شوط ثان من الحرب على الفساد انطلق باعلان رئاسة الحكومة في بلاغ لها اول امس أنّه تقرر تكليف هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية بإجراء مهمات تفقد إداري ومالي معمق بوزارة الشؤون الخارجية وعدد من المصالح الإدارية الأخرى، وذلك في إطار الحرص على تحسين الحوكمة وترشيد تسيير عمل الهياكل والمصالح العمومية. خطوة لم تخرج عن سياق النقد والجدل خاصة وان الحكومة الحالية خاضت معركة الحرب التي كان رئيس الحكومة يوسف الشاهد اطلقها قبل نحو سنتين , عندما اطلق شعار «اما تونس او الفساد وانه قد اختار تونس» ليكون امام اختبار صعب . ولاقت الحملة في حينها دعما من مختلف الشرائح السياسية قبل ان تفتر و تتراجع و تثير جدلا واسعا في علاقة بالتوقيت والاشخاص المستهدفة مما دفع البعض الى وصفها «بحملة انتقائية» لا تخلو من تصفية لحسابات سياسية ويبدو اليوم و كأننا بالتاريخ يعيد نفسه لكن مع اختلاف السياقات السياسية هذه المرة نظرا لانه لم يبق في عمر هذه الحكومة سوى الشهر فقط. وجاء في بلاغ رئاسة الحكومة أنّ قرار تكليف هيئة الرقابة كان بعد التشاور مع رئاسة الجمهورية والتنسيق معها بغاية إضفاء مزيد من النجاعة والشفافية على تسيير هياكل الدولة والارتقاء بمردوديتها، وستكون تقارير هياكل الرقابة محل متابعة مستمرة من رئاسة الحكومة. تحريك ملفات «راكدة».. ورغم ما حظي به الشاهد من دعم سياسي واعلامي في الشوط الاول من حربه على الفساد الا ان الامر اختلف هذه المرة و قد تساءل البعض من المتابعين ما اذا كان ما يحدث من «تحريك» لملفات كانت «راكدة « قضائيا بالسرعة القصوى هو صحوة تلقائية ام تصفية حسابات بطريقة اعتباطية ..باعتبار انها لا تندرج ضمن سياقات واضحة .فقد انتهت الحملات الانتخابية وباحت صناديق الاقتراع بنتائجها وكل اخذ طريقه في مرحلة الحكم القادمة وهو ما يطرح اكثر من تساؤل حول اهداف الشاهد من هذه الخطوة ونذكر ان الحرب على الفساد التي قادها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، اعتبرها في تصريح سابق له الناشط السياسي طارق الكحلاوي «مجرد» واجهة لتصفية خصومه السياسيين داخل حزب نداء تونس، وجزء من حملة مبكرة لانتخابات 2019. وفي هذا السياق اعتبر الناشط في المجتمع المدني والخبير في مجال مكافحة الفساد، شرف الدين يعقوبي بدوره « ان تاجيج الحرب ضد الفساد من جديد وفي هذا التوقيت بالذات له اكثر من قراءة خاصة وان مثل هذه الملفات دائما ما تكون مرتبطة بأجندات سياسية وهذا طبيعي في ظل الحديث عن ارادة سياسية لكن الاشكالية كيف نؤسس عملية مكافحة الفساد». بين تصفية الحسابات..ومأسسة مكافحة الفساد ودعا المتحدث الى فتح ملفات في هياكل اخرى مثل رئاسة الحكومة والعديد من القطاعات الحساسة كالتجارة والطاقة والصناعة حينها ستكون العملية هادفة وخالية من الشبهات في ظل ما بات واضحا وجليا من استعمال هياكل الرقابة في تصفية الحسابات. واضاف يعقوبي ان توقيت تكليف هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية بإجراء مهمات تفقد إداري ومالي معمق بوزارة الشؤون الخارجية وعدد من المصالح الإدارية الأخرى اثار عديد الشكوك بعد مرور اكثر من 4 سنوات وملفات وزارة الخارجية امام رئيس الحكومة ولم يتخذ أي اجراء بالرغم من انه ترده كل المعلومات والمعطيات عن وجود تجاوزات. وحسب المتحدث فان مكافحة الفساد بمنطق تصفية الحسابات اخطر على مؤسسات الدولة من الحرب على الفساد لانه من المفروض ان تبنى سياسات الدولة على استراتيجيات ومؤسسات، مضيفا انه ينتظر ان يتم تحريك ملفات في بعض الوزارات الاخرى على غرار الدفاع حسب قوله. عودة ملف مكافحة الفساد الى واجهة الاحداث هل هو صحوة مؤقتة ام خيارات مرحلة ؟سؤال ستتبين اجابته للراي العام في قادم الايام وسيحمل معه حقائق اخرى خاصة في ظل تسارع فتح الملفات على جميع المستويات ففي اليومين الماضيين تحركت عديد الجهات القضائية حيث اذنت النيابة العمومية من جانبها باتخاذ قرار تحجير السفر ضد الإعلامي سامي الفهري وزوجته والمتصرف القضائي لشركة كاكتوس المصادرة. وقد جاء هذا القرار على إثر شكاية تقدم بها المكلف العام بنزاعات الدولة في حق وزارة المالية وتحديدا اللجنة الوطنية للتصرف في الأملاك المصادرة ضد سامي الفهري وزوجته والمتصرف القضائي في شركة ‹›كاكتيس برود›› من خلال الاشتباه في ‹›إبرام عقود مخالفة للتراتيب الجاري بها العمل››. كما اذن اول امس القطب القضائي والمالي لفرقة الابحاث الاقتصادية بالاحتفاظ بموظف بشركة النقل بتونس على خلفية شكاية كان رفعها النائب بمجلس نواب الشعب عماد الدايمي في سبتمبر الماضي تتعلق بالفساد المالي والاستيلاء على المال العام. جهاد الكلبوسي