وصف المعلق الأمريكي المعروف ديفيد إغناطيوس عملية التطهير الأخيرة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضد إمراء ووزراء حاليين وسابقين في حكومته بالخطوة الخطيرة. وكتب في صحيفة «واشنطن بوست»: «يقول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إنه يقوم بملاحقة الفساد لكن عملية الاعتقالات الواسعة التي شملت وزراء وعدداً من الأمراء الكبار تبدو للمراقبين العرب المندهشين على أنها مخاطرة كبيرة لتجميع السلطات في يديه». فقد قام محمد بن سلمان «م ب س» كما يعرف بضرب عدد من رجال الأعمال والأسماء السياسية الكبيرة في محاولته للسيطرة السياسية والدفع بالتغيير في المملكة الغنية بالنفط. وشملت الاعتقالات حسب قناة العربية 11 أميراً وعدداً آخر. ونقل الكاتب عن رجل أعمال سعودي اتصل به الكاتب يوم الأحد تعليقه على الاعتقالات: «يقوم ببناء السعودية الجديدة». وقال إن عملية مكافحة الفساد تأتي بعد سلسلة من القرارات المثيرة للجدل مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وتقييد سلطة المؤسسة الدينية. مواجهة رجال الدين وقال رجل الأعمال: «هذه خطوة خطيرة» لأن محمد بن سلمان يواجه الأمراء البارزين ورجال الدين المحافظين في وقت واحد. وعبر رجل الأعمال الذي يدعم ما يقوم به م ب س عن خوفه من أنه «يقوم بخوض أكثر من معركة في وقت واحد». وأضاف معلقا على مواجهة الأمير ابن عمه الأمير متعب بن عبدالله، رئيس الحرس الوطني، الذي يعتبر تقليديا مركز الولاء القبيلي وهو «التوازن داخل العائلة وقام بسحب التوازن هذا». ويعلق إغناطيوس «م ب س يقوم وبطريقة مقصودة بتفكيك نظام الحكم التقليدي الذي يشمل أحياناً طرقاً متحجرة من الإجماع داخل العائلة الحاكمة. وبدلاً من ذلك قام ولي العهد بالحصول على قوة تنفيذية واستخدمها بقوة». وأشار الكاتب الأمريكي إلى صورة التغيير التي يريد م ب س تحقيقها عبر مؤتمر الرياض الأسبوع الماضي الذي شارك فيه عدد ضخم من رجال الأعمال ورجال القرار المالي والمصرفيين «وأظهرت عمليات الاعتقال القبضة الحديدية داخل القفاز المخملي». وجاءت حملة الاعتقالات متزامنة مع مرسوم ملِكي لإنشاء لجنة برئاسته لمكافحة الفساد ونشر شريط فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي أكد فيه أن محاربة الفساد لن تستثني أحداً، سواء كان وزيراً أم أميراً. ويرى إغناطيوس أن «م ب س» اختار موضوعا سيحظى بشعبية بين الشباب السعوديين وهو الفساد المستشري في البلاد منذ عقود. ويعول «م ب س» على جيل الشباب وتعبئتهم ضد الفاسدين. ويأمل بأن تدعم المؤسسة الدينية عملية التطهير داخل النخبة الحاكمة. وقال رجل أعمال سابق إنه «يقوم بإغلاق الدائرة من الأشخاص الذين يغذون الوعاء» و»بدلاً من أن يكون هناك 10.000 مساهم لن يكون إلا عدد قليل». ويشير الكاتب إلى قائمة المعتقلين ومنهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال ورجل الأعمال الشيخ صالح كامل ووزير المالية عادل الفقيه وغيرهم. ويعلق أن «م ب س» قام بتحركه الأخير بتحطيم الدائرة التي كانت تحيط بعمه الملك الراحل عبدالله الذي توفي عام 2015. فقد اعتقل الأمير متعب وشقيقه الأمير تركي بن عبدالله، أمير منطقة الرياض السابق ومدير الديوان الملِكي السابق خالد التويجري. وفي جوان أطاح «م ب س» ابن عمه الأمير محمد بن نايف بشكل عبد الطريق أمامه كي يخلف والده البالغ من العمر 81 عاما. ويعلق إغناطيوس أن عملية التطهير التي أرفقت بخطاب الإصلاح تشبه ما قام به الرئيس الصيني شي جينبنغ حيث استخدم مكافحة الفساد لتطهير المؤسسات والحزب من أجيال من القادة السياسيين والعسكريين وتغيير القيادة الجمعية بأسلوب جديد في الحكم. ويقول الكاتب إن بن سلمان يشعر بالجرأة للقيام بعملية التطهير وقد حصل على دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والدائرة المحيطة به حيث يراقبون وهو يقوم بالأخذ على الوضع القائم. ولهذا لم تكن مصادفة زيارة جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الرياض حيث قضيا وقتاً طويلاً حتى الصباح وهما يتبادلان القصص ويتحدثان عن الاستراتيجيات. و«ربما شعر م ب س بالفرح لو وصف بأنه ترامب السعودية ولكن نموذج شي جينبنغ وحملة الفساد هو الأقرب إليه».