يعتبر ملف "المال السياسي الفاسد" من بين أهم الملفات "الحارقة" خاصة لما يمكن أن يكون له من تأثير على الحملات الانتخابية وعلى الناخب التونسي. وإن ضبط القانون الانتخابي مصادر تمويل الأحزاب والقائمات المترشحة للانتخابات غير أنّ الثغرات تبقى مطروحة. وفي هذا السياق، تحدثت "الصباح نيوز" مع عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنيس الجربوعي الذي أكّد أنّ هذا الملف "حساس" وأنّ الهيئة اتخذت جملة من الإجراءات في إطار سلسلة لقاءات مع الهيئات والجهات المعنية بهدف حسن سير مُختلف المراحل الانتخابية ومنع تسجيل أيّ "تمويل سياسي فاسد". وأوضح الجربوعي أنّ هيئة الانتخابات قد عقدت لقاءيْن أولييْن مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهيئة الرقابة المالية، في انتظار عقد لقاء في القريب العاجل مع ممثلين عن دائرة المحاسبات، مُشيرا إلى أنّ هيئة الانتخابات قد تداولت وهيئة مكافحة الفساد حول المسائل التقنية المتعلقة بكيفية التعاطي مع ملف المال السياسي الفاسد عبر "شبكة تبادل المعلومات" فيما تداولت وهيئة الرقابة المالية "حول تحسين جودة التصرف المالي لهيئة الانتخابات والمساعدة في الحصول على معلومات حول تمويل جمعيات ومؤسسات عمومية واحزاب". وذكّر الجربوعي بصفة الضابطة العدلية لهيئة مكافحة الفساد. ومن جهة أخرى، قال أنيس الجربوعي إنّ هيئة الانتخابات قد التقت بالوزير المُكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان الذي ثمّن عمل هيئة الانتخابات واعتبر أنّ الفيصل بينها وبين الجميع تطبيق القانون، وفق قوله. كما أشار الجربوعي إلى أنه "سيكون هنالك لقاء مُبرمج قريبا مع محافظ البنك المركزي أو من سيمثله حول مسألة التمويل وكيفية مراقبة تمويل الاحزاب التي لها تمثيليات بالخارج"، وذلك في إطار الحيلولة دون تسجيل أيّ تجاوز على امتداد الفترة الانتخابية. أنيس الجربوعي ل"الصباح نيوز": وفي نفس الإطار، قال أنيس الجربوعي إنّ هيئة الانتخابات ستنزل بثقلها من أجل ضمان حسن سير العملية الانتخابية بمختلف مراحلها انطلاقا من التسجيل إلى غاية الاعلان النهائي عن الفائزين في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة التي ستكون على النحو التالي 6 أكتوبر و10 نوفمبر. وأشار الجربوعي إلى أنّ هيئة الانتخابات ستُركّز أكثر من 3 الاف عون للقيام بعملية التسجيل ، حيث سيتم خلال الاسبوع القادم نشر اعلان الانتداب، كما ستعلن عن انتداب 3 الاف عون لمراقبة الحملة الانتخابية وتمويلها وبعث التقارير اللازمة للهيئات الفرعية للانتخابات، مُضيفا أنّ الهيئة ستنتدب حوالي 60 ألف عون مركزين يوم 6 أكتوبر، لضمان حسن سير العملية وذلك وفق ما اطلع عليه محدثنا من المخطط العملياتي الانتخابي والذي سيتم المصادقة عليه قريبا فيما يخص الانتدابات للحملة الانتخابية وتركيز الهيئات الفرعية ورؤساء واعضاء مكاتب الاقتراع. وفي سياق آخر، أكّد أنيس الجربوعي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنّ أيّ حزب أو قائمة مترشحة للانتخابات القادمة لها مشاكل عدم خلاص أو تجاوز سقف أو مشاكل تمويل لا يمكنها الترشح، قائلا: "سننتظر قرارات محكمة المحاسبات.. فإذا أعلنت محكمة المحاسبات قراراتها قبل غلق الترشحات سيطبق القانون بحذافره بالنسبة للمُخالفين فإما تسوية الوضعية أو يُمنع من الترشح.. وإذا أصدرت المحكمة حكمها بعد غلق الترشحات فان الجهة المترشحة للانتخابات يمكن أن تستظهر ب"وصل ابراء الذمة لسنة 2018 " ولكن عندما يصدر الحكم بعد الترشح فانه يتم الاخذ بعين الاعتبار قرار الحكم حتى بعد عملية الترشح واعلان النتائج.. فلا هروب من القضاء حتى من ترشح قد يتعطل في بقية المسار الانتخابي". ودعا الجربوعي الأحزاب والقائمات التي وجّهت لها محاضر تنبيه مُوجهة من قبل دائرة المحاسبات إلى تسوية وضعيتها في أقرب الاجال اذا كان لها نية الترشح، مُضيفا: "إنني متأكّد أن الاحزاب التي لها تمثيلية في البرلمان وموجودة ومُهيكلة أنها لا تلعب بالنار في مثل هذه الملفات فهي جادة وحريصة كلّ الحرص على تسوية وضعياتها والرد على تقارير دائرة المحاسبات الموجهة لكل قائمة مترشحة على حدة وتتعلق بمصادر التمويل وطريقة صرفها طبقا للقانون لغلق الملف خوفا من اسقاط ترشحها".. غير أنّ الإشكال المطروح يبقى منحصرا خاصة في الاحزاب التي ترشحت للبلدية وليست لها النية للترشح للتشريعية القادمة". كما طالب الجربوعي الأحزاب التي ترغب في الترشح للانتخابات التشريعية بالدخول إلى الانتخابات بطريقة نظيفة والابتعاد كلّ البعد عن المال السياسي الفاسد، خاتما بالقول: "القضاء مستقل والهيئة مستقلة واذا ثبت بعض التجاوزات فلا هروب ولا مناص من القانون.. ولهذا يجب تجنب التجاوزات".