أصدر التيار الشعبي اليوم الثلاثاء الموافق ل23 جويلية بيانا بإمضاء منسقه العام محمد براهمي بمناسبة ذكرى ثورة 23 جويلية 1952 في مصر. وفي ما يلي نصّ البيان كاملا والذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه : تهل علينا الذكرى الواحدة والستين لقيام ثورة 23 جويلية1952 المجيدة، تلك اللحظة التاريخيّة التي تكثفت فيها كلّ آمال الأمّة وأحلامها في الانعتاق والتحرر، فنالت بذلك شرف أن تكون فعلا إنسانيا عظيما أنتج تجربة رائدة نحتتها إرادة ثورية صلبة ترفض أي قيد يصادر حقوق الجماهير ويرهن مستقبلها دون تحقيق غد أفضل يعد بالعزّة والكرامة والإرادة الحرّة والاستقلال الوطني. لقد تخرّجت من مدرسة 23 جويلية وعلى هديها طليعة ثورية مكّنتها إرادة التغيير الثوري من الوصول إلى السلطة والإشراف على إدارة شؤون الدولة المصريّة التي حوّلتها من خدمة مصالح الطبقات المتنفّذة والمسيطرة القائمة إلى خدمة مصالح الجماهير الشعبية المفقّرة، مسلّحة بوعي عميق بالتاريخ وأثره على الإنسان ومدى قدرة هذا الأخير على التأثير فيه، وبفكر منفتح على كل التجارب الإنسانية يتفاعل معها أخذا وعطاء بلا تعصّب أو عقد، وقبل ذلك كله، بإيمان لا يتزعزع بالله ورسله ورسالاته السماوية التي بعث بها إلى الإنسانية قاطبة. لقد تجاوزت تجربة 23 جويلية العظيمة باندفاعها ما هو أبعد من المواجهة السياسية والعسكرية مع الاستعمار وأعوانه لتصل إلى أعماق المشكلة الاقتصادية والاجتماعية، فأعادت توزيع الثروة سعيا لبناء دعائم مجتمع الكفاية والعدل، وجرّدت رأس المال المتنفّذ من أدوات الاستغلال التي لطالما احتكرها ليخضع بها القوى العاملة ويستنزفها ويستعبدها، وكشفت خداع الاستعمارالذي شرع بُ عيد الحرب الأوروبية الثانية مباشرة في تغيير أساليبه مستعيضا بخدمات عمل ائه عن بطش جيوشه فتخطّت بوعيها الأصيل وإصرارها الثوري حدود مصر لتغذّي حركات التحرر العربية وتنازل العدو حيثما أمكنها ذلك في كامل أرجاء الوطن العربي وضمن كلّ من الدائرة الإفريقية والإسلامية . لأجل كل ذلك، التحمت بها جماهير الأمة العربية، حركيّا ووجدانيا، على الرغم من إرادة حكامها، فتحركت كيمياء الثورة وتفاعلت في كامل أرجاء الوطن العربي وأحدثت زلزالا عنيفا تهاوت أمامه صروح الرجعية البائسة وأُجبر الاستعمار الغاشم على حمل عصاه والرحيل من أرض العرب، واندحر الغزاة مكرهين صاغرين ليعيدوا ترتيب حساباتهم الإستراتيجية على أساس القيمة الاعتبارية الثابتة التي أصبحت للأمة العربية بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، فما انفكّ أن ارتدّ صدى هذا الزلزال الهائل ليشكل دافعا قويا لتواصل الثورة الأم ودعامة متينة لها فسطّرت عندئذ صفحات من روائع النضال العربي المعاصر وارتفعت نبراسا يهتدي به أحرار العالم في مشارق الأرض ومغاربها. لقد حقّقت الثورة بهذه العوامل مجتمعة، وفي زمن وجيز دون العقدين، صروحا من المنجزات ظلت شواهدها عصية على الهدم رغم إصرار قوى الردّة على محو آثارها مذ تمكنوا من رأس الدولة برحيل القائد فجأة وهو يخوض مع المقاومة الفلسطينية في الأردن معركة الصمود في وجه التصفية. وككلّ عمل إنساني معرّض للأخطاء، كان للثورة أخطاؤها في الممارسة يعرف أبناؤها الذين عبرت عن آلامهم وآمالهم كيف يقرؤونها بلا تهويل أو تهوين، وكيف يستفيدون منها في رسم مسيرتهم النضالية لتحقيق أهداف أمتهم في الحرية والاشتراكية والوحدة. تهلّ علينا هذه الذكرى والصراع محتدم على أشدّه بين التحالف الصهيوني الرجعي الإمبريالي من جهة، وجماهير الأمة العربية وقواها المناضلة من جهة ثانية، فبعد سنتين و نصف من انطلاق ثورة 17 ديسمبر 2011 من تونس حيث تمكنت الجماهير الشعبية من إسقاط رأس النظام الاستبدادي لتفتح