عقدت اليوم جمعية القضاة التونسيين ندوة صحفية وفيما يلي تقرير الندوة الذي تحصّلت "الصباح نيوز" على نسخة منه. وفيما يلي تقرير الندوة: تعقد جمعية القضاة التونسيين هذه الندوة الصحفية بدعوة من مجلسها الوطني المنعقد بالحمامات في 23 ديسمبر 2018 لتسليط الضوء على المحاور التالية : - الحركة القضائية الاعتراضية - قانون المالية لسنة 2019 - مشروع القانون الأساسي للميزانية - مختلف مستجدات الوضع القضائي العام . في خصوص الحركة القضائية الاعتراضية : تلاحظ جمعية القضاة التونسيين: - تواصل الخلل الشكلي المتمثّل في تعمّد المجلس الأعلى للقضاء التأخير الكبير في البت في مطالب الاعتراضات على الحركة القضائية 2018 – 2019 في خرق واضح للآجال الممنوحة له للبت فيها بمقتضى الفصل 55 من القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 المؤِرخ في 28 أفريل 2016 والمحددة بخمسة عشر يوما كحد أقصى بما أفضى الى تفاقم وضعية تعطيل العمل بالمحاكم التي تعاني نقصا في عدد القضاة وشكل ضربا لمبدأ الحوكمة الرشيدة المنصوص عليه بالدستور وأن تكرر ذلك في الحركة القضائية الأصلية والحركة الاعتراضية أصبح بمثابة السياسة الممنهجة من المجلس الغاية منها حرمان القضاة من حقهم في ممارسة الطعون المخولة لهم قانونا بالجدوى والفاعلية اللازمة. - مواصلة مجلس القضاء العدلي المضي في سياسة التعتيم على أعماله والغياب الكامل لقواعد الشفافية وذلك بعدم الإعلام بعدد الاعتراضات المقدمة له ومدى التقدم في إجراءات البت فيها والمعايير المعتمدة من طرفه وعدم الاستجابة للمراسلات الموجهة إليه منذ تاريخ 9 نوفمبر 2018 لتمكين جمعية القضاة من نسخ ورقية من جميع المحاضر وجميع الوثائق ذات الصلة بالحركة القضائية 2018 – 2019 واستهانته بحق القضاة في الإطلاع على الأعمال والإجراءات التي رافقت البت في مساراتهم المهنية. - اقتصار الحركة الاعتراضية على الاستجابة إلى 51 مطلبا فحسب من جملة مطالب الاعتراض المقدمة للمجلس والتي تجاوزت حسب ما بلغ إلى الجمعية 200 مطلبا بما يؤكد محدودية الدور الذي اضطلع به في تجاوز الإخلالات الجوهرية التي شابت الحركة القضائية الأصلية بما أدى إلى استدامة وضعيات الحيف التي طالت القضاة المعترضين. - إغفال تسديد الشغورات في أغلب المحاكم التي تشكو نقصا حادا في القضاة بما من شأنه أن يعمّق عدم التوازن في توزيع القضاة بين محاكم الجمهورية وأن يفاقم ظروف العمل المتردية بها وأن التدخل على مستوى محاكم صفاقس بتسديد عدد 9 شغورات بالمحكمة الابتدائية بصفاقس وعدد 3 شغورات بالمحكمة الابتدائية صفاقس 2 رغم إيجابيته لم يكن في مستوى ما تعانيه تلك المحاكم من شغورات حقيقية فضلا على أنه لم يتم تسديد أي شغور بعديد المحاكم الأخرى التي تشكو نقصا فادحا في عدد القضاة . - الإبقاء على ما تضمنته الحركة القضائية الأصلية من تجريد لعدد من القضاة من الخطط القضائية في شكل عقوبات مقنعة خارج كل مساءلة تأديبية ودون اعتماد مبدأ المواجهة لتمكينهم من حق الدفاع. - غياب قواعد الشفافية بالنسبة للاستجابة لبعض مطالب النقل دون غيرها والإبقاء على حالات الحيف التي طالت عديد القضاة المعترضين بعد توسيع نطاق تطبيق مقتضيات نقلة القضاة لمصلحة العمل