نظم مركز برلين للإعلام بقصر بلدية المرسى في العاصمة تونس ندوة نقاش متلفزة تعنى بالبطالة وفرص التشغيل تحت شعار "أفق آخر... فرص عمل للشباب: خير ضمانة للنمو والديمقراطية ". وشارك في الندوة وزير التشغيل والتكوين المهني فوزي عبد الرحمان ومدير الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) في تونس ماتياس غيغيريش وعدد من مؤسسات المجتمع المدني مثل اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل وجمعية نور الحياة للعمل المجتمعي ومؤسسة الياسمين وبرنامج كورب للتوجيه وإعادة التأهيل المهني بالإضافة إلى المسرحي التونسي رؤوف بن يغلان وجمع من الصحافيين والشباب الذين هم في صلب اهتمام برنامج حول المتوسط. وأدار النقاش مدير مركز برلين للإعلام مصطفى السعيد وستنقل التلفزة الوطنية وقائع الندوة على القناة الأولى اليوم الإثنين 18 ديسمبر الجاري على الساعة العاشرة مساء. وفي رد على تساؤلات الشباب عن استراتيجية عمل الحكومة في مواجهة البطالة التحدي الكبير، صرح الوزير فوزي عبد الرحمان بأنّ الوزارة رصدت نحو 300 مليون دينار سنوياً لتمويل مختلف برامج التشغيل. وكانت الندوة استعرضت نسب البطالة التي بلغت في الثلاثي الثالث من العام الجاري 15.3% في المجموع وهي بطالة تعاني منها الإناث بشكل أكبر من الذكور ولأصحاب الشهادات العليا فيها نصيب كبير يزيد عن 30% بمجموع 270 ألف طالب عمل فيما هي في الجهات أعلى نسبة، فهي في الجنوب الغربي بنسبة 25.6 بالمائة وفي الجنوب الشرقي بنسبة 24.3%. وأشار الوزير عبد الرحمان إلى سعي الحكومة لتحسين جودة التكوين المهني وإلى تغيير الصورة النمطية حول التكوين المهني حتى يحظى بالمكانة التي تليق به، كما كشف عن نية الحكومة بدعم الاقتصاد التضامني الذي لا يمثل على أهميته سوى واحدا بالمائة من اقتصاد تونس في حين يفوق 10 بالمائة في دول أخرى. من جهة أخرى أقر عبد الرحمان بالتعقيدات التي تحيط ببعض آليات التشغيل ونقص في آليات التواصل مع الشباب وأعلن أن وزارته تتجه إلى تبسيط الإجراءات الإدارية ومراجعة عقد الكرامة في صيغته الحالية وأنها تفكر بإلغاء غير الناجح منها، كما وقع مع إيقاف برنامج «فرصتي» الذي بينت الإحصائيات عدم نجاعته. من جهته انتقد سالم العياري، الأمين العام لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل ما سماها آليات هشة للتشغيل واعتبرها هدراً للمال العام، كما وجه نقده للقطاع الخاص واعتبر أن الرواتب التي توفرها آليات التشغيل الحالية بالتعاون مع القطاع الخاص لا تكفي احتياجات الشباب الأساسية في ظل غياب التغطية الاجتماعية الوافية. وكان مركز برلين للإعلام قد دعى السيد ماتياس غيغيريش، مدير الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) في تونس للمشاركة في الحوار وخاصة فيما يعني التعاون الألماني التونسي. وقال ماتياس غيغيريش إن ألمانيا ستدعم تونس لمكافحة البطالة وآثارها الاجتماعية لسنوات عديدة قادمة وأن 80% من مشاريع الوكالة نجح لاعتمادها على شراكة من المعنيين من شباب وحكومة وقطاع خاص. وعبر غيغيريش عن انبهاره بفكرة مزارع التقاه في الجنوب التونسي تقوم على تحويل نوى التمر إلى علف للحيوانات مشيراً إلى توفر روح الإبداع والمبادرة. وأضاف خلال الندوة الحوارية التي نظمها مركز برلين للإعلام مساء الخميس بقصر البلدية بالمرسى تحت شعار «أفق أخر...