أدى أمس مسعود الرمضاني ، نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، زيارة إلى رضا قريرة وزير الدفاع السابق ، في سجن المرناقية. يذكر أن وزير الدفاع السابق موقوف بسجن المرناقية منذ 20 سبتمبر 2011 ، أي منذ 23 شهرا ، وقد وجهت له دائرة الاتهام تهما عديدة تتعلق "باستغلال شبه موظف عمومي لصفته قصد استخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره والإضرار عمدا بالإدارة ومخالفة القوانين الجاري بها العمل،" وهي قضايا ترجع إلى زمن توليه وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ، حيث اتهم بالتفويت في عقارات وأراضي وتسويغها إلى العائلة الحاكمة السابقة. وقد اصدر مسعود الرمضاني، نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تقريرا حول زيارته إلى رضا قريرة تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه ، وقال الرمضاني أن الزيارة جاءت بطلب من رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبموافقة من وزارة العدل، وذلك استجابة إلى النداءات التي تنبه إلى تدهور الوضع الصحي لقريرة بعد استفحال مرض السرطان في جسمه وكذلك بعد ما راج من رفضه تلقي للعلاج داخل السجن. وقد دامت الزيارة حسب تقرير الرمضاني، حوالي ساعة وربع وتناولت ثلاث مواضيع رأى قريرة أنه من الضروري أن تكون الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على علم بها وهي : دوره من 17 ديسمبر 2010 إلى 14جانفي 2011، حين كان وزيرا للدفاع الوطني و حقيقة التفويت في الأراضي والعقارات خلال توليه الوزارة ووضعه الصحي وحقيقة رفضه للعلاج
وفيما يتعلق بدوره من 17 ديسمبر 2010 إلى 14جانفي 2011، حين كان وزيرا للدفاع الوطني قال قريرة الذي بدا هزيلا ، مرهقا ، متألما ، ولا يمكنه الجلوس بشكل سوي ،عند اللقاء في أحد مكاتب السجن، حسب وصف مسعود الرمضاني، انه رفض أن يطلق الجيش رصاصة واحدة خلال أسابيع الثورة وان الجيش اكتفى بحماية المنشات العمومية من النهب والتخريب ، وانه كان له دور هام في عدم رجوع بن علي من السعودية ، حيث دعا قائد الطائرة أن يعود من السعودية بمفرده ودون علم الرئيس المخلوع، حتى يسمح للدولة التونسية بتطبيق الفصل 57 من الدستور الذي يتحدث عن الشغور في المنصب الرئاسي،واعتبر ذلك مساهمة منه في المسار الثوري التونسي وبخصوص التهم الموجهة إليه ، يقول قريرة أنه كان دائما يتلقى التعليمات الكتابية من بن علي في كل ما يخص عائلة وأصهار هذا الأخير وتقديم الخدمات لهم وأنه كوزير لم يقدم اي تنازل أو تجاوز بصفته تلك وانه لم يتمتع بأي امتياز طيلة عمله بوظائف الدولة وان ليس له منزل خاص رغم طول عمله كإطار سامي وتقلده مناصب وزارية ولا تمتلك زوجته سيارة خاصة وان ذنبه الوحيد الذي يعترف به انه لم يستقيل من منصبه حين لاحظ التجاوزات التي حصلت في وزارته عن طريق رئيس الجمهورية المخلوع، لكنه ليس الوحيد الذي لم يفعل. وفيما يتعلق بوضعه الصحي ، يقول قريرة انه مريض بالسرطان منذ سنوات ، وانه أوقف العلاج بعد أن ظهرت بوادر انفراج في صحته وذلك قبل دخوله السجن وان وضعه الصحي الآن متدهور جدا منذ حوالي ستة أشهر وان طبيب السجن الذي يباشر علاجه ليس مختصا ويكتفي بتقديم 3 حبات دواء مسكن يوميا ، يعتبرها قريرة غير كافية لتسكين ألامه لمدة 24 ساعة ، لكنه حين طلب