إنخفاض بنسبة 3% في عجز الميزان التجاري الطاقي موفى شهر مارس 2025    عاجل/ إنتشال جثّة من قنال مجردة بهذه الجهة    قضية قتل المحامية ''منجية'': قاضي التحقيق يستمع لشقيقها وشقيقتها    عاجل/ وفاة هذا النائب بالبرلمان..    الإحتياطي من العملة الصعبة يغطّي 99 يوم توريد..    بمشاركة 12 دولة من العالم: اختتام ملتقى الفجيرة الدولي للعود    بمشاركة أطباء مختصين من تونس والجزائر.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوطني ال27 للطب الباطني بالحمامات    خاص: فاضل الجزيري يتعرض الى وعكة صحية    وزارة الحج والعمرة تُعلن عن تقويم موسم العمرة    كرة اليد: أفضل حارسة في افريقيا مي جمعية تلتحق بجمعية الساحل    فداء توجه نداءً عاجلاً لذوي شهداء وجرحى الثورة    الخطوط التونسية: ارتفاع في عدد المسافرين وتحسن في مؤشرات الأداء التجاري والمالي    مفزع/ تلاميذ يستدرجون زمليتهم الى مقبرة ثم يتداولون على اغتصابها وتصويرها..!    الطلاق عند عدل الاشهاد دون المرور الى المحاكم: الهيئة الوطنية للمحامين تدخل على الخط..#خبر_عاجل    من أغنى رجل في العالم إلى أكبر متبرّع: بيل غيتس سيتبرع ب200 مليار دولار    نابل: انطلاق فعاليات أيام "حرفة الحصير"    اختتام الدورة الرابعة لتظاهرة "أيام فائض للإبداع" بالمكتبة العمومية بفائض    أيام الفنون والحرف التقليدية من 14 إلى 16 ماي 2025    باكستان: إسقاط "77 مسيرة" هندية    ندوة صحفية يوم 16 ماي بتونس العاصمة للتعريف بمرض الابطن في المجتمع التونسي    حجز أكثر من 650 كلغ من لحوم الدواجن في منوبة..وهذه التفاصيل..    طفل تونسي يذهل العالم: إياس معالي يحصد المرتبة الثانية في بطولة الحساب الذهني في تايوان    فاجعة في مدينة فاس المغربية: انهيار مبنى سكني يخلّف قتلى وجرحى    bacweb.tn: موقع لا غنى عنه لكل تلميذ يستعد للباك!    تراوحت بين العامين و 6 سنوات: أحكام سجنيّة ضد مسؤولين ب ''الكنام''    ثلاثة لاعبين مغاربة في نهائيات المسابقات الأوروبية هذا الموسم    بيع تذاكر الكلاسيكو بشابيك ملعب المنزه    النوم 4 ساعات فقط قد يجعلك أكبر ب4 سنوات!    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    القلعة الكبرى: وفاة طفل غرقا في 'جابية'    العاصمة: خضروات، فواكه، لحوم وأجبان... تصلك مباشرة من المنتج!    مانشستر يونايتد وتوتنهام إلى نهائي الدوري الأوروبي لكرة القدم    بطولة مصر : فخر الدن بن يوسف هداف لكن فريقه المصري البورسعيدي يتعثر امام الاهلي برباعية    تشيلسي يتأهل لنهائي دوري المؤتمر الأوروبي على حساب ديورغاردن    مفزع/ الاحتلال الصهيوني ارتكب 12 ألف مجزرة وأباد 2200 عائلة منذ بدء العدوان على غزة..    أسرة أم كلثوم تهدد باللجوء إلى القضاء بسبب فيديوهات الذكاء الاصطناعي    سيدي بوزيد: اعتصام عدد من أعضاء الفرع الجامعي للتعليم الأساسي    نائب شعب يُعلن استقالته من البرلمان    عاجل/ خلال اشرافه على مجلس وزاري: رئيس الدولة يسدي تعليماته بالحسم نهائيا في هذه الملفات..    