المحاولة الثالثة كانت ثابتة، حيث ولدت حكومة الرئيس سعد الحريري الثانية في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد مخاض 9 أشهر، والتي يتوقع أن تستمر لنهاية العهد. وإذا كانت التحديات الاقتصادية والمالية هي التي حتّمت الإسراع في تأليف الحكومة إلى جانب التوترات في المنطقة وعلى الحدود الجنوبية بين اسرائيل وحزب الله، فإن مجرد إعلان المراسيم انعكس إيجاباً على الوضع النقدي حيث ارتفعت سندات لبنان السيادية الدولارية. وقد رأى الرئيس الحريري « أن الواجب يقتضي الاعتذار من اللبنانيين عن التأخير في تشكيل الحكومة»، مشدداً «على أهمية التضامن الوزاري لنكون بمستوى التحدي». وانتقل الى بيت الوسط حيث احتفل مع كتلة المستقبل بولادة الحكومة على الرغم من أن الحريري خسر معركة عدم تمثيل المعارضة السنية من خارج تيار المستقبل، إلا أنه نجح بالاحتفاظ بموقع متقدم داخل الحكومة مع حليفيه القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي ولا سيما أنه مقبل على تحديات اساسية في البيان الوزاري وفي العلاقة مع سوريا إذا أصرّ حزب الله على انتزاع مكاسب سياسية في هذا المجال، علماً أن الرئيس الحريري نجح في استبعاد خيار حكومة ال 32 وزيراً وتمثيل العلويين تفادياً لتكريس عرف تمثيل الطائفة العلوية والذي لم يتم حتى في ظل الوصاية السورية. وبغض النظر عن حجم حصص كل فريق سياسي، يمكن القول إن الحكومة العتيدة هي حكومة لا غالب ولا مغلوب، على الرغم من أن الثنائي الشيعي نال ما أراده من وزارات ومن حقائب، واحتفظ بوزارة المال التي هي من أبرز الحقائب السيادية، وانتزع من القوات اللبنانية حقيبة الصحة رغم التحفظ الأمريكي على تسلمها من قبل حزب الله. وفي وقت لا تزال علامة الاستفهام ترتسم حول نيل التيار الوطني الحر مع رئيس الجمهورية الثلث المعطّل أم لا في ظل التموضع الملتبس لوزير اللقاء التشاوري، فإن رئيس التيار الوزير جبران باسيل لفت إلى « أننا حصلنا على أكثر مما نريد في الحكومة «. وجاء تأليف الحكومة بعد حل عقدة تمثيل سنّة 8 آذار، وبعد إعادة توزيع حقائب، حيث احتفظ الوزير باسيل بحقيبة البيئة التي كان يريدها الرئيس نبيه بري، واستعاض عنها بنيل حقيبة الثقافة بعد موافقة القوات اللبنانية على التخلي عنها مقابل نيلها وزارة الدولة للتنمية الادارية. وفي وقت جمعت الحكومة معظم القوى السياسية باستثناء حزب الكتائب والحزب السوري القومي الاجتماعي، فإن المفاجأة الإيجابية التي خبّأها الرئيس الحريري تمثّلت في تعيين السيدة ريّا الحسن وزيرة للداخلية والبلديات، وهذه المرة الأولى في تاريخ لبنان التي تتسلّم فيها سيدة وزارة سيادية من هذا الطراز، لتضمّ الحكومة الجديدة أربع نساء هنّ إضافة الى الحسن مي شدياق وزيرة دولة للتنمية الإدارية، فيوليت خير الله الصفدي وزيرة دولة لشؤون المرأة، ندى البستاني وزيرة للطاقة