باشرت اليوم الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس النظر في قضية شملت كل من المنسوب اليهم الانتهاك علي السرياطي والمدعو محمد الناصر واخرون والضحية فيها تدعى حميدة العجنقي. ولم يحضر المنسوب إليهم الانتهاك والمحالين بحالة سراح واحيل بن علي بحالة فرار. وفتحت المحكمة المجال لسماع شهادة حميدة العجنقي التي تمسكت بشهادتها التي سبق وأن أدلت بها أمام هيئة الحقيقة والكرامة مبينة أنها أصيلة منطقة عجانقة بسكرة من ولاية أريانة مشيرة أنها وقتذاك كانت تدرس بالسنة الخامسة ثانوي بالمعهد الثانوي بالعمران وكانت ترتدي الحجاب السبب الذي عرضها لعديد المضايقات التي كانت تطالها وغيرها من المحجبات من مديرة المعهد ومحاولة إجبارهن على نزع حجابهن وهذا الأمر كانت ترفضه بشدة وقررت الانخراط في تحرك احتجاجي تلمذي شمل حوالي 60 تلميذة من معهدي العمران ونهج روسيا مشيرة أن ذلك كان عام 1988 لكن ذلك الاحتجاج لم يلق القبول المنتظر فتم في اليوم الموالي تنظيم احتجاج تلمذي ثان واتجهت نخبة بقية التلميذات إلى قصر قرطاج للاحتجاج ولإبلاغ الرئيس بالمضايقات التي تتعرض لها المحجبات فالقي القبض على العديد منهن من بينهن هي وبعد التحري معهن أطلق سراحهن مساء. وأضافت أنه في ذلك التاريخ لم تكن تتقلد أي مسؤولية صلب حركة النهضة وإنما كانت تتعاطف مع الحركة الإسلامية مضيفة أن تحركهن كان عفويا صدر عن تلميذات شعرن بالظلم والقهر لمنعهن من حرية ارتداء الحجاب. وتابعت في شهادتها أنه تم منعها من دخول المعهد ووجهت مديرته استدعاء إلى والدها أعلمته فيه بمنعها من دخول المعهد وهي مرتدية الحجاب فخاف والدها من تعرضها إلى ملاحقات أمنية وطلب منها نزع حجابها لتتمكن من العودة إلى مقاعد الدراسة فرفضت نزع الحجاب وانقطعت عن الدراسة نهائيا والتحقت بمعهد خاص لتلقي تكوين في الإعلامية ثم الحصول على شهادة في الغرض ولكنها لاقت صعوبات في الحصول على عمل بسبب الحجاب فعادت إلى النشاط الجمعياتي المتمثل في العمل الخيري بمعية العديد من الفتيات اللاتي تقمن بمدينة سكرة وتوزيع الإعانات على الفقراء والمساكين الأمر الذي جعلها محل اهتمام ومراقبة من طرف هياكل ومؤسسات التجمع المنحل. وقالت أيضا أنه إضافة إلى النشاط الجمعياتي كانت تشارك في التحركات الطلابية ثم ركزت عملها الخيري على مساعدة عائلات الموقوفين الذين ينتسبون إلى حركة النهضة وبتاريخ 11 سبتمبر 1991 ألقي عليها القبض من طرف حوالي ستة أعوان أمن كانوا بالزي المدني مدججين بالأسلحة واقتحموا مقر سكنى والديها واركبوها عنوة السيارة الامنية في مشهد وكأنه عملية اختطاف مشيرة أنها لم تكن تعلم انه تم القبض على صديقتها سلمى فرحات مضيفة انها وجدت نفسها بنفس السيارة الأمنية التي صعدت على متنها صديقتها سامية العمري بينما شاهدت صديقتها فاطمة المثلوثي على متن سيارة أمنية أخرى مضيفة انه بمجرد صعودها في السيارة الأمنية انهال عليها الأعوان بوابل من الكلام البذيء الماس من كرامتها وترهيبها والاستهزاء منها. وكشفت بشهادتها انه تم نقلها إلى مقر الإدارة العامة للاستعلامات بشارع 18 جانفي وبمجرد أن وطات قدمها المقر شرع الأعوان في ضربها وضرب صديقاتها السالف ذكرهن ضربا مبرحا على رؤوسهن وقد اودعت بنفس الغرفة التي أودعت بها كل من سلمى فرحات وفاطمة المثلوثي وسامية العمري وتابعت " أمرنا بالالتفات إلى الحائط ثم تم نقلها إلى غرفة أخرى وكانت توجد بها فتاة أخرى "بدت عليها بوضوح علامات التعذيب الشنيع وكانت عارية وقد تم لفها داخل لحاف وإخراجها من الغرفة. تضيف انه بعد ذلك أمرها الأعوان بنزع ملابسها ولما رفضت جردوها عنوة وغصبا من ملابسها إلى أن أصبحت شبه عارية ثم تم تعليقها في وضع