تلقت "الصباح نيوز" مقال رأي من المحلل السياسي محمد الهادي حمدة حول سقوط حكومة الحبيب الجملي وتداعياته المحتملة. وفي ما يلي نص المقال: سيبقى العاشر من شهر جانفي يوما فارقا في مسار بناء الديمقراطية التونسية الناشئة اذ رفض البرلمان التونسي منح ثقته لحكومة زكى الحزب الفائز بأكبر عدد من مقاعد مجلس نواب الشعب مرشحها المكلف بتشكيلها وهي أبرز مفارقات اللحظة السياسية التونسية الراهنة. الإستهانة بقدرات بقية القوى السياسية و الكتل البرلمانية و اعتبارها قابلة للتطويق و الاحتواء و ربما اختراق بعض حلقاتها الرخوة على غرار تجارب السنوات الفارطة أولا و ضحالة المنجز النهضاوي و مسؤوليته الجسيمة على ما الت إليه اوضاع البلاد على كل الاصعدة و خاصة المالي و الأقتصادي/الاجتماعي ثانيا و ضعف التشكيل الحكومي المقترح للمجلس و افتقاده الرؤية المناسبة للمرحلة و تحدياتها فضلا عن افتقاده السند السياسي البرلماني و الشعبي ثالثا تلك هي في تقديرنا عوامل انهيار المبادرة النهضاوية التي سيسمع صداها ان عاجلا أو اجلا في اروقة تنظيم حركة النهضة و نسق الاستعدادات لعقد مؤتمره الحادي عشر و الذي قد يكلف الشيخ العجوز فقدان جزء من زعامته ووقاره السياسي و الاعتباري. أغلبية برلمانية قوامها 134 نائب برلماني اعلنت عن نفسها و ابرزت قسماتها و تضاريسها على هامش حجب الثقة عن حكومة الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد فاضحى ضمن الاقلية لاول مرة منذ ارساء العملية السياسية اللاحقة لسنة 2011. مسار انتقال الاغلبية البرلمانية المشار إليها انفا من المستوى الحسابي الى المستوى السياسي مع ما يقتضيه من توفر عوامل التماسك و الاستمرار ستختبره لحظات عدة لعل ابرزها سياق و رهانات تشكيل حكومة الشخصية الاقدر التي سيتولاها رئيس الجمهورية كما ستمتحنها مسارات تفاعل سياسات الائتلاف القادم مع ملفات الساحة الوطنية المثقلة بهموم و تطلعات شعب ذو انتظارات عالية سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية كما ستداهمها تطورات الساحة الاقليمية و الدولية في سيولة احداثها و تقلب اجنداتها. وما لم تدرك القوى التي راجعت المسيرة و المسار و اتخذت مسافة من الاسلام السياسي ان اسقاط حكومة النهضة هو المدخل لاسقاطها من الحكم..