قال العميد شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إن مسؤولي الوكالة الكورية الدولية للتعاون عبروا له وللوفد المرافق له في زيارته إلى العاصمة الكورية مؤخرا عن إعجابهم بمستوى تقدم نشاط الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وجدية عملها في متابعة وتجسيد برامج التعاون مع الوكالة وأكدوا على جاهزيتها لتوفير الدعم لكل مبادرة جديدة تقوم بها الهيئة في مكافحة الفساد، وشمل الإعجاب أيضا المساعدة التي يقدمها فريق برنامج الأممالمتحدة الإنمائي في تونس لما تعرفه برامج مقاومة الفساد من تقدم. وكانت هذه الزيارة التي امتدت على خمسة أيام بحضور سعادة سفير تونسبكوريا الجنوبية محمد علي النفاتي ووزير الموظفين والتصرف، قد بدأت بزيارة اللجنة الكورية لمقاومة الفساد ولحماية حقوق المواطن، وهي مؤسسة عمومية مماثلة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعتبر أنموذجا يحتذى في العالم خصوصا للدول النامية والتي تعرف حالات انتقال ديموقراطي في مجال الحوكمة الرشيدة والنزاهة والشفافية، وخصوصا نظام "مبادرة تقييم مقاومة الفساد" وتهدف إلى تقييم النزاهة في المؤسسات العمومية التي تشغل أكثر من 150 موظفا أو التي يتجاوز رقم معاملاتها 300 مليون دولار. ومكن هذا النظام كوريا الجنوبية من أن تكون في مقدمة الدول الناجحة في مقاومة الفساد والتزام النزاهة، واكتشف الوفد التونسي أن الموظف في القطاع العمومي الكوري مجبر قانونا على تلقي ساعتي تكوين سنويا في مقاومة الفساد، فيما تطالب اللجنة الكورية لمقاومة الفساد برفعها إلى عشر ساعات سنويا، كما يجبر القانون كل المؤسسات العمومية على نشر نتائج تقييم النزاهة الذي تحصلت عليه وفق برنامج التقييم في مواقعها الالكترونية وفي وسائل الإعلام. ويذكر العميد شوقي الطبيب أنه فوجئ بأن الشرطة الكورية قد حصلت على أفضل تقييم نزاهة وشفافية في عام 2016، هو ما يدل على مدى جدية وتطور إرادة مكافحة الفساد والتزام القانون في هذا البلد ويفسر جزءا من نجاحه الاقتصادي الباهر. وكان لوفد الهيئة فرصة للاطلاع على أحدث تقنيات مقاومة الفساد والتبليغ عنه وطرق المراقبة العمومية والمجتمعية للتصرف العمومي والتفاعل اليومي الحيني بين المواطنين والإدارة بأربعة عشر لغة أي أن التبليغ عن الفساد متاح للأجانب وحتى لا يكون عائق اللغة مبررا للصمت. وارتفع عدد القوانين التي تحظى على كشف الفساد من 180 إلى 279 في الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى منظومات أخرى كثيرة تفرض مثلا على الموظفين العموميين تسجيل ممتلكاتهم، وهو أجراء إجباري على 20% من الموظفين وأولهم المسؤولون على تسليم الرخص وإجازاتها، أما كبار المسؤولين العموميين والسياسييون فهم مجبرون على التصريح الآلي للعموم بممتلكاتهم على أن تخضع تلك التصريحات للتدقيق من لجان مستقلة في 265 مؤسسة عمومية أعضاؤها من خارج تلك المؤسسات. وتقدم العاصمة الكورية سيول أفضل أنموذج للتصرف الرشيد والنزيه تسميه "التصرف العاري"، أي سياسة الشفافية التامة التي لا يحجب فيها شيء عن العموم، حيث بإمكان أي مواطن أن يطلع في أية لحظة على تفاصيل الصفقات العمومية وعقودها وتقدمها ومدى مطابقتها للأصل. وكشفت هذه الزيارة عن جزء من أسرار النجاح الاقتصادي الذي رفع كوريا خلال ثلاثة عقود فقط من صف الدول التي تعيش على المساعدات الدولية إلى قوة اقتصادية عظمى، وهو التصرف النزيه الشفاف، حيث يقارب الفساد مستويات الصفر، وتعود كل خيرات البلاد إلى الدولة الأمينة على مصالح الشعب.