انتهت ليلة أمس الإربعاء أعمال الحوار الوطني الذي دعت إليه رئاسة الجمهورية لتحال حصيلة نتائجها على طاولة الاتحاد العام التونسي للشغل في المرحلة الثانية من الحوار قبل الوصول إلى المجلس الوطني التأسيسي. وقد استمرت أعمال الحوار الوطني الذي شارك فيه عدد من الأحزاب وقاطعه عدد آخر 12 جولة، وقد اختلفت الرؤى والمواقف إلاّ أنه تمكّن المشاركون في آخر المطاف الوصول إلى توافق يعتبره العديد هام ونقطة إيجابية في هذه المرحلة الانتقالية التي تستوجب توافقا تاما. وللتعرف على الحصيلة النهائية لنتائج الحوار الوطني الذي انتظم في قصر الضيافة في قرطاج، اتصلت "الصباح نيوز" بعصام الشابي الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، فأفادنا بأنّ الحوار الوطني أمكن ورغم تشكيك البعض فيه والظروف الصعبة التي انطلق منها من تحقيق نتائج جدّ هامة للانتهاء من هذه المرحلة الانتقالية والسير بالبلاد إلى الانتخابات القادمة. وأشار الشابي إلى أنّ الحوار الوطني تطرّق إلى أربعة (04) محاور تتمثل في ما يلي : - تاريخ الانتخابات - طبيعة القانون الانتخابي والنظام السياسي - القضايا العالقة في الدستور - قضايا العنف والأمن العام والمناخ السياسي وفي ما يهمّ تاريخ الانتخابات، فقال الشابي إنه تمّ التوافق على إنجاز الانتخابات موفى السنة الجارية كأقصى تقدير بجانبيها الرئاسي والتشريعي مع إبقاء الأمر للنظر فيه صلب المجلس الوطني التأسيسي. كما بيّن أنّ عدم تحديد موعد محدّد لإجراء الانتخابات يعود إلى عدم التوافق على مسألة التزامن والفصل بين الانتخابات الرئاسية والنيابية، مضيفا : "لقد تمسكت النهضة بتزامن الانتخابات في حين طالبت الأحزاب الأخرى المشاركة في الحوار بفصل الانتخابات الرئاسية عن التشريعية..وهو ما أدّى إلى ترحيل هذا الأمر لمناقشته في مبادرة الاتحاد العام للشغل". طبيعة القانون الانتخابي أمّا عن طبيعة القانون الانتخابي، فأكّد الشابي أنّه تمّ التوافق على الإبقاء على طريقة الاقتراع المتمثلة في اعتماد نظام القائمات مع اعتماد النسبية واحتساب أكبر البقايا، وقال : "لقد أوصت الأحزاب المشاركة بأن يتمّ البحث عن الصيغة النهائية للنظام الانتخابي للحدّ من تشتت القائمات ومن الترشحات الاعتباطية وبأن يحسن استعمال المال العام وعدم إهداره بالنسبة للقائمات الانتخابية". القضايا العالقة في الدستور وبالنسبة للقضايا العالقة في الدستور، فقد تمّ الاتفاق على اعتماد نظام سياسي مختلط ينسجم مع الواقع ويقوم على التفرقة بين السلط مع توزيع الصلاحيات بطريقة متوازنة بين رئيسي الحكومة والجمهورية، مضيفا : "رئيس الجمهورية سيكون منتخبا انتخابا عاما وهو من سيسهر على ضبط السياسة العامة في الأمن...وسيكون رئيس الحكومة مسؤولا عن السياسة العامة للحكومة.." وقال أيضا أنّه تمّ الاتفاق على إدخال عديد التعديلات والإضافات التي من شأنها إثارة بعض المخاوف والتي يمكن أن تكون محلّ تأويلات في مشروع الدستور. وأضاف بأنّه تمّ التوافق في هذا الإطار حول تغيير عبارة "تأسيسا على ثوابت الإسلام" ب"تأسيسا على تعاليم الإسلام المتسمة بالتسامح والاعتدال" كما وقع الاتفاق على حذف عبارة "ما ينسجم مع الخصوصية الثقافية عند التعرّض إلى المبادئ الكونية السامية لحقوق الإنسان" وتمّ أيضا الاتفاق على إقرار وتضمين حرية المعتقد والضمير والحق النقابي وحق الإضراب دون تقييد في الدستور. هذا وأضاف عصام الشابي بأنه تمّ الاتفاق كذلك على إضافة فصل يتضمن ما يلي "لا يمكن لأيّ قانون أن ينال من الحقوق والحريات المكفولة بالدستور وأنّ الهيئات الرقابية ملزمة بضمان ذلك.." كما تمّ الاتفاق على دسترة موقع المعارضة بإسنادها رئاسة اللجنة المالية التي تتولى النظر في مشروع ميزانية الدولة. وبيّن الشابي وجود خلاف حول تركيبة المجلس الأعلى للقضاء حيث أوصى المشاركون في الحوار الوطني على ضرورة إيجاد اتفاق حول هذه المسألة، مشيرا إلى أنّه وبالنسبة للفصل 136 من الدستور والذي ينصّ على التعديلات في الدستور، فإنّ حركة النهضة طالبت بالإبقاء على هذا الفصل كما هو في حين رأت الأحزاب الأخرى المشاركة ضرورة البحث عن صياغة جديدة بطريقة لا ينال من الفصلين الأول والثاني من الدستور". العنف وحلّ رابطات حماية الثورة وحول المحور الرابع الذي حظي بوقت طويل ونقاش مستفيض من قبل الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني والذي يتعلق بمسألة العنف وحلّ رابطات حماية الثورة، قال الشابي انّه تمّ الاتفاق على ما يلي : "دعت الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني الحكومة إلى فتح تحقيق في شأن رابطات حماية الثورة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحلّ ما تشكّل منها على غير الصيغ القانونية، كما دعت الحكومة إلى فتح تحقيق بشأن الرابطات المرخص لها والتي ثبت تورطها في العنف.. ودعت الأحزاب المشاركة أيضا إلى ضرورة اعتماد استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب والجماعات التي تنتهج العنف وتشيع فكر التكفير كجماعة أنصار الشريعة والفصائل المماثلة لها.. وقد اعتبرت الأحزاب المشاركة كذلك أنّ اغتيال الشهيد شكري بلعيد ضربة موجهة لأمن البلاد واستقرارها ومسارها الانتقالي وطالبت السلطات بتسليط الضوء على الجهة التي تقف وراء الجريمة وكشف الجناة حيث قررت إرسال وفد عنها لوزير الداخلية لطفي بن جدو للوقوف على تطورات القضية ومستوى تقدّم الأبحاث". عصام الشابي والحوار الوطني ومن جهة أخرى، اعتبر عصام الشابي ما أنجزته الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني انتصار لروح التوافق ولتونس ولانتظارات التونسيين من الدستور ومن تنقية للمناخ السياسي في البلاد، وأضاف : "نأمل أن يتوفّق الحوار في شوطه الثاني بإشراف اتحاد الشغل وأن يتبنى هذا الأخير توافقات الحوار الوطني بين الأحزاب ومن ثمّ إحالتها إلى المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليها ووضعها حيز التنفيذ".