كشفت أسبوعية ‘‘لوجورنال دو ديمانش'' الفرنسية، في عددها الصادر اليوم الأحد، أن رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي، أكد للقضاة الفرنسيين الذين يحققون في قضية التمويل الليبي لحملة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الرئاسية عام 2007، أكد لهم أنه لم يكن الشاهد المباشر على هذا التمويل المزعوم، ما من شأنه أن يعقد الأمور أكثر على قضاة التحقيق الباريسيين في هذه القضية. وأوضحت الأسبوعية الفرنسية أن هذ الشهادة تحصّل عليها قضاة التحقيق الفرنسيون خلال زيارتهم إلى طرابلس يوم التاسع من فيفري الماضي، غير أنهم لم يدرجوها في ملف القضية إلا قبل بضعة أسابيع فقط. وخلال استجوابه، أكد البغدادي المحمودي أن ليس لديه أي علاقة مباشرة بالوقائع، وأنه تم فقط إخباره بها، مضيفا: ‘‘لم أتعامل مع ساركوزي بشكل مباشر ولم أمنحه أي أموال، والذين تعاملوا معه يوجدون في فرنسا '' في إشارة منه إلى الوسطاء الذين لم يذكر اسم أي منهم، كما تقول ‘‘لوجورنال دو ديمانش''، معتبرة أن تصريحات رئيس الوزراء الليبي السابق، تحرم روايته من أي قيمة أمام العدالة. وتابعت الأسبوعية الفرنسية القول إن استجواب قضاة التحقيق الفرنسيين في فيفري الماضي للبغدادي المحمودي، الذي أفرج عنه الأسبوع الماضي والذي يعد أحد الشهود الرئيسيين في هذه القضية، يخفي أشياء أخرى غريبة. فالقضاة الفرنسيون أكدوا أمام المحمودي أنه ‘‘وفقًا للتحقيقات''، فإن بعض المدفوعات لساركوزي تمت على يد وزير خارجية القذافي عبد الرحمن شلقم. وفي الواقع، جاءت هذه الأطروحة في شهادة البغدادي المحمودي نفسه، والتي لم يدعهما التحقيق. في المقابل، نفى شلقم (المنفي حاليا في إيطاليا) بشكل قاطع هذه الرواية، فيما لم تحتفظ الأرشيفات الليبية بأي أثر لهكذا عملية. وتم استجواب البغدادي المحمودي لأول مرة في عام 2016 من قبل النائب العام في طرابلس. وخلال هذا الاستجواب أكد الأخير، أنه ثمة بالفعل مساهمات ليبية مهمة في الحملة الرئاسية لنيكولا ساركوزي عام 2007، موضحاً أن بشير صالح مدير مكتب القذافي وكلود غيان مدير مكتب ساركوزي وقتها، هما من توليا موضوع التحويلات المالية. وهو ما نفاه الأخيران، وإن كان تصريحات بشير صالح تبدو متذبذبة. كما أكد المحمودي أيضاً خلال استجوابه عام 2016، أن المبالغ التي دفعها النظام الليبي ‘‘كدعم سياسي'' تم خصمها من ‘‘مكتب سياسي'' في ميزانية الشؤون الخارجية، تحت مراقبة وزارة المالية، وأنها ‘‘مسجلة في سجل خاص''. لكنه صحح هذه الرواية خلال استجوابه في التاسع فيفري من قبل قضاة التحقيق الفرنسيين، حيث قال: ‘‘تم تخصيص مبالغ مالية لدعم الحملات الانتخابية في الدول الصديقة؛ ولكن لم يكن لذلك أي ‘‘طابع رسمي '' ولم يتم قط ذكر ‘‘بند الميزانية'' المخصص لهذا الدعم، كما كشفت عن ذلك دائماً ‘‘لوجورنال دو ديمانش''. وفقًا للترجمة الفرنسية الأولية لاستجوابه، قال رئيس الوزراء الليبي السابق عبارة ذات معنى قوي، وهي: ‘‘لا يمكن أن يكون هناك مصدر تمويل آخر غير هذا الحساب''. واعتبرت ‘‘لوجورنال دو ديمانش'' أنه إذا كان كلام المحمودي صحيح، فإن جميع المسارات الأخرى التي يتبعها التحقيق محكوم عليها بالفشل لأنها تعتمد على مسارات موازية وعمليات تسليم الأموال بشكل نقدي. لكن قضاة باريس طلبوا ترجمة أخرى، وبشكل غير المفهوم، اختفت هذه الجملة من محضر النسخة الثانية من الاستجواب. وخلصت ‘‘لوجورنال دو ديمانش'' إلى القول بأن الأمر المؤكد حالياً، هو أن تناقض تصريحات البغدادي المحمودي هذا، يقود قضاة التحقيق الفرنسيين في قضية التمويل الليبي المزعوم لحملة نيكولا ساركوزي الرئاسية عام 2007، إلى طريق مسدود جديد (وكالات )