لئن مثّل قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتسجيل السجناء بسجل الناخبين والسماح لهم بممارسة حقهم في الاقتراع للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة سابقة بطلب من قاضي تنفيذ العقوبات، سابقة في تاريخ الانتخابات والقضاء التونسي، إلا أنها تطرح عدة إشكاليات تنظيمية ولوجيستية وحتى قانونية تتعلق أساسا بكيفية تأمين مكاتب الاقتراع داخل السجون، وفي طريقة تأمين تواصل السجناء المعنيين بحق الاقتراع مع الحملات الانتخابية للقائمات المترشحة.. لم ينف عضو مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات، عادل البرينصي، وجود إشكاليات تنظيمية وترتيبية في علاقة بموضوع حق السجناء في الانتخاب. وقال إجابة عن سؤال «الصباح» بخصوص كيفية تطبيق ما يسمح به القانون الانتخابي من حق فئة معينة من السجناء: أولا، في تسجيل أسمائهم بالسجل الانتخابي، وثانيا من ممارسة حقهم في الاقتراع، حيث أنّ القانون الانتخابي لسنة 2014 لا يمنع المساجين الموقوفين على ذمة التحقيق والذين لم يحاكموا بعد أو الذين يقضون عقوبات سالبة للحرية من حقهم المدني في التسجيل والانتخابات، وبالتالي فإننا أمام وضعية «تفعيل» القانون الذي ظل غير مطبق. وأوضح البرينصي أن عدة دول في العالم تسمح بممارسة المساجين لحقهم في الانتخاب داخل السجون وبالتالي فإن قضاء العقوبة يجب ألا يحرم السجين من حقه. علما أن الفصل 5 من قانون الانتخابات والاستفتاء المؤرخ في 26 ماي 2014، لا يمنع حق الانتخاب سوى عمن يقضي عقوبة تكميلية يقرها القضاء تحرمه من حقوقه المدنية، مشيرا إلى أن الهيئة تلقت طلبا من إدارة السجون ب»صواف» من ولاية زغوان، وبدعم من قاضي تنفيذ العقوبات لتأمين تسجيل المساجين تمهيدا لتامين تنظيم عملية الاقتراع. وقال إن الهيئة الفرعية للانتخابات بزغوان عاينت الظروف التي سيتم فيها التسجيل وبعد التنسيق مع الهيئة المركزية تمت الموافقة على التجربة. التجربة بسجن صواف مع إمكانية التعميم.. وشدد عضو مجلس الهيئة على أن الأمر يتعلق حاليا فقط بالسجن المدني بصواف، مؤكدا أنه تم بالتنسيق مع وزارة العدل وقاضي تنفيذ العقوبات، فتح مكتب تسجيل في السجن المدني ب»صوّاف» لتمكين السجناء من الانتخاب، لكنه لم ينف إمكانية تعميم التجربة على بقية السجون بالتشاور والتنسيق مع وزارة العدل والإدارة العامة للسجون. مشددا على أن ضرورة توفر شروط أخرى مهمة لتأمين عملية الاقتراع في صورة اتخاذ قرار نهائي من الهيئة مثل توفر الحد الأدنى من عدد المساجين المسجلين الذين يسمح لهم بالاقتراع لفتح مكتب اقتراع داخل السجن. وإن كان القانون الانتخابي حدد العدد الأقصى للناخبين المسجلين في كل مكتب اقتراع ب600 ناخب في التشريعية والرئاسية، و450 ناخبا في البلدية، إلا انه صمت عن ذكر العدد الأدنى من الناخبين لكل مكتب اقتراع. وقد يتراوح العدد الأدنى بين 50 و100 ناخب، لكن عموما يرجع إلى الهيئة المستقلة للانتخابات وفروعها الجهوية تحديد الحد الأدنى لعدد الناخبين لكل مكتب اقتراع وفقا لشروط موضوعية مثل العدد الجملي