أكد مدير الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية، نجيب عياد، لدى اختتام فعاليات هذا الحدث السينمائي التي تتجه إليه الأنظار وطنيا ودوليا، أن "الشعور بالابتهاج بما تحقق خلال هذه الدورة، في سبيل الحفاظ على شعلة المهرجان يدعونا إلى التعرّف على النقائص والهنات عبر عملية التقييم والتقويم، التي ستنطلق مباشرة إثر اختتام التظاهرة". أسئلة عديدة ومتباينة طرحها عدد من الحاضرين في حفل الاختتام ممن حاورتهم (وات)، تعلقت جلها بانتظارات عشاق الفن السابع بخصوص تظاهرة أيام قرطاج السينمائية التي عرفت تأرجحا بين مختلف دوراتها، شأنها في ذلك شأن كل المهرجانات السينمائية الدولية. ومن بين التساؤلات التي رصدتها (وات): "إلى أي مدى تمكنت الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية من الوفاء لروح مؤسس هذه التظاهرة "الطاهر شريعة" منذ سنة 1966؟" و "إلى أي مدى تمكنت هذه الدورة، من خلال اختيار الأفلام المعروضة، من الانخراط في كوكبة السينما المغايرة أو "سينما الواقع" التي تستمد جذورها من القيم الإنسانية، لتشكل الأيام واجهة ومرآة عاكسة لمشاغل عامة الناس، خاصة في المناطق والدول غير المرفهة من العالم؟" . استفسارات كثيرة أثيرت، تمكنت (وات) من رصدها على هامش اختتام فعاليات أيام قرطاج السينمائية في نسختها الثامنة والعشرين، تطرقت أهمها لمسألة تموقع السينما التونسية ومدى قدرتها على تجاوز الحدود المحلية والإنطلاق نحو العالمية، وهو ما يعكس طموحا جماعيا للسينمائيين ولعشاق الفن السابع المهتمين بهذا المجال الثقافي في تونس، والذين يأملون أن تتجاوز أيام قرطاج السينمائية، طابع المهرجان لتصبح مشروعا مجتمعيا، يوطد علاقات الشعوب في ما بينها من خلال الاتصال بين الثقافات. هذا المشروع الذي يطمح إلى تحقيقه عدد من المهتمين بالشأن السينمائي، يجب أن يكون مبنيا على ركائز تصوّر الواقع وتروي أو توثق لأحداث يمكن أن تقع في أي مكان من العالم وذلك من خلال المراهنة على أهمية الفرد والتعبير عن المشاعر الشخصية كمنطلق لما هو جماعي، وفق تقديرهم. وفي قراءة أولية لما تم عرضه من أفلام، خلال هذه الدورة، أشار البعض في حديثهم مع (وات)، إلى أن عددا من القضايا الإنسانية، اشترك في طرحها سينمائيون من مختلف مناطق العالم، مستدلين بالمسائل المتعلقة بجرائم الاغتصاب التي شكلت الحدث الرئيسي لفيلم "على كف عفريت" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية ومثلت محور شريط "اليد الثقيلة للقانون" للمخرج والممثل الأرجنتيني، فيرنان ميراس. فهذان الشريطان اشتركا في رواية قصص واقعية في كل من تونس (افريقيا) والأرجنتين (أمريكا اللاتينية)، في ظل زيف قيم العدالة والممارسات البيروقراطية الفاسدة التي لا تعير للذات البشرية اهتماما، في هذا المكان أو ذاك. مشكلة البطالة، تناولها روائيّا، المخرج التونسي، وليد مطار في فيلمه "شرش" الذي انطلق بمشهد تسريح العمال من مصنع أحذية بفرنسا وهو الشريط المتوج بالتانيت الذهبي "الطاهر شريعة" للعمل الأول، وجائزة أفضل سيناريو في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، والجائزة الخاصة" TV5 Monde ". نفس القضية، عالجتها، وثائقيا، المخرجة اللبنانية، ماري جيرمانوس سابا، في شريطها "شعور أكبر من الحب" المتعلق بالإضرابات العمالية اللبنانية في سبعينات القرن الماضي، التي فشلت في تحقيق ثورة إجتماعية كما كان متوقعا، لتتحول إلى حرب أهلية دامية. ولئن راوحت فعاليات أيام قرطاج السينمائية في دورتها ال 28 بين العروض والندوات واللقاءات والحوارات بين المنتجين والمخرجين وإمضاء إتفاقيات شراكة في مجالات سينمائية مختلفة إلا أن الشاغل الأساسي الذي أجمع بشأنه كل المتابعين لهذه التظاهرة، تمثل في "اضطراب التنظيم" بالنسبة للعروض في قاعات السينما وما رافقه من عوائق للحصول على التذاكر ومشاهدة أفلام لطالما انتظرها جمهور الفن السابع في تونس، وهو الشيء الذي دفع بمدير المهرجان لتقديم اعتذاراته في هذا الشأن خلال كلمته في حفل الاختتام.(وات)