نصائح فطور صحي ''للتوانسة'' الذين يعانون من الكوليسترول    هطول كميات متفاوتة من الأمطار خلال ال24 ساعة الماضية خاصة بالشمال    الطلاق أمام عدل إشهاد يثير الجدل: النائب يوسف التومي يوضّح خلفيات المبادرة التشريعية    ن هو روبرت بريفوست؟ تعرّف على ليو الرابع عشر.. أول بابا أمريكي    النيجر تصعد ضد الشركات الأجنبية بمصادرة المعدات وإغلاق المكاتب    القسام توقع ب19 جنديا صهيونيا في عملية "ابواب الجحيم"    ملف الأسبوع: مهلكة عظيمة: لا تتتبعوا عوراتِ المسلمينَ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    خيمة الفلاحة تعود إلى شارع الحبيب بورقيبة: الجودة والأسعار في متناول الجميع    نابل: انطلاق الدورة التاسعة من مهرجان الخرافة بدار الثقافة حسن الزقلي بقربة تحت شعار التراث والفن    الكاف:تظاهرة "المرأة والتراث"احتفاء بشهر التراث    اتحاد الفلاحة: نفوق عدد من رؤوس الماشية بالكاف بسبب الأمطار والبرد.. ومطالب بالتعويض    وزارة التجارة: استقرار شبه تام لأغلب المواد الإستهلاكية مطلع 2025    المديرة العامة للمرحلة الابتدائية: وزارة التربية على أتمّ الاستعداد للامتحانات الوطنية    نصائح طبية للتعامل مع ''قرصة الناموس'' وطرق للوقاية منها    طقس الخميس: تواصل نزول الأمطار الغزيرة    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتبان يساريان ل"الصباح نيوز": الأزمة في الجبهة الشعبية أزمة هيكلية ومؤسساتية..وهذه مفاتيح حلها
نشر في الصباح نيوز يوم 19 - 03 - 2019

*مصطفى القلعي: ما يحدث صلب حزبي الوطد و"البوكت" صراع ديكة مثير للشفقة والسخرية
*عبد الجبار المدوري: على الجبهة إعادة بناء بيتها الداخلي على أسس صحيحة تقطع مع المحاصصة والزعاماتية والسكتارية والانعزالية
لم تكن الأزمة التي تمر بها الجبهة الشعبية حاليا أزمة عابرة، بل يمكن أن تعتبر الأعنف في "التاريخ" القصير لهذا الائتلاف الحزبي الذي يمثل أحزاب اليسار التاريخي التونسي.
أزمة جعلت عديد من مفكري ومثقفي وكتاب اليسار يسيلون حبرا كثيرا "حول ضرورة تجاوزها والمرور إلى مرحلة وضع حجر الأساس لمؤسسات داخل الجبهة تقيها من ويلات أي أزمة مستقبلية".
على الأقل هذا ما اتفق فيه كاتبان وباحثان يساريان تحدثت معهما "الصباح نيوز" حول أزمة الحال داخل هذا الائتلاف السياسي الكبير الذي تأسس سنة 2012، ومر منذ ذاك بعديد الأزمات أبرزها تعيشه أخيرا من أزمة يمكن أن نطلق عليها "أزمة مرشح الرئاسة" التي استعرت بين حزبي الوطنيين الديمقراطييين الموحد "الوطد" وحزب العمال.
في هذا الصدد يرى الكاتب والباحث السياسي مصطفى القلعي في حوار ل"الصباح نيوز" أن أزمة الترشيحات صلب الجبهة الشعبيّة أزمة هيكليّة بالأساس.
كما يرى أن هذه أزمة "مفتعلة لأنّها ليست جديّة ولا تعني الشعب التونسي في شيء. فهي أزمة طواحين هواء يعني افتعال معركة وخصوم ولكن بلا هدف. فلا مرشّح الجبهة سيكون رئيسا للجمهوريّة ولا الرئاسة نفسها تعني شيئا في ظلّ دستور 2014." وأضاف قائلا "لو كانت الأمور عميقة وجديّة في الجبهة لكانت نتيجة عمل مؤسّساتي ومشاورات واسعة تفضي إلى ترشيح واحد من داخل الجبهة أو من خارجها يلتفّ حوله الجميع ويعملون على إنجاحه. أمّا هذا الذي يحدث صلب حزبي الوطد و"البوكت" (حزب العمال) فصراع ديكة مثير للشفقة والسخرية".
