يبدو ان اختيار حزب «تحيا تونس» لرئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية، شوقي قداس لرئاسة لجنة الاعداد لمؤتمره التأسيسي يتجه نحو اثارة جدل واسع و»زوبعة» قد يتناثر غبارها في الايام القليلة القادمة لتلقي بضلالها على المشهد السياسي، لاسيما بعد الانتقادات التي رافقت هذا الاختيار باعتبار الالتزامات الاخلاقية لرئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية. فمنذ الاعلان عن اختيار شخصية شوقي قداس لهذه المهمة «الحزبية»، تواترت ردود الافعال الغاضبة والمنتقدة لهذا التوجه من مختلف الاطياف السياسية بما في ذلك بعض الاطراف داخل «تحيا تونس» نفسه والتي عبرت عن رفضها لهذا الاختيار تجنبا لحساسيته وتأثيراته السلبية على الحزب نفسه، لأن أكثر القراءات والتأويلات أكدت أن مثل هذا التوجه فيه نوع من «الاختراق» والانتهاك للهيئات الوطنية وهو ما قد يمس من مصداقيتها ويهز صورتها. وفي ظل تباين المواقف، حاولت «الصباح» رصد آراء عدد من الشخصيات السياسية. محمد عبو القيادي بالتيار الديمقراطي اعتبر ان اختيار رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية لرئاسة لجنة الاعداد للمؤتمر التأسيسي «لما يسمى حزب تحيا تونس» هو نوع من الاستغلال من جانب رئيس الحكومة يوسف الشاهد لصفته الحالية ليجمع حوله الكثير من موظفي الدولة معوّلا في ذلك على انتشار ثقافة أنّ من يتقرب من السلطة هو من يستطيع النجاح في وظيفته ويحقق النفع، الى جانب التعويل على عقلية الكثير من أصحاب الاموال الذين يريدون التقرب من السلطة إما لحماية أنفسهم أو لقضاء مصالحهم. واعتبر عبو ان المشكل هو أن شوقي قداس رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية اختار «الحزب الأسوأ» لان ما يسمى ب»تحيا تونس» من أكثر الاسباب خرقا للقانون منذ الاعلان عنه حديثا بدءا بسرقة الاسم «الذي يعتبر المشترك التونسي»، كما ان هذا الاخيار على رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية يبدو أمرا غريبا باعتبار ان من أُولى مخالفات هذا الحزب الجديد هي النيل من المعطيات الشخصية بعد ان تم الاتصال إلكترونيا بالكثير من الاشخاص لدعوتهم لإتمام إجراءات انخراطهم في «تحيا تونس» رغم ان الكثير منهم أكدوا أنهم لم يتصلوا أصلا بالحزب ولا علاقة لهم به، وهذا ما يؤكد مرة أخرى ان الانتماء لأحزاب السلطة في تونس أصبح شبهة، على حد قول القيادي بالتيار الديمقراطي. وأكد عبو «ان المعطيات الشخصية وحمايتها منصوص عليها في الدستور ويجب ان يشرف عليها أشخاص بعيدين كل البعد عن التسييس». من جانبه أكد سالم لبيض رئيس الكتلة الديمقراطية ان هذا التصرف ليس توظيفا لمؤسسات الدولة فقط بل هو أخطر من ذلك لان في استغلال الهيئات المستقلة اختراق واضح للهيئات التي تحمل تمثيلية وطنية وليست تمثيلية فئوية أو حزبية. كما دعا سالم لبيض البرلمان الى عزل رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية او مطالبته فورا بالاستقالة لأنه يشرف على أكثر الهيئات حساسية موكول لها مهمة المحافظة على المعطيات الشخصية للتونسيين وليس انتهاكها وجعلها مباحة للأحزاب السياسية مهما كانت توجهاتها. تسخير إمكانيات الدولة في السياق نفسه اعتبر عمار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية ان اختيار شوقي قداس رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية ليكون على رأس لجنة الاعداد لمؤتمر حزب رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد دليل قاطع على ان هذا الحزب يسخر كل الامكانيات لتحقيق مغانم انتخابية في 2019 مشددا على انه سيتم التشاور مع بقية الكتل الديمقراطية للمطالبة باستقالة قداس من الهيئة. وشدد عمروسية على ان الشاهد يريد خلق حزب على حساب مؤسسات الدولة وهذا خطير جدا على حد قوله. وفي الوقت الذي أكد فيه القيادي بحزب «تحيا تونس» وليد جلاد ان اختيار شوقي قداس يندرج ضمن خيار الحزب التوجه نحو الشخصيات المستقلة للإشراف على المؤتمر التأسيسي لكسر قاعدة التجاذبات السياسية وتجنبا لمختلف الصراعات والمناكفات كما حدث في بعض الاحزاب الاخرى، فإننا اتصلنا بالعديد من السياسيين ضمن الائتلاف الحكومي لرصد مواقفهم الا ان اغلبهم «تهرب» من الاجابة وطلب اعفاءه بكل لطف. قداس يوضح.. وتعليقا على مختلف ردود الافعال بعد اختياره لرئاسة لجنة اعداد المؤتمر التأسيسي ل «تحيا تونس» أكد شوقي قداس ل «الصباح» انه سيشرف على عملية تنظيم المؤتمر بصفته الشخصية المستقلة لأنه لا علاقة له بالسياسة ولا بالأحزاب ولن يكون في حزب «تحيا تونس» او غيره مضيفا «لا انتمى ولن انتمى لأي حزب سياسي لا الآن ولا مستقبلا وهذا عهد مني، ولو طلب مني أي حزب سياسي آخر غير تحيا تونس نفس الطلب فسألبي ذلك». وشدد قداس على انه «منذ اليوم (أمس) الخميس 21 فيفري في عطلة تنتهي موفى شهر أفريل القادم» وسيخلفه على رأس الهيئة القاضي الاداري الأكبر سنا محمد الهادي الوسلاتي وفقا لما جاء في قانون سنة 2004 على حد قوله. جهاد الكلبوسي