في خضم الأحداث المتسارعة والتطورات المتلاحقة ، في مشهد سياسي محتقن ومتأزم و"متأجج" ، وبعيدا عن تباين المواقف حول كيفية الخروج من الأزمة الراهنة ، دعت بعض الأطراف السياسية الى ضرورة إجراء تحوير وزاري ، بما يمكن من ضخ دماء جديدة في الحكومة وتلافي نقاط الضعف في أدائها ، وحتى لما سئل رئيس الحكومة يوسف الشاهد منذ أيام عن هذا التحوير ، أجاب باختزال شديد بأنه "جاري التحميل" . قد يكون فعلا "جاري التحميل" ، الا ان هذا "التحميل" لابد ان يكون "تحميلا" مدروسا على جميع الواجهات ، يتحمل من خلاله الشاهد مسؤوليته ويراعي مختلف الجزئيات ، في ساحة سياسية "ملتهبة" ، تحتم عليه اختيار الأعضاء المرشحين وفق معيار الكفاءة ، ولا شيء دون الكفاءة ، مع مراعاته ل"اللاءات العشرة" . أولا: لا للتقييم غير الموضوعي لوزراء الحكومة الحالية ، مهما كانت انتماءاتهم السياسية وألوانهم الحزبية ، مما يحتم على رئيس الحكومة يوسف الشاهد تقييم آداء أعضاء حكومته ، وفق معايير دقيقة دون مراعاة أي عوامل أو تبريرات ، قد يتعامل وفقها مع بعض الأسماء بسياسة "المكيالين" . ثانيا: لا للمحاصصات الحزبية بعد ان اكتوى بنارها الشعب التونسي مع مختلف "التشكيلات" الحكومية بعد 2011 ، لأن هذه المحاصصات لم "تثمر" الا الأزمات والصدمات والنكسات ، وهو ما يقتضي من يوسف الشاهد القطع مع هذا التمشي الفاشل ، مهما تشبثت به أحزاب "الأغلبية" ودافعت عليه بشراسة. ثالثا:لا للترضيات باعتبار ان الشاهد مطالب باختيار تشكيلته الوزارية وفق الكفاءة ونظافة اليد ، دون أي اعتبارات أخرى ، بعيدا عن ترضية هذا الطرف أو ذاك ، لاسيما ان هذا الخيار الذي أثبت فشله مع "تركيبة" ال10 حكومات المتعاقبة ، لن ينتج الا الفشل الذريع. رابعا:لا للمكافآت تحت أي "يافطات"، بما يعني أنه يتعين على رئيس الحكومة ، عدم ادخال التحوير الوزاري المرتقب في دائرة تقديم "المكافآت" للأطراف التي دعمته ، وساندته في معركته ضد خصومه ، لأن منح الحقائب الوزارية يجب ان يظل بعيدا عن مثل هذه الأساليب ، التي أدت الى احباط التونسيين. خامسا:لا للولاءات بعد أن أثبتت التجربة فشل كل الأسماء ، التي منحت حقائب وزارية بناء على هذا الخيار ، الذي كان أحد أسباب فشل حكومات ما بعد 2011 ، وهو ما يدعو الى ضرورة تحذير الشاهد من الاقتراب من هذا "الخط الأحمر" ، والسقوط في "المحظور" من جديد. سادسا:لا للاقصاء الذي طالما تذمرت منه مختلف الحساسيات السياسية وانتقدته ، وعبرت عن سخطها منه ، لما قد يسببه من اشكالات تؤثر دون شك على مدى مساندة الحكومة ودعمها ، في وقت تحتاج فيه الى "حزام سياسي" ، له وزنه وثقله . سابعا:لا لتصفية الحسابات مع "الخصوم" ، لان دخول الشاهد تحت هذا "السقف" ، سيقذف بحكومته "المرتقبة" في ثنايا المجهول ، بل انها ستحمل "بذور" فشلها ،اذا "أُشتُمّ" تعاطيه مع التحوير الوزاري وفق هذا المنطق ، الذي لن يزيد الساحة الا "اشتعالا" . ثامنا:لا للحسابات الانتخابية التي يجب ان تظل بعيدة عن مشاورات التشكيلة الحكومية ، بما قد يجنبها التجاذبات والانتقادات ، على الأقل قبل تكوينها والمصادقة عليها ، لاسيما ان كل "العيون مفتوحة"، في ساحة سياسية "مكشوفة" ، يعلم عنها الجميع "الشقيقة والرقيقة". تاسعا: لا ل"القفز" على المصلحة الوطنية ، باعتبار ان الحكومة المقبلة لابد ان تكون فعلا "حكومة وحدة وطنية" تنبض "وطنية" ،وهدفها المصلحة الوطنية ، وهو ما يستوجب أن تبقى بعيدة عن المصالح والأجندات الحزبية،وتكوينها بعيدا عن "شروط" الأحزاب . عاشرا:لا لمزيد تأزيم الأوضاع في وضع متأزم ومحتقن بطبعه ، باعتبار ان الأزمة السياسية الراهنة تحتم على الشاهد انفتاح حقيقي ، عبر تشريك أغلب القوى السياسية والمنظمات الوطنية في مشاورات جدية يتفاعل من خلالها مع كل المقترحات الايجابية ، لا على لقاءات "استعراضية" ، قد تكون بمثابة "ذر الرماد على العيون". "لاءات" تبدو مراعاتها في هذا الوقت بالذات أكثر من "ضرورة" ،بل ان كل "اقتراب" منها قد يضرب التشكيلة الحكومية المنتظرة في "مقتل" ، قبل المصادقة عليها وانطلاق عملها.