الدجاجة المصلية فانتابها إحساس بالإهانة والألم المعنوي الكبير مشيرة ان عملية التعذيب كانت على امتداد ساعتين أو ثلاث يعمد خلالها الجلادين إلى ضربها على أماكن عفتها وتهديدها باغتصابها بواسطة عصا والغاية من ذلك انتزاع اعترافات ومعلومات منها عن انتماء المدعو الصحبي الهرمي زوج صديقتها سلمى فرحات الذي كان في حالة فرارعلى خلفية مساعدتها ماديا صديقتها سلمى عن طريق جمع التبرعات لها أو مدها أيضا بمعلومات عن زوجها. مشيرة أن تعذيبها وتعليقها في وضع الدجاجة المصلية مورس عليها أكثر من مرة. وأضافت انه تم تعذيبها مرة أخرى والتحري معها حول خطيبها حسيب سويد مشيرة أن من بين الجلادين كانت امرأة عمدت إلى تعذيبها تعذيبا شنيعا متسائلة كيف تفعل امرأة ما فعلته تلك المرأة بها. ثم أتى جلاد تقول أنه أسمر البشرة قوي البنية أمرها بنزع ملابسها وهددها بالاغتصاب فشعرت وصديقتها التي كانت معها بنفس الغرفة بالرعب واطلقتا عقيرتهما بالصياح مشيرة أن ذلك الجلاد كان يعمد إلى ضربها بشدة مضيفة انه في اليوم الموالي جاء طبيب وفحصها ووصف لها بعض الأدوية كما فحص كل من سلوى العمري وفاطمة المثلوثي وطلب الطبيب من الجلادين الكف عن تعذيبها وصديقتيها ولكن استمر حجزهن داخل مقر الإدارة العامة للاستعلامات بشارع 18 جانفي. في سبتمبر 1991 تقول أن صديقتها سامية العمري تعرضت إلى نفس التعذيب الذي تعرضت اليه هي كذلك فاطمة المثلوثي. مشيرة أنها كانت شاهدة عيان على عديد أعمال التعذيب التي مورست ضد موقوفين آخرين بتلك الإدارة العامة للاستعلامات مشيرة أنها لا تتذكر هويات جلاديها ولكنها تتذكر عددهم الذي وصل تقريبا إلى 20 جلادا بينهم امرأة. وقالت أيضا أن المنسوب إليه الانتهاك محمد الناصر أشرف على فريق الجلادين وحضر إحدى حصص تعذيبها وأنه استدعاها في إحدى المناسبات إلى مكتبه واعلمها بأنها وغيرها نساء ورجال تعرضوا إلى التعذيب بينهم المرحوم محمد مزالي وعديد العسكريين. بتاريخ 26 سبتمبر 1991 أطلق سراحها وكل من سلمى وفاطمة وسامية بعد أن أبلغهن المنسوب إليه الانتهاك محمد الناصر تهديداته مشددا عليهن عدم التوجه إلى منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان أو الصحافة ولا حتى عرض أنفسهن على طبيب خاص. وذكرهن بأنهن محل متابعة ومراقبة لجميع تحركات عائلاتهن وأنهن في صورة مخالفة تعليماته سيخضعن مجددا إلى الإيقاف والتعذيب. وأضافت أن معاناتها لم تقف حتى بعد إطلاق سراحها فقد.خرجت إلى سجن أكبر تمثل في التضييق عليها من طرف عائلتها ورغم ذلك واصلت نشاطها الخيري فالقي عليها القبض وحكمت في أكتوبر 1991 بستة أشهر سجنا مؤجلة التفيذ من أجل تهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها وجمع تبرعات وتوزيع مناشير ورغم ذلك واصلت نشاطها الخيري وجمعت التبرعات وتواصلت مع عائلات الموقوفين الناشطين بحركة النهضة فخضعت مجددا للمحاكمة وحوكمت بعام سجنا في سنة 1993. وقالت إن ما لاقته من تعذيب وسوء معاملة كان سياسة عامة انتهجتها السلطة الحاكمة وقتذاك تجاه المرأة بصفة عامة وكل من حملت فكرا مخالفا أو مبادىء ذلك الفكر واديولوجيته. ليست الغاية التشفي وأكدت أن غايتها من الإدلاء بشهادتها أمام العدالة الانتقالية ليست التشفي بل كشف الحقيقة وطي صفحة الماضي واستخلاص العبر والدروس وليست لها غاية انتقامية معبرة عن أسفها عدم حضور المنسوب إليهم الانتهاك مشيرة أن من بين المظالم التي تعرضت لها كذلك عائلتها حجز بندقية صيد تابعة لوالدها بتعليمات من المنسوب اليه الانتهاك علي السرياطي الذي كان جارها بالسكن رغم أن والدها متحصل على رخصة لامتلاك تلك البندقية. ولم يتم استرجاعها رغم تقديم العديد من المطالب والشكايات في الغرض.