القى وزير العدل نور الدين البحيري ضمن انشطة مركز دراسة الاسلام والديمقراطية اليوم ، محاضرة تحت عنوان اصلاح المنظومة القضائية- بين العدالة الانتقالية وتحقيق استقلالية القضاء. وقد اكّد وزير العدل خلال هذه المحاضرة ان اصلاح منظومة القضاء هو حجر الاساس للاصلاح بصفة عامة والقطع مع رموز العهد البائد، وانّ الفشل في تلك المهمة سيقود بالضرورة الى فشل كل استحقاقات الثورة على غرار التشغيل والنهضة الاجتماعية والتنمية الجهوية وأضاف البحيري ان تونس فشلت منذ عقود في بناء دولة ديمقراطية لا لشيء الا لانّها فشلت في بناء سلطة قضائية مستقلة تضمن ثقة الناس في الدولة وبيّن ان القضاء المستقل الذي يكون الفيصل بين الناس له دور كبير في استرجاع ثقة الناس في مؤسسات الدولة رويدا رويدا وضمان استقرار الدولة بصفة عامة. وقال البحيري انّ القضاء يستحوذ على الاضواء لانه سلطة تمس المواطن بدرجة اولى وان هناك تقييم سلبي للقضاء باعتبار انّ المؤسسة القضائية كانت مؤسسة تمارس ما تمارسه بالتعليمات وكان لها دور في تكريس نظام الاستبداد وتساءل الوزير أين وصلنا بالقضاء اليوم واين وصلنا في تطهير القضاء؟ في هذا الصدد اكّد البحيري ان الرأي العام له نظريتان فيما يخص تطهير القضاء النظرية الاولى التي اصبحت موضع تجاذبات سياسية ونقابية وايديولوجية تطالب باتّخاذ اجراءات عاجلة متسرعة تلبي بعض الحاجات النفسية لاشخاص تعتقد ان القوانين التي تطبق هي قوانين نظام مستبد وان القضاة الذين يحكمون هم ذاتهم قضاة بن علي ويدعون بتغيير كلي مهما كان الثمن، اما النظرية الثانية تقول انّ الثورة لم تأتي لتلبية حاجيات نفسية بل جاءت لتلبي طلبات حقيقية للشعب التونسي تقوم على بناء دولة ديمقراطية وتضمن العدالة للجميع وهذا يأخذ وقت ويتم عبر مراحل وشدّد وزير العدل ان الوزارة اختارت الخيار الثاني لاصلاح شامل عميق ويؤسس لجملة من الاهداف بعضها عاجل لا يحتمل التأجيل وبعضها يمكنه الانتظار قصد التثبت والتحقيق لانّ الخطوة الاولى للنهوض بشيء يجب ان تكون على اسس صحيحة لتكون امكانية النجاح فيها ممكنة ولها حظوظ وفيرة من ناحية اخرى عدّد الوزير برنامج وزارة العدل مستقبلا والذي سينطلق بتقييم مرفق العدالة في تونس بالمشاركة مع المفوضية السامية لحقوق الانسان والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة كما عدد نقاط القوة ونقاط الضعف للقضاء التونسي وتبرز نقاط القوة في انّ اغلبية القضاة التونسيين هم قضاة نزهاء ونقاط الضعف هي انّ هناك غياب تام لرؤية استراتيجية تنظم هذه المنظومة ووجود برمجة لا تطابق مع البرامج الدولية والتصرف الاداري الذي لا يتلاءم والموارد البشرية مع القصور في التكوين والمحاسبة والتواصل مع الرأي العام ونقاط الضعف هذه تجعل مسار اصلاح المنظومة القضائية يمشي ببطء وتحدّث نور الدين البحيري عن أهداف الرئيسية لوزارة العدل والتي ستكون الانطلاقة لتأسيس منظومة قضائية صحيحة وهي كالآتي - ضمان استمرار مرفق العدالة واسترجاع الثقة في المنظومة القضائية بصفة عامة - تطوير القوانين التي تتعلّق بالحريات - ضمان حد ادنى من الشفافية من خلال ايصال المعلومة للجميع من المصدر الرئيسي حتى لا يفتح الباب امام الشائعات واشار انّه لتحقيق هذه الاهداف يجب ان تكون هناك مرجعية يرجع اليها في حالة الاختلاف في الرأي او في فكرة من جهة اخرى قال نور الدين البحيري انّ الثورة حققت تغييرات كبيرة ايجابية للشعب التونسي وكان لها ايضا تأثير سلبي خاصة على معنويات القضاة ورجال الامن وكانت الوزارة مطالبة بتوفير حد ادنى من الجهد الذي يضمن مساعدة القضاة للتحرر من موضع الاتهامات وموضع الادانة احيانا دون حجة او دليل وشدد وزير العدل انّه لا يمكن اصلاح القضاء والعاملون لا يملكون ثقة في انفسهم ومعنوياتهم منهارة ولا يمكن ان يطلب منهم تطور او تقدم كما ان للوضع المادي لمن يعملون في السلك القضائي اهمية كبرى لان من يعيش وضعا ماديا متردي ويعاني من الحاجة لا يطلب منه تغيير او تطوير وانّ الزيادات التي قامت بها الوزارة كانت لهذه الغاية بيد انّ هناك من راى فيها نوع من الرشوة والبعض راى فيها اهانة كما تحدّث نور الدين البحيري عن الهيئة العليا للقضاء العدلي واعتبرها خطوة اولى لضمان استمرار مرفق العدالة وتحضى بحد ادنى من الشفافية والاستقلالية بعيدا عن السلطة السياسية وتضمن تحرير القضاء من التجاذبات السياسية.
