اعتبر سياسيون ومحللون تونسيون أن سقوط مقترح «صندوق الزكاة» الذي تقدمت به حركة النهضة يؤكد ضعف الحزام السياسي للحكومة المقبلة، والتي ستضم «النهضة» وحلفاءها، وخاصة بعد رفض مشاركة الأحزاب الكبرى الفائزة في الانتخابات، المشاركة فيها، في وقت تحدث فيه مراقبون عن «مشهد برلماني جديد» في ظل إعلان حزب قلب تونس عن مشاورات متقدمة مع كتلتي الإصلاح الوطني والمستقبل لتشكيل جبهة برلمانية ستضم 62 نائباً. وكان البرلمان التونسي رفض المصادقة على مقترح «صندوق الزكاة» الذي تقدمت به حركة النهضة، لإدراجه ضمن فصل خاص في قانون المالية لعام 2020. وفي أول تعليق للحركة على رفض المقترح المذكور، كتب نور الدين البحيري، رئيس الكتلة البرلمانية: « يتساءل كثيرون عن أسباب سقوط مقترحنا في أحداث صندوق الزكاة لدعم مجهود الدولة لضمان الحياة الكريمة لكل التونسيين في كل الجهات بما هي سكن لائق وشغل وحق في العلاج والنقل والتعليم والتغذية للجميع وحماية للفقراء والمعوزين وذوي الحاجيات الخصوصية من الفاقة والحرمان. بعض من وقف ضد مقترحنا حاول التغطية على ما ارتكب بالإيهام بأن المقترح لم ينل حظه من الدرس وإنه سابق لأوانه وغير ذلك من التعلات وبعض السماعين لهم وما أكثرهم هذه الأيام روجوا لذلك جهلاً، ويهمني أن أوضح للجميع. لكننا أثبتنا في كتلة حركة النهضة مرة أخرى مبدئيتنا وصدقنا في الدفاع على الفقراء والمعوزين من دون حسابات ووفاءنا لقيمنا ووعودنا، ولذلك كان شرف لنا تبني أحداث صندوق الزكاة والدفاع عنه بكل شجاعة ووضوح وجرأة في أول فرصة أتيحت لنا دون تردد ولا حسابات». وأضاف في تدوينة على صفحته في موقع «فيسبوك»: «المقترح تاج على رؤوس من دافع عنه مهما كانت نتيجة التصويت وسقوطه وصمة في جبين الذين رفضوا المشروع وخاصة ممن يدعون الدفاع عن المستضعفين وحقوق الإنسان في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فحرموا الملايين من خدماته وكأنهم يتلذذون بعذاباتهم وفقرهم وعجزهم عن توفير حاجياتهم الأساسية، فانكشف زيف شعاراتهم ووعودهم وانتهازيتهم في لحظة فارقة فظهرت سوءاتهم في أبشع صورة من حيث توهموا أنهم انتصروا بإسقاطهم للمشروع. وسقوطه كان لأسباب غير موضوعية وعلى حساب مصلحة الفقراء والمعطلين عن العمل والمهمشين والمرضى وغيرهم لأسباب فئوية وأديولوجية ولحسابات ضيقة، وهذا لن يزيدنا إلا إصراراً على التمسك به والدفاع عنه وعرضه على المجلس بمناسبة النظر في الميزانية التكميلية أو قبلها كمبادرة تشريعية. معركة شعبنا من أجل الكرامة والحق في الشغل والتغذية والسكن والتعليم والعلاج والنقل لا تقل شراسة وقساوة على معركته من أجل الحرية». وكتبت هالة الحامي، النائبة عن حركة النهضة: «الناخب هو المسؤول الأول على من حاول ترذيل المجلس. أما سقوط صندوق الزكاة فهو رسالة واضحة للشعب حتى يعلم من يخدم عليه ومن يخدم به». فيما كتب عبد اللطيف