أكّد المتدخلون في ملتقى بعنوان "محكمة التعقيب ومحاكم الأصل"، على ضرورة تطوير أداء محكمة التعقيب والخروج بها من الوضع الحالي الذي "لا يليق بها كمحكمة عليا"، ملاحظين أنّ كثرة الطعون الواردة عليها ساهمت في إغراقها بالملفات وأنّ كثرة الدوائر بها ساهمت في تشتيت الآراء القانونيّة. وفي هذا الصدد أوضح الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب، الطيّب راشد، أنّ 80 بالمائة من الطعون التي ترد على للمحكمة، غالبا ما يتمّ رفضها أصلا أو شكلا، مبّينا انّه كان من الأجدر إيجاد آلية لفرز هذه الطعون قبل توجيهها إلى التعقيب وذلك لعدم إغراق المحكمة بالملفات وللحسم فيها سريعا. وذكر أنّ محكمة التعقيب أحدثت وقتيا الدائرة 37 لفرز الملفات والبتّ فيها سريعا، معتبرا أنّ هذه الحلول غير كافية وأنّ كثرة الدوائر تتعارض مع مبدأ توحيد الآراء وتساهم في تضاربها. وأشار في هذا الصدد إلى أنّ محكمة التعقيب بتونس تحتوي 37 دائرة، في حين أنّ محكمة التعقيب الفرنسية بها 10 دوائر فقط. وبخصوص هذا الملتقى العلمي، أفاد الطيب راشد بأنهّ يندرج في إطار البرنامج السنوي لمحكمة التعقيب ويهدف إلى التعريف بكيفيّة حصول المتقاضي على حكم في الآجال. وقال إنّ دور محكمة التعقيب اليوم هو توحيد فقه القضاء ونشر المعلومة للجميع، مذكّرا بأنّ المحكمة قد انطلقت منذ بداية 2019 في نشر جميع القرارات، خاصة الصادرة عن الدوائر المجتمعة، عبر موقع "واب"، إضافة إلى عقد اجتماعات دورية لفضّ الإشكاليات وإيجاد الحلول. بدوره أكّد القاضي نذير بن عمّو، أنّ "محكمة التعقيب هي محكمة قانون لكنّ المجتمع التونسي غير قابل لهذه الفكرة ويُطالب بالإنصاف أمام دوائرها. وأضاف أنّ دورها المتمثّل في الإطلاع على المسائل الواقعة أدّى إلى إغراقها بالملفات، داعيا إلى مراجعة التنظيم القضائي والوصول إلى قضاء تعقيبي محدود في عدد الملفات التي ترد عليه ويكون مفيدا للمتقاضي. وقد تمّ التأكيد خلال الندوة على ضرورة أن تكون محكمة التعقيب حافظة للذاكرة، لما فيها من حجج ومن إلزاميّة لقراراتها. كما تمّ التنصيص على أهمية التفكير في تدارك الإشكاليات القانونية والإدارية التي من شأنها أن تدعم محكمة التعقيب وأن تساهم في توحيد فقه القضاء عموما، إضافة إلى تمكينها من الإمكانيات المادية والإستقلالية المالية التي تمكّنها من تطوير أدائها. يُذكر أنّ هذا الملتقى الذي يتواصل على مدى يومين (18 و19 أفريل 2019)، تنظّمه محكمة التعقيب تحت إشراف وزارة العدل وبالتعاون مع برنامج دعم إصلاح القضاء، المُموّل من قبل الإتحاد الأوروبي.