قال رئيس قسم الطب الشرعي بشارل نيكول ورئيس وحدة الانجاد، منصف حمدون، في تصريح له يوم 21 أوت 2017 للشقيقة «الصباح الأسبوعي» أن عدد ضحايا الاغتصاب قد فاق خلال سنة واحدة 800 حالة توافدت على وحدة إنجاد الطب الشرعي الاستعجالي بشارل نيكول، التي تمّ إحداثها في أفريل 2016 لاستقبال ضحايا الاعتداءات وبالخصوص الاعتداءات الجنسية من نساء وأطفال. وأضاف، منصف حمدون أن 65 بالمائة من حالات الاغتصاب المسجلة طالت أطفالا دون سن 18 سنة و80 بالمائة منهم من الإناث، وشملت جميع الحالات من ذلك الاغتصاب وشبهة الاغتصاب والاعتداء بالفاحشة. 800 حالة اغتصاب في السنة ، 65 بالمائة منها طالت الأطفال و80 بالمائة الإناث رقم مفزع يدفع الى اطلاق صيحة فزع و التساؤل عن الأسباب وراء ارتفاع هذه الظاهرة؟ ومدى تأثيراتها النفسية على الضحية؟ المختصان في علم الإجتماع والنفس أوضحا ل»الصباح نيوز» المسألة وقدما قراءة لهذه الظاهرة سواء من حيث اسبابها او تأثيراتها على الضحايا و اعتبر المختص في علم الإجتماع معاذ بن نصير ،أن عامل البطالة و عدم قدرة الشاب على الزواج ، يجعله يبحث عن العلاقات خارج الإطار المدني لإفراغ كبته الجنسي فيكون التحرّش والإغتصاب حلا أمثل بالنسبة اليه ، ضاربا عرض الحائط ما قد يجنيه من تتبعات قضائية ، مضيفا أن الكبت الجنسي يجعل من الفرد يبني تمثّلات و صورا حول الجنس عموما و في مرحلة معينة تظهر عليه علامات الانحلال النفسي على الفرد ، ويتحرّش بالتالي سواء بالذكور أو الإناث. واعتبر معاذ بن نصير أن العولمة والانترنيت سببين رئيسيين في إرتفاع نسب التحرش و الإغتصاب، ومشاهدة الأفلام الاباحية و مقاطع الفيديو ذات نفس المنحى تؤثر على البعض ليبحث الشخص بالتالي عن مغامرات مشابهة . ورأى محدثنا أن المجتمع العربي مجتمع ذكوري دائما يدين الضحية خاصة الفتاة عوضا أن يعطيها الحق فتضطر الى السكوت لتعيش معاناتها بمفردها، مشددا في ذات الوقت على ضرورة تظافر كل الجهود بدءا من العائلة باعتبارها النواة الأولى عن طريق التوعية والإحاطة النفسية و الاجتماعية للضحية ، كذلك على مؤسسات الدولة كالمدرسة وضع مختصين من علم النفس و علم الإجتماع لرصد سلوكيات التلاميذ و المراهقين، كما على المشرع التونسي ان يكون صارما في مثل هذه المسائل . ظاهرة مرضية من جهته اعتبر رضا بن يوسف المختص في علم النفس ورئيس الجمعية التونسية للتدخل النفسي البيداغوجي أن ظاهرة الإغتصاب ظاهرة اجتماعية مرضية وتستهدف بدرجة أكبر الأطفال مضيفا أن هنالك عدة عوامل ساهمت في تفشي الظاهرة بينها تعاطي المخدّرات والعقاقير التي تجعل الفرد يفقد رشده. وشدد على ضرورة نشر التوعية عبر وسائل الإعلام بمختلف انواعها وتبيان ان القانون مثلا المتعلق بزواج المغتصبة من مغتصبها لا يوقف التتبعات الجزائية ضده مشددا على ضرورة تمرير ومضات اشهارية تبين ذلك. كما شدد على ضرورة فتح مركز الإدمان بجبل الوسط لعلاج المدمنين على المخدرات للتخفيض من حالات الإغتصاب المنجرة عن تعاطي تلك المادة. وأوضح رضا بن يوسف أن الجمعية التي يترأسها تقوم بناشطات في المدارس والنوادي لطرح عدة قضايا على غرار قضايا الإنتحار والإدمان والفشل المدرسي، وأيضا قضايا الإغتصاب...لتحسيس المراهقين بخطورة تلك السلوكيات كما قامت الجمعية وفق قوله بنشر التوعية الجنسية في المدارس لتوعية الجنسين. التأثيرات النفسية يخلف الإغتصاب دائما تأثيرات نفسية سلبية على الضحية سواء الأطفال أو ضحاياه كبار السن فيولّد مثلا لدى الطفل الضحية شعورا بالإنتقام عندما يكبر ويتحوّل بالتّالي من ضحيّة الى جلاّد فضلا عن ظهور سلوكيّات أخرى كعدم ثقته بنفسه أو شعوره بالخوف من الأماكن المكتظّة... أما تأثيره على الضّحايا الأكبر سنّا تصبح الضحيّة لديها صدمة من الزّواج فتجدها إمّا أن ترفض رفضا مطلقا الزواج أو حتى عندما تتزوج يعاد سيناريو اغتصابها أمام ناظريها وتصبح الضحية انطوائية ويصبح الآخر بالنسبة اليها كما يقول «سارتر» هو الجحيم وليس شريكا بل عنصر خطر. لذلك نجد أن اغلب المغتصبات وفق قوله لا تعشن حياة زوجية سليمة ويبقى لديهن أزمة ثقة وخوف من الآخر. هذا على المستوى الشخصي أما على مستوى الحياة الإجتماعية للضحيّة فتصاب الضحية بالخوف من الأماكن المكتظة وتتنامي لديها ظاهرة الوسواس القهري ويصبح لديها أيضا الهوس بالوسخ وتفرط بالتالي في الإستحمام . أما التأثيرات على الحياة المهنية فتصبح الضحية انطوائية ولديها احتراز كبير من الآخر وتصبح تعيش حالة من القلق والخوف.