وبعد القاء الوزير لهذه المحاضرة فتح الباب للنقاش للمتدخّلين وقد اتّفقت معظم المداخلات تقريبا على تعطل مسار إصلاح المنظومة القضائية وأكّد سمير بن عمر مستشار رئيس الجمهورية انّ مسار العدالة الانتقالية بعد الثورة معطل وامامه عراقيل وصعوبات وهو ما عطّل ملف تطهير القضاء الذي توقّف عند اعفاء بعض القضاة وقد توجّه بسؤال لوزير العدل قائلا:" هل تعتقد انّه بمجرد اعفاء بعض القضاة قد وقع تطهير القضاء"؟ وكان تدخّل القاضية ليلى البحرية حول البرنامج الذي وضعه نور الدين البحيري بعد تعيينه مباشرة والذي رأت ان يرتقي لطموح الشعب التونسي وتساءلت ما الذي وقع تحقيقه من هذا البرنامج؟ ولم تعفي القاضية الوزير من الاقرار بانه فشل من تحقيق مطالب اصلاح المنظومة القضائية وترجته ان لا يجيبها بان التجاذبات السياسية على الساحة هي التي تسببت في هذا التعطيل كما توجّهت روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة التونسيين لوزير العدل بسؤال قائلة: "ان كان يعتقد انّ ما ورد في مشروع الدستور يمكن ان يؤسس لقضاء مستقل؟ وان كانت طريقة تعاطي المجلس التأسيسي مع معضلة القضاء عبر التباطئ في الهيئة العليا للقضاء العدلي هل يمكن ان يؤسس لقضاء مستقل؟" كما تحدّثت آمن القلالي عن هيومن رايتس ووتش عن القضاة الذين وقع اعفاؤهم من مهامهم متسائلة اين وصلت الوزارة بخصوص هذا هذا الملف وقد اجاب البحيري على هذه التساؤلات مؤكّدا انّ أكّد ان معظم الأسئلة التي طرحت سبق ان نوقشت وطرحت وتمت الاجابة عليها فلا فائدة من اعادة طرحها وتحدّث في البداية عن القضاة الذين وقع اعفاؤهم حيث اكّد انّ قرار الاعفاء لم يكن مبنيا على محاصصة سياسية بل كان جزء من تحقيق عملية الاصلاح واكّد ان الوزارة تحكم على الناس بما هو ثابت في ملفات وقد تم الاستماع الى جميع المشتكين وتم تمكينهم من حقهم في التظلم ثم اتّخذ قرار الاعفاء اما بخصوص تطهير القضاء اكّد الوزير ان الوزارة منكبة على ذلك لكن يجب ان يقع التطهير على اسس وان اصلاح المنظومة القضائية يتطلب وقتا اما بخصوص الهيئة العليا للقضاء العدلي اكّد البحيري انّ هناك نقاشات داخل المجلس التأسيسي وان هناك جلسات تمت مع نقابة القضاة التونسيين وجمعية القضاة التونسيين ومحامين وعدول تنفيذ وعدول اشهاد للبحث عن تصور لادارة السلطة القضائية وفي نفس الوقت وقع الالتجاء الى حل عاجل وهو الهيئة العليا للقضاء العدلي كحل وسط بين تنفيذ حاجة اكيدة تدير العدالة وبين التصور النهائي لدور السلطة القضائية وانه غير مسؤول على تأخر المجلس التأسيسي في التعاطي مع هذه الهيئة وهو كوزير مطالب باحترام القوانين