الضحية الثالثة التي استمعت اليها هيئة الحقيقة والكرامة أمس خلال الجلسة العلنية الثالثة هو سالم كردون عميد متقاعد من الجيش الوطني ينتمي الى مجموعة ما سمي بقضية "براكة الساحل" التي شملت 244 عسكريا اتهموا في عهد بن علي بمحاولة القيام بانقلاب على الحكم وتسليمه لحركة النهضة". سالم كردون من مواليد شهر نوفمبر 1950 بقرقنة التابعة لولاية صفاقس. يقول أنه في 1972 تحصل على شهادة الباكالوريا رياضيات والتحق بالأكاديمية العسكرية ثم تخرج في سنة 1977 برتبة ملازم وقام بعدة تربصات بعدة بلدان على غرار المغرب وبالتكساس ثم في سنة 1988 التحق بكلية القيادة والأركان واشتغل بعدة خطط داخل الجيش وكان مثلما يقول متفانيا في خدمة الوطن واشتغل مدير دراسات.. وفي شهر ماي 1991 تم ايقافه وأودع بمركز الإيقاف ببوشوشة وتعرض الى ألوان التعذيب والتنكيل لإجباره على الإعتراف بمشاركته في اجتماع لقيادات عسكرية في منزل ببراكة الساحل والتخطيط صحبة مدنيين ينتمون إلى حركة النهضة للقيام بانقلاب على نظام بن علي والإستيلاء على الحكم وتسليمه الى تلك الحركة. واضاف أن الغاية من تلفيق قضية براكة الساحل له ولبقية المجموعة ضرب المؤسسة العسكرية. يقول سالم كردون أيضا أنه تعرض طوال مدة البحث معه على يد أعوان إدارة أمن الدولة إلى الضرب والتعليق والصعق بالكهرباء في مناطق حساسة من جسمه "أعضائه التناسلية"، مما خلف له تمزقا على مستوى الخصيتين حرم بسببه من الإنجاب هذا بالإضافة الى ثقب في أمعائه واصابته بقصور كلوي حاد. يضيف أن تلك التهمة التي اختلقها بن علي اعتبرها عبد الله القلال مؤامرة اذ ادلى هذا الأخير بتصريح صحفي قال فيها أن هناك مؤامرة واستيلاء على الحكم من قبل مجموعة براكة الساحل لتسليمه الى حركة النهضة. يواصل سرد مأساته ويقول أنه يوم 6 ماي 1991 منع من الدخول الى وزارة الدفاع الوطني من طرف ضابط صف وفي تلك الفترة يقول أنه تم ايضا ايقاف مدير الإستخبارات والإستعلامات في أركان جيش البر وعدة كوادر أخرى. وفي تلك الفترة أيضا تم تجريده من رتبته واصطحب الى الطابق الخامس بوزارة الداخلية أين أعلموه بأنه متهم بمحاولة القيام بانقلاب على الدولة ضمن مجموعة براكة الساحل وجردوه من ملابسه وعذبوه وقال أنه في تلك اللحظة من التعذيب الشنيع كان يتمنى الموت. شهادة سالم كردون تخللتها الدمعة والإبتسامة. يقول ايضا أن من المهازل التي حصلت في تلك الفترة أيضا أنه بعد تعذيبه نقل الى المستشفى العسكري وقدم الى ادارة المستشفى باسم مستعار وهو "صالح الكواش". يضيف أنه ذات يوم أتاه أحد الجلادين وقال له حرفيا "قلتلهم اعفوني من الخدمة ولكنهم رفضوا". يضيف سالم كردون أنه جراء ما تعرض له من أهوال التعذيب بقي مقعدا طيلة ثلاث سنوات وكشف أن ما كان يمارس في تلك الفترة التي أوقف فيها في السجون من ممارسات شاذة وغير مقبولة بالمرة يندى لها الجبين . صدر في حق سالم كردون حكما بالسجن يقضي بسجنه ثلاث سنوات من أجل تهمة المشاركة في تغيير السلطة الحاكمة والانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها ، رغم أن رئيس الجمهورية أقر آنذاك بأن الانقلاب لم يكن حقيقيا وأنه سيتم إعادة العسكريين إلى خططهم الوظيفية. يضيف أنه قضى فترة العقوبة السجنية بين أربعة سجون وحتى بعد مغادرته السجن بقي يعاني من المراقبة الإدارية المتمثلة في الإمضاء الدوري يوميا طيلة خمس سنوات وحرم بالتالي من الحصول على عمل بعد أن أحيل بعد تلك القضية على التقاعد الوجوبي. وأكد سالم كردون أن الغاية من ادلائه بشهادته أن لا تتكرر مثل تلك الممارسات في المستقبل مشددا على ضرورة اصلاح المؤسسة السجنية مؤكدا أنه لم يكن "نهضاوي" وبأن النهضاوي كان يناضل "البرا" أما هو فيناضل في الداخل وعبر عن شكره لبعض النهضاويين الذين التقاهم داخل السجن. وتابع سالم كردون قائلا " الى يومنا هذا عندما أشاهد سيارة شماد "سيارات البوليسية في تلك الفترة" نبدا نرعش" مضيفا بأنه لا يملك جواز سفر لأنه أصبحت لديه عقدة من الأمنيين وأصبح لديه خوف من الذهاب الى المراكز الأمنية لإستخراج وثيقة ما على غرار جواز السفر. وأشار في شهادته أن ما عرف بمجموعة براكة الساحل ضمت 244 شخصا بينهم أربعة مفقودين و25 ضابط سامي و88 ضابط عون و82 ضابط صف و49 من رجال الجيش. وعبر عن شكره لرئيس الجمهورية سابقا المنصف المرزوقي وقال أنه الوحيد الذي رد الى مجموعة براكة الساحل اعتبارهم واعتذر لهم باسم الدولة وأعاد لهم رتبهم، وشكر كذلك المحامين على غرار المحامي عبد الرؤوف العيادي. وشدد من أن طلبه كشف الحقيقة لا غيرها كما طلب من القيادات الأمنية والعسكرية في تلك الفترة تقديم تفسيراتهم حول تلك الحادثة حتى تنكشف الحقيقة حول قضية براكة الساحل وطلب أيضا من قيادات الجيش وأيضا الداخلية بأن ينقدوا ذاتهم كي لا يتكرر ما حصل في الماضي. وطالب بانصاف بعض الذين ظلموا من المؤسسة العسكرية وهم الذين تم طردهم تعسفيا حتى نقول أننا وفق تصريحه وصلنا الى المصالحة الحقيقة بعيدا عن منطق التشفي. وختم قائلا "اطلب من الجلادين الإعتراف ..".