نفى زبير الشهودي القيادي وعضو مجلس شورى حركة «النهضة» التونسية ما ذكرته بعض وسائل الإعلام حول لقاء رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي وصخر الماطري صهر الرئيس السابق زين العابدين بن علي في الدوحة، كما نفى المعلومات التي تحدثت عن لقاء الغنوشي وبعض القيادات الليبية في تونس. كما أكد، من جهة أخرى، وجود خلافات حادة داخل الحركة حول قانون «المصالحة الإدارية» الذي صوت عليه البرلمان مؤخرا، مشيرا إلى أن نصف أعضاء الكتلة البرلمانية ل «النهضة» لم يصوتوا لمصلحة القانون، لكنه أكد – في المقال- أن هذه الخلافات لا يمكن أن تؤثر في وحدة الحركة ومؤسساتها. وكانت وسائل إعلام، بينها مجلة «جون أفريك» الفرنسية، تحدثت عن لقاء جمع الشيخ راشد الغنوشي وصخر الماطري في العاصمة القطرية الدوحة (من دون تحديد توقيت اللقاء المفترض)، مشيرة إلى أن الماطري طلب من الغنوشي «ضمانات» لعودته إلى تونس، فيما أشارت وسائل إعلام أخرى إلى لقاء جمع الغنوشي وقيادات ليبية، أبرزها رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوّان والمرشح السابق لرئاسة الحكومة عبد الباسط قطيط، في جزيرة «جربة» جنوب شرق تونس. وقال الشهودي في حوار خاص مع «القدس العربي»: «ما تداوله بعض وسائل الإعلام حول لقاء الغنوشي مع الماطري وأيضا مع القيادات الليبية عار من الصحة، ونحن ننفي هذا الأمر كليا، والصور التي تم تداولها حول اللقاء المزعوم مع القيادات الليبية هي صور قديمة، وبالتالي ثمة افتراء وتزييف وتشويش على الوضع السياسي في تونس (من قبل بعض الأطراف)، وقد يكون ذلك من تداعيات المناخ المتصل بقانون المصالحة، لكني أؤكد مجددا أن الموضوع لا أساس له من الصحة». وكانت مصادقة البرلمان على قانون «المصالحة الإدارية» أثارت جدلا كبيرا في تونس، خاصة داخل حركة النهضة التي عبرت بعض قياداتها صراحة عن رفضها لهذا القانون، وهو ما دفع بعضهم للحديث عن وجود خلافات عميقة داخل الحركة. وعلٌّق الشهودي على ذلك بقوله: «أولا، بالنسبة لقانون المصالحة، أنا أكثر ميلا لموقف النائب سمير ديلو الذي كان حاضرا خلال جلسة التصويت على القانون ولم يصوت لمصلحته لأنه يرى أن تمرير القانون بالقوة أو صده بالقوة كذلك موقف غير صحيح، كما أن مجلس شورى الحركة أكد في وقت سابق أنه لا يجب أن يتعارض القانون المذكور مع الدستور ومسار العدالة الانتقالية، ونحن نرى أن هذه المسألة (المصالحة) تحتاج إلى إجماع ووفاق أكثر حولها، فهي محطة خطيرة في تاريخ البلاد وأشبه ما تكون بقضية قانون العزل السياسي والجدل الذي أثاره». وأضاف: «في قانون العزل السياسي كان هناك تمهيد طويل جدا تضمن حوارات سياسية طويلة ومعمقة بين مختلف الأطياف وحضور إعلامي كبير في هذا الأمر، وبالتالي تم هضمه شعبيا وإعلاميا وحينما طُرح في البرلمان كان هناك اتفاق كبير على التصويت ضده، في حين موضوع المصالحة لم يحظ بالدرجة نفسها من الاستيعاب، ولذلك يتم الحديث الآن عن مخاطره على الإجماع الوطني والمزاج الشعبي والشعور بانتكاسة المرحلة الانتقالية، علما أنه تغير (تم تعديله) بدرجة كبيرة ولم تبقَ فيه إلا ثلاثة أشياء تثير الجدل، وتتعلق بمسألة استشارة الهيئة القضائية (المجلس الأعلى للقضاء) فمن غير المبرر أن يتم تمرير القانون من دون استشارتها، إضافة إلى وجود التباس حول موضوع أشباه الموظفين فلا بد أن