رغم صبغتها الاستثنائية ودون إرفاق الحركة الجزئية بتقرير لبيان المعايير المعتمدة فيها. هذا وتلاحظ جمعية القضاة التونسيين أنها دعت جميع القضاة الذين لم تقع الاستجابة إلى مطالبهم وتمكينهم من حقهم في النقل والخطط القضائية والذين تعرّضوا للحيف وعدم المساواة إلى الطعن في تلك القرارات أمام المحكمة الإدارية تصديا لكل الخروقات التي شابت البت في مساراتهم المهنية كما تلاحظ أنها رفعت دعوى لدى هيئة النفاذ إلى المعلومة لتمكينها من الوثائق التي تمت مراسلة المجلس الأعلى للقضاء في شأنها . في خصوص قانون المالية لسنة 2019 تعتبر الميزانية عملا سياسيا بالغ الاهمية يعكس سياسة الحكومة ومدى توفّر الإرادة لديها في تكريس وتفعيل المبادئ والمعايير الدولية في مجال استقلال السلطة القضائية بالاعتماد في ذلك على مؤشرات أداء تسمح بمعرفة متطلبات العمل القضائي وتقييم أدائه وتحقيق أهدافه في قضاء فاعل وناجز وفي خدمة طالبي العدالة. و بالرجوع الى قانون المالية لسنة 2019 وتحديدا الى ميزانية وزارة العدل بعد المصادقة عليها يتضح أنها بلغت 655 مليون و660 ألف دينار منها 292 مليون و951 ألف دينار للعدل (باعتبار أن ميزانية وزارة العدل مجزأة إلى برنامج العدل وبرنامج السجون) وأن نسبة ما هو مخصص للعدل من الميزانية العامة للدولة المقدرة ب (40.741.000.000د) هو في حدود %0,72 فقط في مخالفة واضحة للمعايير الدولية حسب المقرر الخاص المعني باستقلال القضاء لدى مجلس حقوق الإنسان بمنظمة الأممالمتحدة التي توجب أن تتراوح تلك النسبة بين 2 و6 في المائة من الميزانية العامة للدولة . و بالتالي وباعتماد الميزانية المذكورة، تكون الدولة التونسية قد برمجت لكل مواطن 25 دينار بعنوان مرفق القضاء العدلي خلال سنة 2019 دينار والحال أنه بعنوان نفس السنة بلغت الميزانية المخصصة للعدل في فرنسا ما يقارب 5 مليار أورو بما يجعل نصيب كل مواطن فرنسي منها 76 أورو أي ما يعادل 250 دينارا تونسيا . مع الملاحظ أن معدل نصيب كل ساكن في الاتحاد الأوروبي سنة 2014 يبلغ 60 أورو وفي النمسا 96 أورو ،إيطاليا 73 أورو ،البرتغال 52 أورو ،هولندا 122 أورور ،اسبانيا 88 أورو). هذا وبإجراء مقارنة بسيطة بين عمل القضاة في كل من تونسوفرنسا رغم تفاوت الامكانيات يتضح أن عدد القضاة العدليين التونسيين خلال السنة القضائية 2016/2017 بلغ 2042 قاض تولوا فصل 2.340.018 قضية بما يعني أن معدل فصل القاضي الواحد قد بلغ 1146 قضية في حين أنه في فرنسا وخلال نفس السنة القضائية بلغ عدد القضاة العدليين 8313 قاض تولوا فصل 3.830.660 قضية أي بمعدل 461 قضية لكل قاض بما يفضي إلى القول بأن الإشكاليات التي تعاني منها العدالة في تونس ليست في ضعف أداء القضاة رغم الاقرار بالنقص الحاصل في عددهم وإنما في قلّة الموارد والإمكانيات الموضوعة على ذمتهم وضعف البنية التحتية وغياب سياسة حقيقية للاستثمار في القضاء ودعمه وهو ما تعبّر عنه بكل وضوح الاعتمادات الهزيلة المرصودة بقانون المالية 2019 للعدالة والتي لا يمكنها أن تحقق الأهداف المنصوص عليها والمتمثلة في التقليص في آجال الخدمات القضائية وتطوير جودة تلك الخدمات وتحسين ظروف العمل بالمحاكم وتأمينها وهي أهداف لا يمكن بلوغها إلا