بقلم:الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي وصلنا مقال رأي من الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي تطرق فيه الى مشكل تفاقم العجز التجاري الذي بات يعاني منه الاقتصاد التونسي ،داعيا الى تطوير القطاع السياحي للمساهمة في اعادة التوازات المالية وهو ما لن يتحقق الا باتخاذ اجراءات عاجلة على حد تعبيره. وفي ما يلي نص المقال: كان من المفروض ان تعمل الدولة بمنهج اصلاحي اقتصادي تتجه من خلاله الى التخلي على الالتجاء الى توريد الطاقة لاستغلالها للاستهلاك اليومي في وقت ان تونس تتميز بموقعها الجغرافي القريب من الجزائر التي عملت على تصدير الغاز عبر تونس الى اوروبا ،علما ان توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي يكلف الدولة مبالغ ضخمة مع منحنا نسبة معينة من البلد الشقيق مجانا ولكن ذلك لا يكفي لتغطية العجز. ومن المفروض انه بموجب العلاقة التاريخية بين البلدين وفي مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة والأوضاع الاستثنائية كان على الشقيقة الجزائر النظر الى هذه الصعوبات الظرفية التي يمر بها الاقتصاد التونسي لمنحنا دعما استثنائيا ظرفيا الى حد تعافي الاقتصاد التونسي وهو ما قد يخفف العجز الذي تعاني منه الطاقة ،وفي ظل هذه المعطيات الدقيقة والوضع الحساس كان يمكن تحرك الديبلوماسية الاقتصادية في هذا الاتجاه. لابد ان نؤكد كذلك ان كل دول العالم التي لها مصادر سياحية ومواقع جغرافية متميزة عملت على تطوير قدراتها الاقتصادية بالارتكاز اساسا على السياحة التي لها دور فعال في الناتج الاجمالي الخام من مداخيل العملة الصعبة .ولا ننسى ان تركيا كانت من الدول التي تعاني من المديونية لكن مع اهتمامها بالقطاع السياحي وفق استراتيجية مدروسة أمكن لها تحقيق نقلة نوعية حققت من خلالها قفزة عملاقة بلغت معها نسبة 37 مليون سائح سنويا. نظريا تونس لتتخطى عجز ميزانها التجاري يتحتم عليها تحقيق قفزة نوعية وخطوة عملاقة للوصول الى 12 مليون زائر سنويا وهو ما يبدو ممكنا لو سعينا الى تحسين علاقاتنا الديبلوماسية وتطويرها وتسويق "المظهر الآمن" للدولة بتجنب تصريحات المسؤولين والسياسيين التي عمقت أزمة البلاد في وقت كان يتعين تسويق صورة بعيدة عن أخبار الارهاب والجريمة المنظمة ومظاهر العنف عموما التي طغت على المشهد العام للبلاد. واقع يتفق الجميع على أنه أكثر من صعب ويتطلب لتغييره تحسين البنية التحتية وتوفير شبكة نقل عصرية سريعة مرتبطة بالميترو وغيرها من وسائل النقل الحديثة ،ووضع حد لحالة الفوضى العارمة امام مطاراتنا اذ لا يعقل ان يجد السائح نفسه منذ وصوله امام تجاوزات سواق التاكسي التي تتواصل دون تحرك هذا الطرف أو ذاك. مسألة أخرى هامة وهي ان الأنشطة السياحية لم تعمل الدولة على تحسينها مثل بعث مشروع بزغوان للسياحة الترفيهية أومشروع بطبرقة وعين دراهم يتمثل في التنقل بين المناطق الجبلية عبر سكة فضائية ،وبعث سياحة التزحلق على الجليد خاصة ان مناخ الشمال الغربي يتماشى مع هذه النوعية من المشاريع. مهما تحسنت المؤشرات السياحية اليوم فانه لابد من الاقرار ان الاسواق التقليدية التي نتعامل معها في السياحة لم تسترجع نسقها المعتاد وهو ما يدعو الى ضرورة اعادة النظر في استراتيجيتنا السياحية التي باتت كلاسيكية ولم تتطور منذ عقود بل انه تجاوزها الزمن في ظل المنافسة الشديدة في عديد البلدان العربية أولها المغرب التي عرفت كيف تطور قطاعها من خلال خطة استثمارية ناجعة ،وتكوين مركز يعمل على تطوير العلاقات الديبلوماسية في اتجاه خدمة السياحة وتطويرها. نظريا تتطلب السوق السياحية جودة عالية لبيع المنتوج السياحي باسعار تقبل المنافسة وذلك اذا عملت الدولة على ضخ روح داخل هذا القطاع باعطاء امتيازات جبائية للمؤسسات السياحية ظرفيا ودعم المشاريع السياحية بكل الطاقات المالية واللوجستيكية وتأهيل المطارات وتوفير اليد العاملة والجودة في المؤسسات السياحية ،علما بان هناك مصاعب عدة لم تخلق لها حلول مثل المديونية. والمحصلة ان كل المؤشرات والدلائل تقول بان الحكومة الحالية لم تصنع برنامجا اصلاحيا تقنيا في القطاع السياحي للنهوض بالاقتصاد التونسي للحد من العجز المتفاقم الذي تأتى أساسا من الضعف السياحي مما أدى الى تهاوي الدينار التونسي. كما اننا ندعو الحكومة الى تسريع الاجراءات التي أقرتها خصوصا المتعلقة ببعث نقاط صرف بالمناطق الحدودية لوضع حد للنزيف الذي يعاني منه الاقتصاد الوطني.