أثار تقرير صادر عن لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، "إسكوا"، انزعاجا في العديد من الدول العضوة في الأممالمتحدة، بالنظر لما احتواه من انتقادات غير مألوفة طالت سياسات الكيان الصهيوني والأنظمة العربية، فقد حذر التقرير من تبعات سياسات يمكن أن تقود إلى ثورات دامية في المنطقة. كشفت أمس عدد من مصادر الإعلام، منها قناة وموقع "الميادين"، عن تفاصيل التقرير الذي مُنع من الصدور الرسمي والعلني، حيث أكد تقرير الهيئة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة أن إسرائيل دمرت 531 قرية فلسطينية بين عامي 1947 و1949، وأنها طردت الفلسطينيين من قراهم ومنعتهم من العودة. في نفس السياق، أشار التقرير إلى أن قرار التقسيم منح إسرائيل أكثر من نصف مساحة فلسطين التاريخية، وهي احتلت نصف مساحة الدولة الفلسطينية، مستطردا بأن حصر الظلم الواقع على الفلسطينيين فيما جرى عام 1967 وما تبعه هو ظلم في حد ذاته، وأن من أسوأ جرائم إسرائيل ممارستَها سياسة التمييز المنهجي بحق الفلسطينيين. وسبق للمنظمة الأممية أن تناولت بإسهاب، في تقرير خاص صادر عن الجمعية العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الوضعَ الذي تعيشه فلسطينالمحتلة، وأعلن في قرار 17/2015 عن القلق من ممارسات إسرائيل، واصفة إياها بالسلطة القائمة بالاحتلال في الأرض الفلسطينيةالمحتلة والجولان السوري المحتل، والتي شكلت انتهاكا للقانون الدولي الإنساني. وتستخدم إسرائيل في الأرض الفلسطينيةالمحتلة والجولان السوري المحتل سياساتٍ وممارسات تمييزية، تشمل الاستخدام المفرط للقوة والقيود على التنقل، بما في ذلك الحصار المفروض على غزة، والتوسع الاستيطاني وتدمير الممتلكات واستغلال الموارد الطبيعية. وينعم العسكريون وأفراد الأمن الإسرائيليون والمستوطنون بالحصانة من العقاب، ولا يشكّل الأثر التراكمي لهذه السياسات والممارسات انتهاكاً لحقوق السكان فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى تفاقم أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية. الفتنة الطائفية تُهدِّد العرب ولم يقتصر تقرير منظمة "إسكوا" على انتهاكات الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة وممارساته العنصرية، بل تعدى إلى تشريح الوضع السائد في المنطقة العربية، فقد حذّر التقرير من "ثورات دموية" في العالم العربي إذا استمرت حالات القمع، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن العدل والتنمية دون وأد الفتنة الطائفية التي تشكّل تهديداً وجودياً للعالم العربي. وأشار التقرير إلى أنّ غالبية الدول العربية ابتُليت بالاستبداد والفساد وتهميش الصالح العام، ورأى أنه لا بدّ من عقد اجتماعي جديد يحقق قدراً من العدل في العالم العربي، كما أشار إلى أنّ فئات كثيرة في العالم العربي تعاني من انتقاص حقها في المشاركة بالسلطة، مضيفاً أن النخب الحليفة للقوى الاستعمارية قمعت الشعوب خوفاً من النزعات الاستقلالية. وذكر التقرير أن هناك دولاً عربية تجرّد مواطنيها من جنسياتهم، في مخالفة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويلفت إلى أن المنطقة العربية تضم أكبر عدد من اللاجئين في العالم، وأن النخب العربية الحاكمة تعيش "حالة قلق" جرّاء غياب الشرعية، ما يدفعها إلى المبالغة في القمع. تجدر الإشارة إلى أن المقر الرئيسي للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "إسكوا" يقع في بيروت بلبنان، وهي واحدة من 5 لجان إقليمية أسسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. وينص ميثاق الأممالمتحدة على توفير عوامل الاستقرار والرفاهية، وكلاهما عنصران أساسيان لإقامة علاقات سليمة وودية بين الأمم، وذلك على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق الذي يضمن لها حق تقرير المصير ويوفر فرصاً متساوية، بما في ذلك تحقيق مستوى معيشة أفضل وتأمين العمل للجميع، من خلال التحفيز المستمر للنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. وعلى ضوء ذلك، أُنشئت اللجان الإقليمية الخمس في الأممالمتحدة، والهدف منها تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الواردة في الميثاق، من خلال تعزيز التعاون والتكامل فيما بين البلدان في كل منطقة من مناطق العالم. (الخبر الجزائرية)