أشرف علي العريض رئيس الحكومة أمس الخميس على موكب تدشين المقر الجديد لبورصة تونس للأوراق المالية. وحضر التدشين رضا السعيدي الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالملفات الاقتصادية وعدد من المستشارين ورئيس هيئة السوق المالية ورئيس مجلس إدارتها والمدير العام للبورصة ومدير عام شركة الايداع والمقاصة ورئيس جمعية وسطاء البورصة والمسؤولون عن شركات الوساطة بالبورصة. وألقى رئيس الحكومة بالمناسبة كلمة، جاء فيها ما يلي : تشكّل البورصة أحد الروافد الأساسية لتمويل الاقتصاد الوطني ضرورة أنّها تعتبر سوقا يلتقي فيها المستثمرون لشراء وبيع سندات رأس مال. وقد شهدت بورصة الأوراق المالية بتونس منذ إنشائها سنة 1969 تطوّرا هامّا في عدة مجالات لتكون آخر حلقات هذا التطور إنجاز هذا المقرّ الذّي نتولّى اليوم تدشينه على بركة الله.
لقد بلغت السوق المالية التونسية مستوى جيدا من التأهيل القانوني والتنظيمي غير ان ذلك لا يحجب ضعف مساهمة هذه السوق في تمويل الاستثمار الخاصّ إذ لم تتعدّ حصّتها في أحسن الحالات 11 بالمائة سنة 2010 وتراجعت إلى 6 بالمائة خلال سنة 2012 بالإضافة إلى تواضع عدد الشركات المدرجة بالبورصة الذي لم يتجاوز 62 شركة لا سيّما أنّ غالبيتها تمثّل القطاع المالي فضلا عن أنّ عدد المؤسسات المدرجة بالسوق البديلة لا يتجاوز 4 شركات. إنّ المؤشرات الحالية للسوق المالية لا تعكس قدرة هذه السوق على تعبئة الأموال الضرورية لتطوير الطاقات الإنتاجية للعديد من المؤسسات الخاصة والعمومية وتوسيع أنشطتها محليّا ودوليا أو إعادة الهيكلة المالية للبعض الآخر بهدف تقليص مديونيتها وتأمين ديمومتها في ظلّ احتداد المنافسة المحليّة والخارجية وتتالي الأزمات المالية التي تعرّضت لها منطقة الأورو. وتعتبر الإدراجات الأخيرة لحوالي 8 شركات بالبورصة أحد أبرز هذه المجهودات التي كان لها الأثر الإيجابي على ارتفاع الطلب لبعض الشركات على غرار شركة "لاند دور" بما يعادل 13 مرّة العرض، و بما يعادل 12 مرّة لشركة "أي تاك" التي تنشط في قطاع التكنولوجيا الحديثة والتي نعطي اليوم إشارة انطلاق تداول أسهمها بما يمكّنها من تعبئة موارد مالية من السوق لتدعيم قاعدتها المالية وتحقيق استراتيجيتها التنموية الجديدة وتحسين إشعاعها على المستوى المحلّي. وكذلك الشأن بالنسبة إلى شركة نيو بودي لاين التي تحصّلت خلال الأسبوع الفارط على تأشيرة هيئة السوق المالية لإنجاز عملية الترفيع في إطار عملية إدراجها بالسوق البديلة. وان دفع الاستثمار هو المولد الحقيقي للثروة ولمواطن الشغل، كما أثمّن اختيار هذا التوقيت المتزامن مع مرحلة تجسيم الإصلاحات على المستوى الاقتصادي والمالي والمصرفي. إنّ مثل هذه الإدراجات ستساهم في تحسين مناخ الاستثمار وتدعم ثقة المستثمر في السوق المالية. لا يفوتني في هذه المناسبة أن أذكّر بمساهمة السوق المالية في دعم القاعدة المالية لبقية مكونات القطاع من بنوك وشركات للإيجار المالي من خلال عمليات ترفيع في رأس المال أو بإصدار القروض الرقاعية بهدف احترام قواعد التصرف الحذر وتطوير تدخلها في الاقتصاد الوطني فضلا عن المحافظة على توازناتها المالية. هذا بالإضافة إلى الإمكانيات الكبيرة لمؤسسات التوظيف الجماعي في الأوراق المالية في تعبئة الادخار والتي أضحى عددها اليوم فوق المائة وتتصرف في أصول تفوق 5 مليار دينار وتساهم بشكل هام في تمويل عجز ميزانية الدولة واستقطاب عدد كبير من المستثمرين.
إنّ التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني وبصفة خاصّة السوق المالية كثيرة لكن عزمنا اكبر على تخطي هذه الصعوبات والاستفادة من مرحلة الانتقال الديمقراطي بهدف دفع الاقتصاد والرّفع من نسق النمو والارتقاء بمستوى عيش المواطن في كنف الامن والاستقرار. ووجودي هنا تعبير عن التزام الحكومة بمواصلة الاصلاحات والمبادرات لتحقيق تنمية متوازنة يستفيد منها كل المواطنين وتقوي الثقة في المستقبل للجميع.