بتفعيل مقترح جمعية القضاة التونسيين المقدم لوزير العدل منذ تاريخ 22/09/2016 للنهوض بالبنية التحتية للمحاكم بشكل عام وخاصة بالجهات الداخلية لتعصير ظروف العمل بها وتحفيز الكفاءات القضائية على الالتحاق بالعمل بتلك المحاكم . مقترح قدّم تحت عنوان " صندوق دعم جودة العدالة " يقع تمويله من خلال معلوم نشر يوظف بمناسبة إيداع الشكايات ومطالب الأعمال الولائية ورفع القضايا أمام المحاكم العدلية والإدارية والمالية .علما وأن المبالغ المقترحة كمعاليم نشر فضلا على أنها لا تنطبق على جميع القضايا فهي لا تتسم بالشطط مقارنة بمصاريف تقاضي أخرى ومقارنة خاصة بالنتائج التي يمكن أن يحققها هذا الصندوق على مستوى تحسين خدمة العدالة ومدة الفصل في القضايا وإيصال الحقوق إلى أصحابها . نلاحظ كذلك ضعف ميزانية المحكمة الإدارية المقدرة ب2,752 مليون دينار وميزانية محكمة المحاسبات المقدرة ب 3,351 مليون دينار مقارنة بتطور حجم عمل كل منهما والمهام الموكولة إليهما سواء على المستوى المركزي أو على مستوى الجهات . كما نلاحظ بالرجوع إلى قانون المالية لسنة 2019 وجود تدخل للسلطة التنفيذية في عمل المجلس الأعلى للقضاء من خلال برمجة ترقية 7 قضاة بالمحكمة الإدارية و 19 قاض بمحكمة المحاسبات والحال أن عدد القضاة المرشحين حسب المعايير المنطبقة للترقية سنة 2019 بالمؤسستين القضائيتين المذكورتين هو على التوالي 13 و 38 وأن مشمولات البت في المسار المهني للقضاة يعود إلى المجلس الأعلى للقضاء الذي له وحده صلاحية تحديد حاجيات المحاكم من القضاة وضبط عدد الخطط بعنوان التسميات والترقيات. وما يمكن استخلاصه مما سبق بسطه أن الميزانية المخصصة للقضاء العدلي والإداري والمالي سيؤول حتما إلى زيادة تدهور ظروف العمل بالمحاكم وعدم تحقيق أي نتائج على مستوى جودة العدالة كحق من الحقوق الأساسية للمواطن . في مشروع القانون الأساسي للميزانيّة : نلاحظ خطورة عدم إدراج القضاء العدلي والقضاء الإداري والقضاء المالي كمهمات خصوصيّة ضمن مشروع القانون الأساسي للميزانيّة المعد من الحكومة في فصله 18 كما أننا وإذ نسجّل إيجابيا اقتراح لجنة الماليّة بمجلس نواب الشعب إضافة محكمة المحاسبات كمهمة خصوصية بذلك الفصل إلا أننا نستغرب من إقصاء القضاء العدلي والقضاء الإداري من ذلك رغم أنهما ومحكمة المحاسبات في نفس المرتبة وينتمون إلى نفس السلطة القضائية وورد ذكرهم بنفس الباب المخصص لها بالدستور في مفارقة عجيبة تهدف إلى النيل من المكتسبات والضّمانات الدستوريّة المكرّسة لسلطة قضائيّة حقيقية طبق المعايير الدولية لذا فإن جمعية القضاة التونسيين: - تطالب مجلس نواب الشعب بتدارك هذا النقص الفادح الذي شاب مشروع القانون الأساسي للميزانيّة ودعوته إلى تلافي التأثيرات الخطيرة لذلك بإدراج القضاء العدلي والقضاء الإداري كمهمات خصوصيّة ضمن مشروع ذلك القانون. - تحمّل المجلس الأعلى للقضاء بوصفه الساهر على حسن سير القضاء وضمان استقلاله والرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب والرئيس الأوّل للمحكمة الإداريّة مسؤوليّة المصادقة على القانون الأساسي للميزانيّة دون إدراج القضاء العدلي والقضاء الإداري ضمن المهمات الخصوصيّة بميزانيّة الدولة.