التي تقودها الوزيرة بن غبريت، مشيرة إلى أن قرار السحب يعود إلى خطأ مطبعي! وأشار البيان إلى أن الوزارة وبعد أن اكتشفت ورود خطأ مطبعي في إحدى صفحات كتاب الجغرافيا، أمرت بسحب الكتاب فورا، وتكليف الناشر بتصحيحه وإعادة طبعه مجددا، دون أن يشير البيان إلى نوعية الخطأ المطبعي، ولا السبب الذي جعل وزارة التعليم تقرر سحب الكتاب فورا، لكن البيان نفسه يؤكد الإعلان عن تحقيق لمعرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع هذا الخطأ، مع الإشارة إلى أن النسخة التي صادقت عليها اللجان المختصة على مستوى الوزارة لم تتضمن هذا الخطأ، وبالتالي فإن المسؤولية يتحملها الناشر، يشير البيان. ورغم التحرك السريع لوزيرة التعليم إلا أن الجدل لم يتوقف، خاصة وأن الكثير من وسائل الإعلام ومن خصوم الوزيرة بن غبريت سارعوا إلى مهاجمتها، وتحميلها مسؤولية الخطأ، الذي اعتبره هؤلاء مقصودا من الوزيرة، وأنه تنفيذ لأجندة خارجية كما يقول بعض خصومها، فيما يرى آخرون أنه تقصير خطير، وأنه دليل فشل الإصلاحات التي تروج لها الوزيرة، أو أن الأمر يتعلق بعملية تخريب من الداخل، وأنه سواء كانت الوزيرة هي التي تقف وراء هذا الخطأ، وهذا أمر مستبعد، أو أن الأمر يتعلق بمؤامرة داخلية، أو بتقصير داخل الهيئات المكلفة بالرقابة على مستوى وزارة التعليم، فالوزيرة تظل في نظر كل هؤلاء هي التي تتحمل المسؤولية كاملة، كما أن هذه «الفضيحة» تأتي أشهرا قليلة بعد فضيحة تسريب مواضيع البكالوريا، التي اعتبرتها الوزيرة بن غبريت وحتى رئيس الوزراء عبد المالك سلال مؤامرة لضرب استقرار البلاد، ورغم الإعلان عن توقيف بعض الأساتذة والعاملين في ديوان الامتحانات والمسابقات، إلا أنه لم يظهر شيء عن نتائج التحقيق، رغم أن السلطات أعلنت عن تجنيد كل الإمكانيات اللازمة لكشف كل أطراف المؤامرة، ما دامت السلطات العليا ممثلة برئيس الوزراء سارعت للإعلان عن أن الأمر لا يتعلق فقط بتسريب للأسئلة بغرض توفير فرص أكبر للظفر بشهادة البكالوريا، بل بعملية إجرامية هدفها ضرب استقرار البلد. وتأتي قضية كتاب الجغرافيا لتزيد في متاعب الوزيرة، التي أصبحت في موقع ضعف، وقد تتم التضحية بها في أقرب تعديل حكومي، خاصة إذا ما عرف قطاع التعليم اضطرابات أخرى خلال المرحلة المقبلة. صحيح أن الرئاسة متمسكة ببن غبريت ومصرة على إعطائها الفرصة لمواصلة إصلاحاتها، لكن الأكيد أنه سيتم التخلي عنها عندما يصبح الدفاع عنها قضية خاسرة. (القدس العربي)