وأكد القلعي أنّ هذه الأزمة كانت متوقّعة من قبل مفكّري الجبهة ومتابعي الرأي العام، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى افتقار الجبهة إلى مؤسّسات وهيكلة صلبة تحتكم إليها في حلّ مشاكلها وفي تسيير شأنها اليومي ممّا جعل أمرها بين أيدي أشخاص لا مؤسّسات.
وأضاف القلعي أن "الأصل أنّ المؤسّسات باقية أمّا الأشخاص فزائلون. الجبهة تسيطر عليها أحزاب معروفة بتصلّبها وسكتاريّتها (حزب العمّال والوطد الموحّد) وهو ما عطّل كلّ محاولات تطوير هيكلتها من تآلف أو ائتلاف أحزاب إلى تنظيم يساري أفقي اجتماعي ديمقراطي يقوم أساسا على مبدإ الانتخاب الحرّ. وقد دافعت أحزاب الجبهة بشراسة، ودون استثناء، قيادات وأتباعا، على رفض وحدة الجبهة والحفاظ على هيكلتها الحاليّة التجاوريّة".
وأردف "لقد مرّ اختبار 2014 مخلّفا خسائر كثيرة نتيجة المحاصصة والتوافق المغشوش وخسرت الجبهة مواقع برلمانيّة كثيرة. والجميع يعرف أنّ الكثير من الجبهويّين ومن أحزاب الجبهة الشعبيّة لم يساندوا ترشيح حمّه للرئاسيّة 2014 بل عملوا ضدّه. هذا الخلاف المؤجّل عاد من جديد في الانتخابات البلديّة 2018 خلال تشكيل القائمات ورأينا مواقف مخجلة من أحزاب الجبهة. وتسبّب ذلك في حصيلتها الهزيلة، وهو ما جعل الكثيرين من الجبهويّين يقدّمون مبادرة توحيديّة عنوانها المؤتمر الوطني الأوّل لحزب الجبهة الشعبيّة سحقتها أحزاب الجبهة في المهد. طبعا خطاب الجبهة خطاب محنّط قائم على الصنميّة وعبادة الأشخاص ورفض التداول على المناصب القياديّة وليس فيه أيّ رسالة ديمقراطيّة للشعب".
وأكد القلعي "هناك نقطة مركزيّة هنا هي أنّ خطاب الجبهة قائم على تبنّي صفة الثوريّة وبناء خطاب ثوري ولكنّه موجّه لمتلقّ غير ثوري. وهنا الحلقة المفقودة فالجبهة توجّه خطابا دون أن يكون لها متلقّ مستهدف. والغريب أنّ الجبهة تعاني من سكيزوفرينيا في هذا المستوى فهي تتبنّى الثوريّة وفي نفس الوقت تنخرط في العمليّة الانتقاليّة الديمقراطيّة وتشارك في الانتخابات وتقبل بنتائجها وتنخرط في المؤسّسات الديمقراطيّة (البرلمان). هذا إلى جانب سدّ الأبواب أمام كلّ نفس تنظيري فكري وتكريس فكرة الزعيم الذي يتولّى الأدوار جميعها يعني السياسيّة والفكريّة والثقافيّة والدعائيّة والإعلاميّة. ويتولّى الأتباع عمليّة مسح الأرض أمامه وخلفه. كلّ هذا جعل فكرة الزعيم (الناطق الرسمي/ المرشّح للرئاسيّة/ رئيس القائمة...) تغازل الكثيرين وتغريهم".
وأردف القلعي أنه لم يتفاجأ مما صدر عن اللجنة المركزيّة للوطد الموحّد الذي صار يطالب بشكل صريح بالديمقراطيّة والتداول، مؤكدا أنّ "الوطد لم يكن مع أيّ خطوة نحو الهيكلة والمأسسة عندما وردت على لسان المثقّفين والمستقلّين، بل بالعكس كان إلى جانب حزب العمّال ضاغطين في اتجاه منع أيّ مبادرة من خارجهما. واليوم بعد أن نجح حزب العمّال والوطد في إبعاد الجميع انفجر الخلاف بينهما. يعني أبعدوا الجميع وفسحوا الطريق لعراكهما".
