تمحورت الشهادة الخامسة خلال الجلسة العلنية الخامسة مساء السبت لهيئة الحقيقة والكرامة حول التجنيد القسري وكانت لأحد المنتمين للتيار الإسلامي فريد التليلي الذي تم تجنيده قسريا سنة 1990 اثر حملة شنها نظام بن علي ضد المعارضين السياسيين سواء الناشطون بالاتحاد العام لطلبة تونس أو المنتمون للتيار الإسلامي. يقول فريد التليلي أن فيلق من بوليس بن علي كان اقتحم المبيت الجامعي الذي يدرس فيه اختصاص تقنية بمدينة نابل واقتادوه ومجموعة من الطلبة إلى فرقة الأنياب بنابل ثم مركز التجنيد بسوسة وبعد ذلك قبلي ثم قرعة بوفليجة بقصر غيلان بدوز. هناك يقول أنه وبقية الطلبة أخضعوا إلى تعذيب ممنهج في شكل تدريبات فقد كانوا يجبرون المجندين قسريا على الزحف فوق الحصى واستمرت تلك الحالة بثكنة رمادة وايضا المصيدة ببنزرت ثم جزيرة زمبرة. بعد أن تدهورت حالته الصحية تم اعفاؤه من إتمام بقية المدة. يواصل فريد التليلي سرد انتهاكات الماضي التي تعرض لها وقال انه كان تلميذا مثابرا وناجحا في دراسته ورغم ذلك يفاجئ بأنه رسب ليكتشف بعد ذلك أنه تم افتعال رسوبه أكثر من مرة وطرد من المعهد فرفع الأمر إلى المندوبية الجهوية للتربية بالكاف وتمت اعادته للدراسة مع ارساله إلى أحد المعاهد بمدينة قعفور أين حالفه الحظ اذ سانده مدير المعهد والذي اتضح وانه أستاذه الذي درسه مادة التقني وبفضله اعيد للدراسة بالمعهد الفني بالكاف الذي سبق وأن طرد منه وتزامن ذلك مع خوضه امتحان الباكالوريا وقد اجتاز امتحان البكالوريا بنجاح. دخل الجامعة سنة 1990 ولم تنته معاناته ففي تلك السنة اقتحمت قوات الأمن المبيت الجامعي بنابل واوقف بمعية طلبة اخرين بينهم معاق وضرير وتم اقتيادهم من قبل البوليس إلى قرعة العطش وهناك تعرضوا إلى التعذيب إذ كانوا يجردونهم من ملابسه وكان من بين الضحايا الآخرين ضابط صف ( تحصل على شهادة الباكالوريا بعد 11 سنة ) كان الجلادون يعلقون ضابط الصف أمام بقية المجندين قسريا ويضربونه ضربا مبرحا انتهى بوفاته بعد ثلاثة أشهر من التجنيد. رغم ما تعرض له فريد التليلي من معاناة لم يثنه ذلك من المضي قدما والكفاح من أجل إثبات ذاته إذ واصل الدراسة بجامعة حرة وتمكن من الحصول على شهادة الأستاذية اختصاص مهندس في البرمجيات وتمكن من الحصول على عمل بشركة المانية ولكن قبل تحقيق ذلك اودع بعدة سجون تونسية غادرها أواخر 1999 وفي نفس السنة واصل دراسته الجامعية وتحصل على شهادة جامعية مثلما أشرنا آنفا ثم تزوج وأنجب ثلاث اطفال. الشهادة السادسة والأخيرة في الجلسة العلنية الخامسة لهيئة الحقيقة والكرامة تعلقت أيضا بالتجنيد القسري ضحيته محمد بن محمد توفي جراء التعذيب الذي مورس عليه أواخر سنة 1990. محمد تم تجنيده قسريا لما كان طالبا بالجامعة. روت زوجته سلمى في شهادتها قائلة إن زوجها كان ضبط صف عزل من عمله لانتمائه لحركة الاتجاه الاسلامي(حركة النهضة ). وتم تجنيده قسريا بعد حصوله على شهادة الباكالوريا ودخوله الجامعة. رغم وفاة زوجها جراء ما تعرض له من تعذيب فإن مأساة سلمى لم تنتهي إذ منعت من إتمام دراستها بالمعاهد لانها تمسكت بارتداء الحجاب ومنعت من الارتزاق فضلا عن إخضاعها إلى المراقبة الادارية. تجدر الإشارة أن هيئة الحقيقة والكرامة ستستمع يوم 26 جانفي الجاري الى شهادات أخرى لضحايا انتهاكات الماضي.