نحدد من نقصد بهم ومن ثم مردودية هذا القانون على الاقتصاد التونسي، فلو أجرينا حوارا حول هذه القضايا أساسا وغيرها لاستطعنا الوصول إلى توافق كبير حول هذا القانون». ولم ينف – في السياق- وجود «خلافات حادة وعلنية داخل الحركة لا تخفى على أحد حول قانون المصالحة لكنها لا تهدد وحدة الحركة بل تؤكد تنوعها، فأكثر من نصف الكتلة البرلمانية للحركة لم توصت على هذا القانون وليس هناك رسالة أقوى من هذا، ولكن من لم يصوت لمصلحة القانون لا يعني أنه ضد تمريره، بل هو مع الدخول في نقاش لتوسيع الوفاق حوله (كما ذكرت آنفا)، وأستطيع القول إن نصف أعضاء الحركة تقريبا يرفضون هذا القانون بصيغته الحالية، ولكن أعتقد أننا بتجربتنا الكبيرة بإدارة خلافاتنا قادرين على تجاوز هذه المحطة، والمطلوب من القيادة التنفيذية ورئيس الحركة خصوصا أن يتجنبوا الدفع بقوة في مثل هذه القضايا الخلافية، ولا بد أن نراعي أوضاع الحركة ونسيجها كما نراعي شراكتنا». وشهدت تونس مؤخرا «تراشقا» غير مباشر بين كل من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي والناطق باسم «الجبهة الشعبية» حمة الهمامي، حيث اتهم الهمامي قائد السبسي بالتخطيط للانقلاب على الثورة التونسية والدستور والعودة إلى النظام الرئاسي وتمهيد الطريق ل «توريث» الحكم لنجله، ورد قائد السبسي بنعت الهمامي بلفظ «فاسق»، وهو ما أثار جدلا كبيرا في البلاد. واعتبر الشهودي أن التلاسن بين السياسيين يشوه المناخ السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس، معتبرا أنه كان يمكن للهمامي أن يوجه نقده للرئيس التونسي أو غيره من السياسيين من دون استخدام ألفاظ صادمة، كما اعتبر أن قائد السبسي ارتكب «خطأ تواصليا، لأن رئيس الدولة كان عليه أن يكون أكثر حذرا خلال رده على الهمامي، فبرغم أن الأخير أبدى موقفا حادا تجاوز النقد إلى التجريح ضده، إلا أنه كان على قائد السبسي تجنب استخدام هذا اللفظ المثير للجدل». وأكد، في السياق، أنه ليس هناك توافق كلي داخل حركة «النهضة» حول التحالف القائم مع حزب «نداء تونس»، ف «ثمة من يرى أن هناك مبالغة في الاستجابة (من قبل قيادة الحركة) للكثير من الضغوط والطلبات للنداء، ومن يرى – في المقابل – أنه لا بد أن يبقى النداء قويا وأن تشتته ليس في مصلحة الانتقال الديمقراطي». وحول الجدل القائم بشأن الانتخابات البلدية والحديث عن عدم جاهزية البلاد للحكم اللامركزي، قال الشهودي «بالعكس، أظن أن أحد أهم خياراتنا الكبرى بعد الثورة هو الذهاب إلى اللامركزية لأننا دفعنا ثمنا باهظا في ظل الحكم المركزي الذي رسخ الاستبداد والتفاوت الجهوي واختلال توزيع الثروة، لذلك كان هناك اتجاه منذ هيئة عياض بن عاشور (الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة) نحو اللامركزية وهذا الأمر تعمق لاحقا في قانون تنظيم السلط (الدستور المؤقت) والدستور التونسي الجديد». وأضاف «ليس صحيحا أن السلطات المحلية غير مهيأة لإدارة شؤونها، فهناك رموز محلية معتبرة ولديها خبرة طويلة وتستطيع إدارة الشأن الداخلي، كما أن القانون (قانون البلديات الجديد) يعتمد على التدرج نحو اللامركزية خاصة فيما يتعلق بالتصرف في الموارد المحلية، ولذلك لا بد أن نذهب في اتجاه اللامركزية لأنها الاتجاه الصحيح الذي يحد من اختلالات التنمية والانحياز لجهات من دون أخرى».(القدس العربي)