العلوي، النائب عن ائتلاف الكرامة (الذي دعم مقترح النهضة): «بدأنا الوفاء بوعودنا، حيث قدّمنا مشروع صندوق الزكاة، سقط، وأسقط معه أقنعة كلّ الّذين كانوا منذ أسبوع يتباكون على ضحايا عمدون، مثلما كانوا يتباكون على مها وكم تباكوا قبلها على رانية التي ماتت من البرد والجوع. لست ألوم مرضى الأيديولوجيا، فلا خير كنّا نرجوه منهم اليوم أو غداً، ولكن ألوم من كنّا نعتقد أنّهم يمكن أن يكونوا شركاء حقيقيّين في الحكم من أجل تخفيف آلام النّاس وخدمتهم ولو بالقليل. نحن ما زلنا في أوّل الطّريق، وسنتعلّم أكثر وسنعرف الناس بوجوههم الحقيقيّة، وسنطرح المشروع مرة أخرى في مبادرة تشريعيّة، وسنشتغل عليها بأسلوب آخر وسنوفّر لها كلّ أسباب النّجاح، وسننجح! وستتذكّرون! اعرف أعداءك يا شعبي الفقير، يا شعبي المقهور المبتلى بنخبة حاقدة أشدّ عليك من الموت». وأضاف النائب عن ائتلاف الكرامة، راشد الخياري: «صندوق الزكاة وافقت عليه الدولة في بريطانيا وكذا في عدد من دول العالم المتقدم وهو صندوق يجمع تبرعات الأغنياء ليردها على الفقراء تحت إشراف هيئات مختصة، أما في هذه الرقعة من العالم فإن الجهلة يرونها رجعية وتخلف. بسبب مرضهم الأيديولوجي حرموا آلاف العائلات الفقيرة وآلاف الأرامل والمطلقات والبؤساء من موارد تقيهم جيفة هذه الدولة الفاسدة». من جانب آخر، اعتبر سياسيون ومحللون تونسيون أن سقوط مقترح صندوق الزكاة يؤكد أن حكومة الحبيب الجُملي المقبلة لن تحظَى بحزام سياسي، حيث دوّن سمير بن عمر، رئيس الهيئة السياسية لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية: «سقوط مقترح صندوق الزكاة له ما وراءه وهو يؤكد ضعف الحزام السياسي الداعم للحكومة المقبلة ويبرهن أنها مولود ميت». وأضاف الإعلامي والمحلل السياسي، برهان بسيّس: «بعد سقوط مقترح صندوق الزكاة الذي تقدمت به حركة النهضة تم اقتراح تسمية جديدة لهذا الصندوق رفضت من قبل راشد الغنوشي، وأمام ضبابية أجواء تشكيل الحكومة واستياء قلب تونس (صاحب المقترح الجديد للتسمية) هنالك توجه عام داخل البرلمان لتشكيل جبهة يفوق عددها 109 نواب من الممكن جداً أن تقلب التوازنات بشكل غير متوقع عشية تشكيل الحكومة». فيما كشف رئيس كتلة حزب قلب تونس، حاتم المليكي، أن حزبه دخل في مشاورات متقدمة مع كتلتي الإصلاح الوطني وكتلة المستقبل لتشكيل جبهة برلمانية ستضم 62 نائباً، وهو ما يعني أنها ستكون أكبر تكتل في البرلمان، مشيراً إلى أن «التشابه الكبير» بين هذه الأطراف سيعجّل بالإعلان عن هذه الجبهة، ويتوقع أن يكون نهاية الأسبوع الجاري. لكن أكد أيضاً أن التكتل البرلماني الجديد هدفه تنسيق المواقف التي ستتخذها هذه الكتل الثلاث ولن ينتهي إلى اندماجها في كتلة برلمانية واحدة. وتضم الجبهة البرلمانية الجديدة أحزاب قلب تونس ومشروع تونس وآفاق تونس، فضلاً عن البديل التونسي ونداء تونس وتيار المحبة.