احتفت الجمعية التونسية للتربية والثقافة، خلال لقاء فكري احتضنته، أمس الجمعة، دار الكتب الوطنية بتونس، بالإصدار الجديد للدكتور الهادي التيمومي "الى الساسة العرب، ارفعوا ايديكم عن تاريخنا". هذا اللقاء الذي تابعه عدد من الباحثين والجامعيين والمثقفين، مثّل مناسبة للخوض في هذه التجربة الكتابية الجديدة للمؤرخ الهادي التيمومي التي تنضاف الى نحو ثمانية عشرا مؤلفا راوحت بين السرديات التاريخية والروايات الوطنية لعل من ابرزها " تاريخ تونس الاجتماعي" سنة 1997 و" في أصول الحركة القومية العربية 1839-1920" سنة 2002 و"تونس والتحديث: (1831 - 1877): أول دستور في العالم الإسلامي" سنة 2010 و" كيف صار التونسيون تونسيين؟" سنة 2015. وفى تقديمه لكتابه، قال الدكتور التيمومي إنه "حاول البحث عن الفرق بين التاريخ الذي يكتبه السياسيون الراغبون في الوصول الى كرسي الحكم والتاريخ الذي يكتبه المؤرخ المحترف الذي يعتمد ادوات البحث العلمية لاستقراء الاحداث مع التحلي بأقصى شروط الموضوعية"، معتبرا ان التاريخ الرسمي هو في نهاية الامر تاريخ المنتصرين، وفق تقديره. وأضاف، "منطلق فكرة هذا الكتاب، أمران اثنان: الاول، انه سمع احد الساسة يقول ان علي بن غذاهم اصيل مدينة سليانة، والثاني تصريح لرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة ،سهام بن سدرين، دعت فيه الى ضرورة اعادة كتابة تاريخ تونس"، معتبرا ان هذه "الاستفزازات" هي التي دفعته الى مغادرة السياسة الى عالم الكتابة أين يصبح باستطاعته خدمة تونس من موقعه كمثقف ومؤرخ. وبيّن ان ما حدث في جانفي 2011 هو انتفاضة ذات طابع ثوري قبل ان تتحول لاحقا الى إلى انتفاضة نصف فاشلة، موضحا ان العديد من الكتاب والمؤرخين التونسيين خلال السنوات الاخيرة كتبوا بروح نقدية كبيرة وذلك من منطلق الوعي بأهمية الهوية التونسية وخصوصياتها الثقافية والحضارية والشعور بوحدة الانتماء الى نفس الكيان وهو ما ساعد على تحريك همم القوى الحية في البلاد للانتباه الى مختلف المخاطر المحدقة بها والتحذير من تداعياتها. وقال "إن عملية اعادة كتاب التاريخ مهمة جدا بالنسبة للمؤرخ المحترف والمتمكن من ادوات مباحثه، وشخصيا لا اخجل من تصحيح ما قد يبدو لي غير دقيق او توفرت لي حوله حقائق وقرائن لا يرتقي اليها الشك". الباحث الجامعي الدكتور، فتحي لسير، سلط الضوء على العديد من جوانب التجربة الكتابية للدكتور الهادي التيمومي، حيث أشار الى انه اشتغل كثيرا على الشخصية التونسية من زوايا تاريخية وثقافية واجتماعية، وكتاب " "الى الساسة العرب، ارفعوا ايدكم عن تاريخنا" يؤكد هوس التيمومي بالكتابة ومعاقرته لها والادمان عليها لان "الرجل مفكر حريص على التقصي والمتابعة والتدقيق، تواق للجديد والتجديد خاصة في حقل اختصاصه". واضاف "يعتبر التيمومي من المؤرخين العرب القلائل الذين انتقلوا بالتاريخ من الحقل المعرفي التقليدي الى الحقل الفكري، وهو ايضا احد ابرز رواد السردية التاريخية العربية وكتابه الجديد مستفز بالمعنى الايجابي للكلمة، حيث يبحث في العديد من نقاط الالتقاء والتقاطع بين احداث تاريخية تونسية واقليمية وغربية، يستنطق سياقاتها ودلالاتها ويبحث تداعياتها برؤية علمية صرفة". (وات)