العلاج بالفنون أمر شائع جدا في بعض المجتمعات، وقد حقق نتائج مبهرة في الآونة الأخيرة، خاصة بعدما أكدت الأبحاث أن الفن وسيلة فعالة للشفاء من الأمراض، منذ أن اكتشف هانز برنزن العلاقة بين الفن التشكيلي والعلاج النفسي. وكان برنزن قد جمع مجموعة من الرسوم التي رسمها بعض المرضى بالشيزوفرينيا في مصحة نفسية، حيث كان يشرف عليها، وتوصل من خلال تحليله للوحاتهم إلى نتائج ساعدته في تشخيص حالاتهم بدقة. وظهرت بعد ذلك أبحاث علمية كان من نتائجها استخدام الفنون في العلاج وليس التشخيص فقط، ثم ظهرت أنواع جديدة منها العلاج بالرقص والموسيقى، وهو الأمر الذي يمكن أن يجعل من المصحات النفسية ملتقى إبداعيا. يروي الفنان التشكيلي محمد عبلة تجربته في سويسرا في مجال العلاج بالفن فيقول "كانت لي تجربة استمرت مدة أربع سنوات مع طبيبة نفسية من سويسرا لعلاج المرضى النفسيين عن طريق الرسم، ونجحت التجربة في علاج العديد من الحالات المستعصية التي عجز العلاج التقليدي عن إشفائها، وكانت أكثر الحالات التي استجابت للعلاج هي حالات الفصام والاكتئاب البسيط". تنخفض حدة شعور الكراهية تجاه الشخص أو المجتمع تدريجيا في رسوم المريض النفسي الذي يلجأ إلى العلاج بالفن التشكيلي وأشار إلى أن نجاح العلاج بالرسم يرجع إلى أن المريض النفسي يستطيع تضليل ومراوغة الطبيب المعالج، وإخفاء طبيعة مرضه، في حين يعد الرسم أصدق وسيلة للتعبير عن مشاعر الإنسان الداخلية وكشف أغوار النفس البشرية. كما يتيح الرسم الفرصة لتفريغ الشحنات الداخلية المكبوتة لدى المريض، ومن هنا يمكن اكتشاف حالته النفسية وتشخيصها عن طريق الرسم، وبالتالي يبدأ العلاج من خلال تعبير المريض بالخطوط والألوان على الورق دون توجيه، تمهيداً لمحو آثار المرض النفسية. وفي حالات كراهية الآخرين أو المجتمع، يشرع المريض في أولى مراحل العلاج من خلال التعبير عن مشاعره برسومات مشبعة بالكراهية تجاه الشخص أو المجتمع، وتنخفض حدة كراهية الشخص أو المجتمع تدريجياً في رسومه التالية. وتؤكد د.عايدة عبدالحميد أستاذة علوم التربية الفنية بجامعة حلوان، أن نظرية العلاج بالفنون وفلسفتها تقومان على الإيمان بقدرات الإنسان الكامنة التي يمكن إخراجها من خلال الفنون التشكيلية في التعبير عن نفسه بشكل تلقائي لاشعوري عن طريق الفن.(العرب)