للناخبين المرسمين في الدائرة الانتخابية والعامل الجغرافي وتوفر فضاءات الاقتراع.. من التقييد إلى الإطلاق لكن لماذا لم تبادر الهيئة من تلقاء نفسها إلى تنظيم عمليات اقتراع داخل السجون خلال انتخابات 2014 أو خلال الانتخابات البلدية؟. عن هذا السؤال يؤكد عضو مجلس هيئة الانتخابات أن المسألة تنظيمية بالأساس وتتطلب بعض التنسيق والتشاور مع الهياكل الإدارية المعنية لإنجاح العملية، وأيضا مع ممثلي المجتمع المدني والأحزاب.. وبالعودة إلى الجانب القانوني، الذي يتحدث عن منع كل سجين من ممارسة حقه الانتخابي في صورة فقدان حقوقه المدنية، أوضح البرنيصي أن الفصل السادس من القانون الانتخابي ينصّ على أنّ جميع المساجين يتمتّعون مبدئيّا بكافة حقوقهم المدنيّة والسياسيّة بما فيها حقّ الاقتراع، باستثناء المحكومين بعقوبات تكميليّة (على معنى الفصل 5 من مجلة العقوبات الجزائية) تنص على حرمانهم من حق الانتخاب، والمسجونين من أجل جناية تفوق مدة عقوبتها 10 سنوات. علما ان من يقضون عقوبات تكميلية وتمنع مشاركتهم في الانتخاب يعتبر عددهم قليلاً ولا يتعدى 1 في المائة من إجمالي السجناء. ولا يعرف بالتحديد عدد السجناء المسموح لهم بحق الانتخاب، لكن عموما يقدر عددهم بالآلاف إذا ما استثنينا المحكومين المدانين بأحكام تفوق 10 سنوات سجنا أو المورطين في قضايا جنائية.. تجدر الإشارة إلى أن المرسوم 35 المتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي ضيق من مجال حق الاقتراع للمساجين، من أذلك أن الفصل 5 من نفس القانون نص على أن يمنع من ممارسة حقّ الانتخاب : الأشخاص المحكوم عليهم من أجل جناية أو جنحة تمسّ بالشرف بعقوبة تتجاوز مدّتها ستة أشهر سجنا نافذة، ولم يستردّوا حقوقهم المدنية والسياسية. الأشخاص المحجور عليهم. الأشخاص المصادرة أموالهم إثر 14 جانفي 2011. ليتم عند وضع القانون الأساسي للانتخاب والاستفتاء لسنة 2014 مراجعة شروط المنع لينص بالفصل 5 على ما يلي: «يعد ناخبا كل تونسيّة وتونسي مرسم في سجل الناخبين، بلغ ثماني عشرة سنة كاملة في اليوم السابق للاقتراع، ومتمتّع بحقوقه المدنيّة والسياسيّة وغير مشمول بأيّ صورة من صور الحرمان المنصوص عليها بهذا القانون. وبالفصل 6 (جديد) الذي ينص على أنه لا يُرسّم بسجل الناخبين : - الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة تكميليّة على معنى الفصل 5 من المجلة الجزائيّة، تحرمهم من ممارسة حقّ الانتخاب. - العسكريون كما حدّدهم القانون الأساسي العام للعسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي. - الأشخاص المحجور عليهم لجنون مطبق طيلة مدة الحجر. ومعلوم أن العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالفصل 5 من المجلة الجزائية تتحدث عن إمكانية ان يسلط القاضي عقوبات تكميلية للمتهم المدان، مثل الإقامة الجبرية، المراقبة الإدارية، مصادرة المكاسب، الحجز الخاص، الحرمان من مباشرة الحقوق والامتيازات الآتية: الوظائف العمومية أو بعض المهن حمل السلاح وكل الأوسمة الشرفية الرسمية، حق الاقتراع. رفيق بن عبد الله