تجمع الفلسطينيون في غزة يوم الثلاثاء لتشييع جنازات عشرات القتلى الذين سقطوا برصاص القوات الإسرائيلية في اليوم السابق في الوقت الذي أخذت فيه القوات الإسرائيلية مواقعها على الحدود مع القطاع للتعامل مع اليوم الأخير من الاحتجاجات الفلسطينية. كان العنف الذي وقع يوم الاثنين على الحدود، في الوقت الذي افتتحت فيه الولاياتالمتحدة سفارتها الجديدة في القدس أسوأ يوم من حيث عدد الضحايا في صفوف الفلسطينيين منذ حرب غزة في 2014. وارتفع عدد القتلى إلى 60 أثناء الليل بعد وفاة رضيعة عمرها ثمانية أشهر من جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع في مخيم للمحتجين يوم الاثنين حسبما قالت عائلتها. وأصيب أكثر من 2200 فلسطيني إما بالرصاص أو من جراء الغاز المسيل للدموع. ووصف قادة فلسطينيون أحداث يوم الاثنين بأنها مذبحة كما أثار استخدام القوات الإسرائيلية الذخيرة الحية قلقا وإدانات على مستوى العالم. وقالت إسرائيل إنها تتصرف دفاعا عن النفس وعن حدودها ومراكزها العمرانية. وأيدت الولاياتالمتحدة حليفها الرئيسي موقفها وقال الاثنان إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تحرض على العنف. وثارت مخاوف من إراقة مزيد من الدماء يوم الثلاثاء إذ يخطط الفلسطينيون لاحتجاج آخر في ذكرى النكبة التي توافق قيام إسرائيل وهو اليوم الذي ترك فيه آلاف الفلسطينيين بيوتهم أو أخرجوا من ديارهم في أعمال عنف بلغت ذروتها في الحرب بين إسرائيل وجيرانها العرب في 1948. وقد أحيت حملة الاحتجاج الحدودية التي بدأت قبل ستة أسابيع وأطلق عليها اسم "مسيرة العودة الكبرى" المطالب بعودة اللاجئين إلى أراضيهم السابقة في إسرائيل. ولم يتضح ما إذا كانت أعداد غفيرة ستظهر عند الحدود يوم الثلاثاء في ذروة حملة الاحتجاج بعد سقوط هذا العدد الكبير من القتلى يوم الاثنين. ويقول مسؤولون طبيون فلسطينيون إن 104 من سكان غزة قتلوا منذ بدء الاحتجاجات في 30 مارس آذار. ولم ترد أنباء عن إصابات بين الإسرائيليين. وانتشرت القوات الإسرائيلية على امتداد الحدود يوم الثلاثاء. وساد هدوء نسبي المنطقة في ساعات النهار الأولى إذ شاركت أعداد كبيرة من السكان في الجنازات. ومن المتوقع أن يتوجه المحتجون إلى الحدود في وقت لاحق. وفي جنيف أدان مكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان "العنف الدامي المروع" من قبل قوات الأمن الإسرائيلية في غزة قائلا إنه يشعر بقلق شديد مما يمكن أن يحدث يوم الثلاثاء وداعيا إلى إجراء تحقيق مستقل. وقال المتحدث باسم المكتب روبرت كولفيل خلال إفادة صحفية مقتضبة منتظمة للمنظمة الدولية في جنيف إن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن حدودها بموجب القانون الدولي لكن القوة الفتاكة يجب أن تكون الملاذ الأخير ولا يمكن تبريرها باقتراب الفلسطينيين من السياج الحدودي مع قطاع غزة. * ضحية صغيرة في مستشفى غزة حيث جرى إعداد جثمان الرضيعة ليلى الغندور البالغة من العمر ثمانية أشهر للدفن قالت جدتها إن الرضيعة كانت في أحد مخيمات الاحتجاج التي أقيمت على مسافة بضع مئات من الأمتار من الحدود. وقالت هيام عمر "كنا في مخيم شرق غزة عندما أطلق الاسرائيليون الغاز المسيل للدموع بكثافة". وأضافت "فجأة صرخ ابني أن لولو كانت تبكي وتصرخ. أخذتها بعيدا. وعندما رجعنا للبيت توقفت عن البكاء واعتقدت إنها نامت. وأخذتها لمستشفى الأطفال وقال لي الدكتور إنها استشهدت". وبقي معظم المحتجين حول الخيام المنصوبة غير أن مجموعات من الشبان تغامر بالاقتراب من المنطقة المحظورة قرب السياج الحدودي وتخاطر بالتعرض لنيران القوات الإسرائيلية من أجل الدفع بالإطارات المحترقة أو إلقاء الحجارة. وأطلق البعض طائرات ورقية تحمل عبوات من البنزين أدت لنشر حرائق على الجانب الإسرائيلي. وأمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإضراب عام في مختلف الأراضي الفلسطينية يوم الثلاثاء وإعلان الحداد العام ثلاثة أيام. ومما زاد من الحماس للمشاركة في احتجاجات يوم الاثنين مراسم نقل السفارة الأمريكية الجديدة إلى القدس من تل أبيب تنفيذا لوعد قطعه الرئيس دونالد ترامب الذي اعترف في ديسمبر كانون الأول بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم التي يأملون إقامتها في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة. وتعتبر إسرائيل القدس كلها بما فيها القدس الشرقية التي استولت عليها في حرب 1967 وضمتها إليها في خطوة لا تلقى الاعتراف الدولي "عاصمة أبدية موحدة" لها. وتقول أغلب الدول إنه يجب حسم وضع القدس من خلال تسوية سلام نهائية وترفض نقل سفاراتها إليها الآن. وأشاد نتنياهو بقرارات ترامب لكن الفلسطينيين قالوا إن الولاياتالمتحدة لم تعد تصلح للقيام بدور الوسيط النزيه في أي عملية سلام. وكانت المحادثات الرامية لتسوية الصراع على أساس الدولتين قد تجمدت منذ العام 2014. وحمل نتنياهو حركة حماس مسؤولية العنف. ونفت حماس التحريض على العنف لكنها قالت إن البيت الأبيض يؤيد نتنياهو. وقال راج شاه المتحد باسم البيت الأبيض للصحفيين "مسؤولية هذه الوفيات المأساوية تقع بالكامل على عاتق حماس". وقال ترامب في رسالة مسجلة يوم الاثنين إنه مازال ملتزما بالسلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ومثل ترامب في مراسم افتتاح السفارة ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر مبعوث السلام الأمريكي في الشرق الأوسط. وتقول إدارة ترامب إنها كادت تستكمل خطة سلام جديدة لكنها لم تبت بعد في موعد وكيفية طرحها. وقال دبلوماسيون في الأممالمتحدة إن الولاياتالمتحدة عطلت الاثنين صدور بيان من مجلس الأمن صاغته الكويت للإعراب عن الغضب والأسف لمقتل المدنيين الفلسطينيين والدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل.(رويترز)