تونس - الصّباح: من الاجراءات الجديدة التي أتى بها القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة الحقوق العينية في مادة التسجيل العقاري ما يتصل بإقرار الطعن بالتعقيب في الأحكام الخاصة بالتسجيل الاختياري وتجاوز المفهوم الضيق والمحدود لحق الطعن بالمراجعة لهذه الأحكام في حالات محددة. وهي المرة الأولى التي يقر فيها المشرع الحق في الطعن بالتعقيب في مثل هذه القضايا منذ صدور القانون المنظم لعمليات التسجيل العقاري للأراضي الفلاحية سنة 1885 وقد وصف البعض هذا التنقيح بالثورة على نظام التسجيل العقاري الساري لما يضفيه من ضمانات إضافية للمتقاضين. ويتعلق الاجراء الثاني الجديد بوجوبية انابة محام في مادة التسجيل العقاري الاختياري مع ضبط آجال محددة للبت في التعقيب. واعتبارا لطبيعة التنقيحات المدرجة إذن صلب مشروع القانون الذي عرض مؤخرا على أنظار مجلس النواب وتمت المصادقة عليه نتوقف في هذه المساحة عند عرض الأسباب الموجبة للتنقيح وجرعة الضمانات التي توفرها للمتقاضين والنشاط المسجل داخل أروقة المحكمة العقارية. جديد التسجيل قبل الغوص في الأسباب الملزمة للتعديل أو التنقيح المدرج يجدر التذكير بأهم ما جاء به القانون الجديد من فصول جديدة معوضة لبعض الأحكام السابقة. - الفصل 319 جديد: أقر وجوبية إنابة المحامي في مادة التسجيل الاختياري. - الفصل 332 جديد ينص على أن احكام المحكمة العقارية القاضية بالتسجيل أو الترسيم الناتج عن حكم التسجيل نهائية الدرجة وتقبل الطعن بالتعقيب لدى محكمة التعقيب ويوقف الطعن بالتعقيب تنفيذ الحكم المطعون فيه. - الفصل 351 جديد: إذا لم يقع الطعن بالتعقيب وانقض أجله يوجه ملف القضية الى حافظ الملكية العقارية الذي يتولى احداث رسم للعقار المسجل. وأقر المشروع امكانية الطعن بالتعقيب ممن كان طرفا في الحكم المطعون فيه أو من خلفائه ويجب على من يريد الطعن بالتعقيب ان يرفع طعنه في اجل لا يتجاوز الستين يوما من تاريخ صدور الحكم ويسقط الطعن يمضي هذا الأجل. بين الاختياري والاجباري يكون التسجيل العقاري إما اختياريا أو اجباريا ويعود التسجيل الاختياري لمن يطلبه ممن له حق عيني عقاري يريد تسجيله بالسجل العقاري ويتحمل الطالب المصاريف اللازمة لذلك. أما التسيجل الاجباري فيتم بصفة تدريجية على كافة العقارات غير المسجلة بكامل تراب الجمهورية باستثناء الأراضي المبنية داخل المناطق البلدية وتتحمل الدولة مصاريفه. ويرمي المشرع من خلال اقرار الطعن بالتعقيب في أحكام المحكمة العقارية الى توفير ضمانات اضافية للمتقاضين بعرض الموضوع من جديد على محكمة غير المحكمة العقارية ويطرح على أنظار محكمة التعقيب بوصفها محكمة القانون والمختصة بالسهر على حسن تطبيقه وتوحيد فقه القضاء في مادة التسجيل العقاري. الحالات الموجبة للطعن وحول الحالات الموجبة للطعن فقد حددها المشرع في عدد من الوضعيات منها صدور حكمين أو أكثر عن المحكمة العقارية في ذات الموضوع وهذه الصورة لا يمكن التفطن اليها عادة إلا من طرف ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط ولهذا السبب خولت التنقيحات المدرجة الى ديوان القيس طلب الطعن لتدارك هذه الوضعيات لدى محكمة التعقيب. كما يعود القيام بالطعن بالتعقيب لكل من له مصلحة إذا انبنى الحكم المطعون فيه على أدلة تثبت جزائيا زورها أوتدليسها وذلك في أجل ستين يوما من صدور الحكم وليس من تنفيذه لأن الأحكام العقارية لا تخضع للإعلام والتبليغ بل تنفذ مباشرة من المحكمة بترسيمها بالسجل العقاري. إنابة المحامي وفي شرح للأسباب الرامية إلى اقرار القانون الخاص بمراجعة بعض أحكام مجلة الحقوق العينية وجوبية إنابة المحامي في اجراءات التقاضي في مادة التسجيل العقاري الاختياري أعزى المشرع ذلك الى مزيد ضمان حقوق المتقاضين بحكم تشعب الاجراءات في مستوى التعقيب لما يتطلب النزاع الاستحقاقي ومجال التسجيل من المام بالجوانب القانونية والاجرائية المتعلقة بوسائل اكتساب الملكية وطرق اثباتها وهو ما يستدعي انابة المحامي في ما يتعلق بالتسجيل الاختياري دون الاجباري باعتبار ان هذا الأخير ترعاه الدولة وتتحمل مصاريفه. أرقام ودلالات تعد مطالب التسجيل بصنفيها الاجباري والاختياري الواردة على المحكمة العقارية بعشرات الآلاف سنويا بما فيها من عمليات تحيين الرسوم المجمدة. في هذا السياق تفيد آخر المعطيات حول نشاط هذه المحكمة خلال سنة 2007 / 2008 النظر في باب التسجيل الاختياري في 9005 مطلب تسجيل وبلغت المطالب الواردة في مجال التسجيل الاجباري 32166 ليبلغ حجم ملفات تحيين الرسوم المجمدة 9121.. ان المطلوب اليوم في ظل اقرار حق الطعن بالتعقيب في أحكام التسيجل العقاري وما يطرحه من مهل زمنيه اضافية للفصل النهائي في عملية الترسيم هو مزيد دعم التركيبة القضائية والادارية للمحكمة العقارية ومراكزها الفرعية حتى تتحقق سرعة أكبر في النظر في الملفات واصدار احكام التسجيل ما دامت فرضية الطعن فيها قائمة بما يعني آليا التمديد في آجال البت واقرار الحكم النهائي لعملية التسجيل وذلك بالنظر الى الكم الهائل من المطالب الجديدة الوافدة على المحكمة العقارية كل سنة والتي تنضاف الى اكوام المطالب السابقة التي لم يتسن البت فيها.