ألقى، اليوم، رئيس الجمهورية قيس سعيّد كلمة في النسخة الثانية من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين. وفي التالي فحوى الكلمة: بسم اللّه الرحمان الرحيم فخامة الرئيس عبد الفتّاح السّيسي، رئيس جمهوريّة مصر العربيّة، أصحاب الفخامة والمعالي، السيّدات والسادة، إنه لشرف لي كبير أن أتوّجه بخالص آيات الشكر والامتنان لأخي فخامة الرئيس عبد الفتّاح السيسي، رئيس جمهوريّة مصر العربيّة، على حرصه الشخصي على تنظيم هذا المنتدى بالرغم من الظرف الاستثنائي والظرف الوبائي الدقيق في العالم بأسره، وعلى جهوده المتميزة والمضنية والمستمرّة من أجل تعزيز جسور التواصل وتوسيع مساحة التفاهم واللقاء بين الدول الإفريقية وشركائها الاستراتيجيين لتطوير علاقات التعاون في مختلف المجالات لما فيه خير شعوب القارة.كما أتوجّه بأصدق عبارات الشكر إلى السيّد موسى محمّد فاكي، رئيس مفوضيّة الاتحاد الإفريقي، على دوره المحوري والهام في دعم المبادرات الرامية إلى توطيد العلاقات بين الأشقاء الأفارقة. تنعقد النسخة الثانية من هذا المنتدى في ظرف دولي خاص وفي ظلّ تحديات غير مسبوقة تواجهها البشرية جمعاء نتيجة تواصل انتشار جائحة "كورونا" التّي حتّمت استنباط مقاربات ورؤى تساعد على تجاوز آثارها وتأثيراتها العميقة. وقد بادرت تونس، منذ ظهور هذا الوباء، إلى دعوة المجتمع الدولي إلى اعتماد مقاربة تشاركية ومتضامنة للتعاطي الفاعل مع هذه الجائحة التي لم تستثن أحدا، وتم التأكيد على توسيع مفهوم الأمن الدولي الشامل، وتمت المناداة بضرورة استنباط آليّات جديدة للتصدّي للتهديدات والتحديات الدوليّة المستجدّة، بل للتحديات التي تواجهها الإنسانية جمعاء. ولقد كُلّلت هذه المساعي باعتماد مجلس الأمن الدولي، في أول شهر جويلية من السنة المنقضية، للقرار 2532 الذي رسّخ الوعي الجماعي بدقة الظرف العالمي، وتمت دعوة المجتمع الدولي إلى تبنّي هدنة إنسانيّة، وتمكين كل الدول من آلية ضرورية للتعامل الناجع والسريع لوقف الأعمال القتاليّة والنزاعات المسلحة لفسح المجال أمام الشعوب في مختلف مناطق النزاع للحصول على المساعدات من إغاثة وأدوية ولقاحات. ولم تتردّد تونس، على الرغم من الظرف الاقتصادي الصعب،في التفاعل الإيجابي مع مختلف المبادرات التّي تهدف إلى التصدّي لهذه الجائحة، وساهمت، في هذا الإطار، في مبادرة أخي فخامة الرئيس "سيريل رامافوزا"، رئيس جمهورية جنوب إفريقيا الشقيقة، بإطلاق منصة اللوازم الطبية الإفريقية للدعم المالي لمجهودات صندوق الاتحاد الإفريقي المخصّص لمواجهة هذه الجائحة. وبهذه المناسبة، لم تتردد تونس في التأكيد على البعد الإفريقي المحوري الذي ستظل متشبثة به في سياستها الخارجية، وملتزمة بالمشاركة الفاعلة في مبادرات تعزيز الاندماج وتوطيد التعاون الاقتصادي البيني في إفريقيا وتوظيف ما تزخر به قارتنا من إمكانيات وطاقات كبيرة، وتكريس قيم التضامن والتآزر ووحدة المصير وتطوير العمل الإفريقي المشترك. أصحاب الفخامة والمعالي، السيّدات والسادة، تستعدّ تونس لاحتضان حدثين بارزين هما القمة 18 للفرنكوفونية، في شهر نوفمبر من السنة الجارية، تحت شعار "التواصل في إطار التنوع الرقمي كمحرك للتنمية والتضامن في الفضاء الفرنكوفوني"، كما تستعد أيضا لاحتضان الدورة الثامنة ل"مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الإفريقية TICAD 8"، خلال سنة 2022. ويطرح احتضان هذين الحدثين تحديات جديدة لتونس ولإفريقيا، ويمثل هذان الموعدان البارزان بالنظر إلى حجم انتظارات شعوبنا. وتطلّع تونس إلى مشاركة إفريقية واسعة وعلى أعلى مستوى في القمتين، فرصة لطرح مقاربات جديدة للمشاكل التي يعيشها العالم اليوم، وكلنا أمل في أن تشكّل هذه الاستحقاقات والمواعيد منصات مهمة لإعادة التركيز على احتياجات قارتنا الإفريقية، وحشد الدعم الدولي لها على المستوى الثنائي وعلى الصعيد متعدد الأطراف، وإطارا متجددا لمدّ جسور اللقاء والتواصل ولبلورة المبادرات والآليات ولاتخاذ القرارات الكفيلة بتحقيق التنمية العادلة والمستمرة وتثبيت مقوّمات الأمن والاستقرار لكافة شعوب القارة الإفريقية، بل ولكل العالم. أصحاب الفخامة والمعالي، السيّدات والسادة، لا يمكن، في الختام، إلا تجديد الإعراب عن ارتياح تونس للحركيّة الإيجابيّة التّي تشهدها علاقات التعاون بين الدّول الإفريقية وتغليبها لمنطق الحوار كخيار استراتيجي لتحقيق التنمية والسلام في قارتنا ولبناء مجتمعات افريقية متوازنة وآمنة ومستقرة. وإننا نتطلّع معكم إلى أن يتوصّل هذا المنتدى إلى نتائج وتوصيات تُجسّد ما يحدونا جميعا من عزم صادق ورغبة راسخة ثابتة في تعزيز العلاقات بين دولنا وإرساء شراكات دائمة ومتينة تُرسل إلى شعوبنا رسالة أمل جديدة لتحقيق ما تصبو إليه من تطلعات مشروعة في الأمن والسلم والنماء. وشكرا لكم على حسن الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.