الأمل أمام الجماهير العربية من المحيط إلى خليج للنّسج عل منوالها وفتح الأبواب لفجر جديد راح يزحف حثيثا من أجل الانعتاق و التحرر من ربق الاستبداد والاستغلال والتبعية، فكانت ثورة25 جانفي2201 في مصر العروبة وكانت ثورة 3 فيفري 2012 باليمن حيث يتوق الشعب العربي هناك منذ عقود إلى التخلص من الفساد و الاستبداد و التخلف. غير أنّه في الوقت التي كانت الجماهير الشعبيّة تدكّ حصون الاستبداد بأسلوب مدني سلمي قل نظيره في تاريخ الثورات كان تحالف قوى الاستعمار والرجعيّة يتربّص بمنجزات الجماهير من أجل تطويقها وتدجينها ثم تغيير مسارها وتحويلها إلى ألغام طائفية وصراعات داخليّة تنسف وحدة النسيج الاجتماعي للأمة وتحول دون تحقيق أهدافها الحقيقيّة في الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية . فكان العدوان الذي شنه التحالف الإمبريالي الرجعي أنظمة وتنظيمات على ليبيا حيث تم تدمير ممنهج للدولة وتفكيك مؤسساتها وتخريب النسيج الاجتماعي حتّى سقطت تحت سيطرة المليشيات الإرهابية التكفيريّة وعصابات النهب، وكانت الحرب التى تشنها بضراوة عصابات صنعتها وترعاها الاستخبارات العالمية والأنظمة الرجعية العربية والحركة الصهيونية على سورية لتدميرها ثم تقسيمها حتى يتسنى للكيان الصهيوني الاستفراد بالمقاومة وإخمادها. كل ذلك كان بالتّزامن مع محاولات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين لابتزاز الجماهير العربية ومقايضتها بين القبول بمشروعه أو اشعال الحرب الأهلية على غرار ما يحدث في مصر منذ الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي عبر ثورة 30 جوان 2013 التصحيحية . ان التيار الشعبي في تونس و هو يحي ذكرى ثورة 23 جويلية 1952 المجيدة يؤكد على: 1. إنّ الثورة لم تكن حدثا عابرا في تاريخ مصر و الامة العربية و انما كانت انطلاقا لمشروع قومي تقدّمي يعبّر عن امال جماهير الامة العربية و لم ينته أبدا برحيل القائد جمال عبد الناصر بل ظل حيّا في عقول المناضلين و وجدان الملايين . 2. إنّ محاولات التخريب التي تقوم بها الدوائر الاستعمارية عبر أدواتها المحلية من جماعات تكفيرية طائفية وتنظيمات مرتبطة بأخطبوط التنظيم العالمي للإخوان لن تمن بغير الفشل أمام اصرار الثوار على استئناف المسيرة الثورية . 3. إنّ القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية وان فلسطين لا تقبل القسمة وإن المقاومة أنبل ظاهرة عربية هي الخيار للتحرير و إن التيار الشعبي سيواصل العمل مع كل القوى الوطنية في تونس من اجل تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في دستور تونس الثورة. 4. إنّ المقاومة العراقية الوطنية الباسلة التي لم تتورّط في الإرهاب و الطائفيّة هي خيار الشعب العراقي لاسترجاع كرامته ووحدة و سيادة العراق ليستعيد دوره الوطني و القومي. 5. إنّ ثورة اليمن وان حاولت الرجعية الالتفاف عليها ستستمر حتى تحقيق اهدافها في الحرية و العدل الاجتماعي و الحفاظ على اليمن الموحّد في وجه دعاة الانفصال . 6. إنّ مدنية الحراك الشعبي في البحرين و ابتعاده عن مستنقع العنف و الطائفية البغيضة هي الكفيلة بتحقيق مطالب الجماهير الشعبية في الحرية و العدالة الاجتماعية والتخلص من هيمنة قوى الاستعمار و الرجعية . هذا وإن التيار الشعبي بتونس سيعمل على مزيد رصّ صفوف القوى الوطنية من أجل تصحيح مسار ثورة الحرية و الكرامة باتّباع أسلوب المقاومة السلميّة المدنيّة لقطع الطريق على دعاة الفتنة و الحرب الأهلية، وهو يجدّد دعوته إلى مؤتمر وطني للإنقاذ يضع خارطة طريق سياسيّة مستقبليّة لإدارة ما تبقّى من المرحلة الانتقالية واتخاذ قرارات حاسمة من شانها إنقاذ البلاد من الأزمة التي أوصلتها إليها المجموعة الحاكمة.