- الخلافات الحزبية أوقفت قانون الانتخابات البلدية - هناك أحزاب ترى أنها غير جاهزة لخوض البلديات - انتخابات المجلس الأعلى للقضاء ناجحة بكل المقاييس - المجتمع المدني قام بخروقات خلال انتخابات مجلس القضاء - تأخير الانتخابات سيعود بالضرر على الجميع دون استثناء - تحيين السجل الانتخابي سيكون التحدي الأكبر للهيئة قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار أن التجاذبات السياسية والحزبية مازالت تحول دون إرساء المحكمة الدستورية، معتبرا في نفس السياق أن انتخابات المجلس الأعلى للقضاء كانت ناجحة بكل المقاييس، وعلى صعيد آخر أقرّ صرصار في حوار ل»الصباح» بوجود خلافات سياسية بين الأحزاب المكونة لمجلس نواب الشعب تقف عائقا أمام نشر قانون الانتخابات البلدية في أقرب الآجال، وفي مايلي نص الحوار: كيف تقيمون مسار أول انتخابات للمجلس الأعلى للقضاء بعد الثورة؟ أول انتخابات كانت ناجحة بشكل كبير وهذا النجاح يقاس بثلاثة مستويات أولها ثقة القضاة الذين كلفوا الهيئة بالسهر على انجاز هذه الانتخابات، إضافة إلى أن نسبة مشاركة القضاة كانت هامة وقياسية وهو أمر ايجابي، كما أن القبول بالنتائج من قبل مختلف الأطراف يدل على نجاح الهيئة في الإشراف على هذا الحدث التاريخي الهام، كما يجب الإشارة إلى أن نسبة المنتخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و55 سنة كانت مرتفعة، وكل هذه العوامل تؤكد بلا شك ولا مواربة نجاح انتخابات المجلس الأعلى للقضاء، وبصفة عامة نحن راضون على عملنا داخل الهيئة. هل لاحظتم خلال انتخابات المجلس الأعلى للقضاء خروقات من أجل التأثير على مسارها لحساب أطراف سياسية؟ ليس هناك تسييس بالمعنى الصحيح خلال هذه الانتخابات، ولا يمكن الحديث عن تجاذبات سياسية أو خروقات قامت بها جهات سياسية من أجل التأثير على النتائج، لكن هناك انقسامات داخل المهن المعنية بالانتخابات كانت واضحة خلال عمليات التصويت وهو أمر طبيعي من وجهة نظرنا، لكن ما رصدناه هذه المرة تجاوزات من قبل ملاحظين من المجتمع المدني الذي كان يفترض أن يبقى بعيدا عن كل أشكال الانحياز إلى طرف على حساب آخر، حيث وثقت الهيئة قيام بعض الملاحظين عند الخروج من مكاتب الاقتراع بمحاولة التأثير على الناخبين، إضافة إلى محاولة البعض الآخر الدخول بالقوة إلى مكاتب الاقتراع بمساندة ملاحظين آخرين، وقد تم توثيق كل هذه التجاوزات وسيقع القيام بالتتبعات العدلية اللازمة. بعد تركيز المجلس الأعلى للقضاء، هل تتوقعون التسريع بإنشاء المحكمة الدستورية؟ الآن واثر الانتهاء من انتخابات المجلس الأعلى للقضاء بات من الضروري التفكير في إرساء المحكمة الدستورية ولم يعد هناك مانع قانوني أو دستوري خاصة وأن مثلث الشروط اللازمة اكتمل، وليس هناك عذر لمزيد تأخير تأسيس هذا الهيكل، لكن يبدو أن التجاذبات السياسية هي التي مازالت تحول دون ذلك. ما هي آخر التطورات بخصوص الانتخابات البلدية؟ الوضع الآن متوقف تماما، من جهتنا في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قمنا بواجبنا في هذا الاتجاه من أجل الإسراع بإجراء الانتخابات البلدية وحاولنا جمع كل الأطراف على طاولة الحوار ووضعنا خارطة طريق في سبتمبر 2015 وأكدنا حينها أنه يمكن انجاز الانتخابات البلدية في 2016، وتم تجاوز ما حددته الهيئة إلى 2017، لكن هناك إشكال كبير يجب أن يعلمه الجميع وهو أن الهيئة لم تطلب شيئا ولم تضع شروطا مسبقة، والمطلوب هو أن يكون هناك حيز 8 أشهر بين نشر القانون والانتخابات، بما يعني أنه إذا تم إصدار القانون في جانفي 2017 يمكن إجراء الانتخابات البلدية في أكتوبر 2017، لكن ما نطلبه هو إتاحة حيز زمني للقيام بالتحضيرات اللازمة وطلبنا أن تكون هناك رؤية واضحة لانجاز هذا الموعد الانتخابي وإنجاحه، وإذا كانت الأطراف المعنية جادة فما عليها سوى التسريع بالمصاقة على القانون، حتى نتمكن من إجراء الانتخابات خلال السنة القادمة، وإلا يقع تأجيلها إلى 2018 . ما الذي يحول دون انجاز الانتخابات البلدية في 2017؟ من جهتنا كهيئة عليا للانتخابات نحن على استعداد تام لهذا الموعد، لكن هناك عوامل تخرج عن نطاقنا وهناك عوائق لا نتحمل مسؤوليتها، أهمها عدم نشر القانون الانتخابي، ومجلس نواب الشعب هو المسؤول الأول على هذا الأمر، وتحديدا التجاذبات السياسية بين مكونات المجلس مازالت تعيق نشر هذا القانون، حيث أن هناك أحزابا مستعدة للانتخابات وأحزابا مازالت لم تتهيأ بعد وتخاف وتريد تأخير الانتخابات لتوفير أكثر ما يمكن من فرص النجاح. فيما تتمثل طبيعة الخلافات بين الأحزاب بخصوص قانون الانتخابات البلدية؟ أساسا هناك نقطتان خلافيتان أساسيتان، أولهما نقطة العتبة التي تعني الحد الأدنى الذي بمقتضاه يتم الحصول على مقعد، وهناك من يقول بنسبة 2 بالمائة وهناك من يطالب بنسبة 3 بالمائة، وثانيهما مسألة تصويت الأمنيين والعسكريين التي تعكس معركة سياسية بين جملة من الأطراف المكونة لمجلس نواب الشعب الذي تبقى له كلمة الفصل في السماح من عدمه للأمنيين والعسكريين بالتصويت، لكن نحن في الهيئة العليا قلنا أنه في حال الموافقة على ذلك يجب إضافة فصل بمقتضاه يمكن للهيئة أن تحدد يوم الاقتراع وإجراءات الاقتراع، وعليه تخصيص يوم للأمنيين والعسكريين للقيام بالانتخاب، وشخصيا أعتبر أنه بالإمكان تجاوز هذه الإشكالات في ظرف 10 دقائق إذا توفرت الإرادة لأنها مسائل بسيطة ولا تستحق كل هذا التأجيل والتأخير، والقاعدة الديمقراطية تقول أنه إذا اختلفنا حول أمر ما، نلجأ إلى التصويت. كيف تنظرون إلى مسألة تصويت الأمنيين والعسكريين في الانتخابات؟ لكل دولة خيارتها، ونحن في تونس منذ الاستقلال خيرنا تحييد المؤسستين العسكرية والأمنية وإبقائهما على مسافة من الحياة السياسية، لكن اليوم نرى في العديد من الديمقراطيات في العالم تقوم بتشريك الأمنيين والعسكريين في عملية التصويت خلال المواعيد الانتخابية، لكن نحن في الهيئة لا نعطي رأينا في مدى أحقية هذه الفئة بالاقتراع، وما نؤكد عليه أننا في الحالتين نحن على استعداد لإجراء الانتخابات في ظروف ملائمة. هل هناك مشاكل مالية وتحديدا فيما يتعلق بالميزانية المخصصة لانجاز هذه الانتخابات؟ الأمور مرتبطة ببعضها البعض حيث أن كل ما يتعلق بالانتخابات البلدية مرتبط أساسا بنشر القانون المنظم لكل جزئياتها، ومسألة الميزانية مرتبطة بإصدار القانون. هل بدأتم بتحيين السجل الانتخابي؟ دون شك سيقع تحيين السجل الانتخابي الذي توقف منذ 2014، ونعتبر أن ذلك هو التحدي الأكبر بالنسبة لنا، وفي تونس لدينا 177 ألف شاب يبلغون سن 18 ويجب إدخالهم إلى السجل، كما يجب شطب المتوفين من القائمات الانتخابية تجنبا لأي شبهات يمكن أن تعكر المسار الانتخابي، إضافة إلى الأشخاص الذين لم يقوموا بالتسجيل منذ 2011 والراغبين في التسجيل، وشخصيا أعتبر أن هذه المسألة الدقيقة تحديا كبيرا سنعمل على رفعه من أجل ضمان انتخابات شفافة ونزيهة، وأريد في هذا السياق وعبر هذا المنبر الإعلامي أن أوجه رسالة إلى الطبقة السياسية بضرورة الإسراع بإنهاء الخلافات الحزبية العالقة لانجاز الانتخابات البلدية التي تعتبر خطوة هامة على طريق الانتقال الديمقراطي، لأن تأخيرها سيعود بالضرر على الجميع دون استثناء. وجيه الوافي جريدة الصباح بتاريخ 16 نوفمبر 2016