وأضاف القلعي "الجبهة الآن في منعطف هام وأحزابها قرّرت أن تدخل في خلاف في الوقت الخطإ. وأيّ خطر سينجرّ عن هذا الخلاف يتحمّله الحزبان وقادتهما. ولكنّهما على وعي كامل بأنّه لا وجود لهما خارج الجبهة. وبقدرما قدّماه للجبهة من تضحيات بقدرما عملا، بوعي أو بدونه، على تعطيل مسيرة الجبهة نحو الوحدة. مصيبة الحزبين هي السكتاريّة وثقافة القطيع واستسهال الإبعاد والإقصاء. ولكنّي لا أعتقد أنّ الوطد سيخرج من الجبهة وإذا خرج فهو يعلن نهايته."
من جانبه قال الكاتب والمفكر اليساري عبد الجبار المدوري في حوار ل"الصباح نيوز" أن الأزمة التي تمر بها الجبهة الشعبية هي في الأساس أزمة مؤسسات تمظهرت في شكل أزمة أشخاص.
وأضاف قائلا "فلو كان للجبهة الشعبية مؤسسات تمثيلية قوية لتم تجاوز هذا الإشكال بطريقة ديمقراطية. لكن الجبهة بقيت عبارة عن ائتلاف حزبي يخضع للمحاصصة الحزبية. المؤسسة الوحيدة التي بقيت قائمة اليوم هي المجلس المركزي الذي يعاني بدوره من ضعف التمثيلية بسبب انسحاب عدد من المستقلين منه وبسبب عدم اجتماعه بصفة دورية نظرا للخلافات الحزبية التي باتت تشقه وخاصة بين الحزبين الكبيرين وهما الوطد الموحد وحزب العمال".
ولكن وبالرغم من ذلك فإن المدوري يرى أنه "في الوقت الحاضر ليس من مصلحة أي مكون من مكونات الجبهة الخروج لأن كل الأحزاب المكونة للجبهة تشكو من الضعف ويمكن أن تزداد ضعفا وتندثر في صورة خروجها، لكن هذه الأزمة قد تؤدي إلى مزيد تفكك الجبهة على المستوى الداخلي وضعف التنسيق بين مكوناتها وعدم قدرتها على الاضطلاع بدورها".
وأشار في إجابة لسؤال"الصباح نيوز" حول الوصفة التي يمكن من خلالها معالجة الأزمة المؤسساتية في الجبهة بما يحيل دون تكرار مثل هذه الأزمات الحادة، أنه أولا، لا بد من إيجاد حل لهذا الإشكال بطريقة توحد الصفوف وتفتح الأبواب لإعادة الحوار والتشاور بين مختلف مكونات الجبهة وخاصة بين الحزبين الأكبر في الجبهة ونعني بهما الوطد الموحد وحزب العمال.
مشيرا إلى أنه أفضل حل لذلك هو تنازل أحد المترشحين للطرف الآخر أو عدم تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية ودعم شخصية مستقلة من خارج الجبهة.
ويؤكد المدوري أنه من ناحية أخرى لا بد من أن تركز الجبهة جهودها على إعادة بناء بيتها الداخلي على أسس صحيحة تقطع مع المحاصصة الحزبية ومع الزعاماتية والسكتارية والانعزالية وتسارع بعقد مؤتمرات محلية على مستوى المعتمديات ومؤتمرات جهوية على مستوى الولايات تحضيرا لعقد مؤتمر وطني يؤسس لمرحلة جديدة للجبهة الشعبية.
وبين هذا الرأي وذاك يبدو أن تشخيص العلة في الجبهة الشعبية، حسب محدثينا يكمن في أزمة المؤسسات، ومن ثم المحاصصة الحزبية والسكتارية التي تحكم عمل الجبهة الشعبية، والتي يبدو أنه لا حل لها نظريا وعلى المدى البعيد إلا الاسراع في انشاء مؤسسات في الجبهة الشعبية يمكن من خلالها الحوار وحل الأزمات الداخلية دون تعريض "مشروع" الجبهة الشعبية لخطر الاندثار والانحلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.