فرص عمل للشباب: خير ضمانة للنمو والديمقراطية « أن السوق الأوروبية مفتوحة للمنتوجات التونسية لكن الاقتصاد التونسي مازال عاجزا عن توفير المنتوجات المطلوبة في أوروبا ويكتفي بإنتاج مواد أولية. كما شاركت في الندوة يسرى بن منصور الشابة التونسية التي لجأت إلى دورة لإعادة التأهيل ينظمها برنامج «كورب» بتمويل من الوكالة الألمانية (GIZ) والحجرة التونسية الألمانية للصناعة والتجارة. وأشار مدير برنامج كورب يوسف فنيرة إلى اهتمامهم بسد الفجوة بين التكوين المهني والجامعي وما تتطلبه السوق من اختصاصات. كما أفاد فنيرة بأنهم يعملون على تنظيم التدريب في مهنة فنني صناعة السيارات "Technicien de l'automatisme " وكان شباب عاطلون عن العمل قد تم استقصاء آرائهم في الندوة عبروا عن غضبهم من عدم قبول المبتدئين في الوظائف لنقص الخبرة أو من الرواتب الضعيفة التي تقدم لهم كما عبروا عن استيائهم لعدم الالتفات لهمومهم وعن عدم ثقتهم في الوعود التشغيلية للحكومة والقطاع الخاص. يسرى بن منصور تحدثت في المقابل عن ضرورة بذل مجهود أكبر في البحث عن وظيفة حتى ولو كانت خارج تخصص طالب العمل وقالت «ينبغي أن تضع أولاً ساقك في سوق الشغل ومن ثم تأتي فرص أفضل». وأثار سؤال طرحه مدير الندوة الإعلامي مصطفى السعيد عن «متى تأتي الثورة بشيء من الثروة إلى التونسيين؟» نقاشاً حول ضرورة الحد من البيروقراطية وعن سبل مكافحة الفساد وحول فاعلية منظومة التعليم. افتتح النقاش في الجزء الثاني من الندوة التي نظمها مركز برلين للإعلام بمقطع من مسرحية رؤوف بن يغلان الأخيرة «إرهابي غير ربع» التي تحدثت عن شاب تونسي يعيش صراعا بين البقاء والالتحاق بتنظيم إرهابي. وشارك بن يغلان في النقاش في قصر بلدية المرسى متحدثاً عن غضبه من نجاح الجماعات المتطرفة ومهربي البشر للهجرة السرية في استقطاب الشباب المحبط مشيراً إلى أن الشاب التونسي يحتاج اليوم إلى عناية مؤسسات الدولة حتى لا يصبح طرفا في هدم ركائز بلده. وتخلل الندوة عرض لتقرير من منطقة جرجيس يتناول التهميش والبطالة وكونها أحد أسباب الهجرة غير النظامية بمخاطرها الجمة على حياة الشباب ويروي التقرير قصة بحار تطوع لدفن جثث الغرباء التي يلفظها البحر إلى شواطئ المنطقة. وشاركت في النقاش أحلام رابح، منسقة مشروع جمعية نور الحياة للعمل المجتمعي التي شرحت فكرة برنامجها عن «تمكين الشباب في تونس" والذي يتوجه لمناطق فقيرة ويدمج الشباب في العمل المجتمعي. وأشارت أحلام رابح إلى نجاح المشروع الذي يستهدف الشريحة العمرية بين 15 و20 سنة ويشارك فيه 700 شاب من ولايات تونس الكبرى وإلى أن خطوات لاحقة ستتلو للتوجه إلى ولايات أخرى بعد تأمين التمويل. وفي هذا الجزء كانت مشاركة الشباب من جمعيات العمل المدني في الندوة لافتة فأشاروا إلى ضرورة تحسين أداء «دور الثقافة والشباب» وتنويع الأنشطة الثقافية المعروضة وإلى ضرورة تطوير رؤية جديدة تركز على بعث روح الأمل والمبادرة لدى الشباب في تونس.