زيادة في عدد الحبات ، رفض الطبيب ذلك قطعيا. كما طالب قريرة بدواء المورفين المسكن للآلام لكن إدارة السجن رفضت ذلك ، مؤكدا أن نوبة الألم تنتابه منذ الصباح الباكر ، أي حوالي الساعة الثالثة صباحا وتتواصل إلى حين فتح باب الزنزانة ، على الساعة التاسعة حين يتمكن من الحصول على ال3 حبوب المسكنة . ويضيف انه يشعر بالآم حادة في بطنه مع انتفاخ ناتج عن وجود سوائل به، كما يشعر بالآم حادة بالصدر والرأس و بخروج دم غزير منه وان قدميه تضعف أحيانا عند الوقوف ويسقط أرضا، لذلك هو في حاجة دائمة لشخص يسنده وان طبيبه الخاص ، الدكتور الحبيب حمزة ، أعلمه عن إمكانية انتقال السرطان إلى أماكن أخرى من جسمه، منها الرأس. أما عن سبب رفضه الذهاب للمستشفى فانه يرى انه يدرك العلاج الذي ينتظره وان العلاج الكيميائي يسبب له غثيان وتقيؤ ومزيدا من الآلام ، وهي حالة لا يمكن احتمالها عندما يكون السجين في زنزانة لأنه –اي السجين - يتطلب عناية ومحيط غير السجن، لذلك يفضل الموت المحتوم الذي -قال انه قريب - على هكذا علاج. وعن الكف عن مقابلة حاكم التحقيق ودوائر الاتهام في القضايا الواردة في حقه، يرى قريرة انه غير قادر على ذلك ، لأنه غير قادر على الوقوف ، زيادة على انه عادة ما يحمل في سيارة غير مريحة ويديه بالأغلال دون مراعاة لحالته الصحية، حتى انه في آخر مرة ذهب فيها للمحكمة قد أصيب بخدوش ورضوض وجروح نتيجة ارتجاج السيارة . الى ذلك أعلم انه بعد تقديم رسائل إلى إدارة السجن خلال الأسابيع الماضية، انه سيتمكن غدا من مقابلة طبيبه الخاص ،الدكتور الحبيب حمزة. وأخيرا، قال رضا قريرة، انه لم يتمكن من قراءة الصحف لمدة أسبوع بعد أن كانت تأتي إلى السجن بشكل يومي، وانه هذه الأيام، يكتفي ببعض المقالات "المقصوصة" التي تأتي بها عائلته. مدير السجن يردّ...
فيما يتعلق بالدواء ، وخاصة "المورفين" ، يقول مدير السجن، كمال مقايدي، حسب نفس التقرير لنائب رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان انه لا يمكن إعطاء الدواء إلا بعد وصفة طبية من طبيب مختص في مستشفى الرابطة ، قسم الآلام، وبعد تحليل وتأكد من الهوية، وذلك غير ممكن لأن رضا قريرة يرفض الخروج الى المستشفى ، كما ربط خروج قريرة من السجن للتداوي بإطلاق سراحه. كما شكك مدير السجن في ان يكون مرض السرطان قد وصل الى مراحل متقدمة في جسم رضا قريرة .
أما عن الجرائد اليومية فانه يقول أن بعض العناوين تنفد، أحيانا، قبل أن تتمكن إدارة السجن من اقتنائها ، خاصة وان عدد كبير من السجناء –يقارب الألفين أحيانا – يطالب باقتناء صحيفة يومية . أما عن وضع السجن عامة ، فانه ، حسب الرائد مقايدي يشكو أمرين : - الاكتظاظ ، حيث يصل عدد السجناء إلى ستة آلاف سجين، اكتظاظ لا يسمح معه تتبع وضعيات ومتطلبات كل السجناء، - ضعف الإمكانيات ، إذ بقدر ما كانت الهبات المقدمة من دول مثل قطر وتركيا وغيرها سخية مع قوات الأمن ، حيث وفرت سيارات ومعدات وأجهزة، بقدر ما كانت غائبة تماما عن المؤسسات السجنية ، فهناك ، مثلا ،سيارة إسعاف واحدة لستة آلاف سجين و800 عون يعملون بالسجن. وأكد مدير السجن في الأخير ، انه لا يمكن الحديث عن تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان في السجن وفي معاملة السجناء دون الحد من الاكتظاظ وتوفير الإمكانيات المادية الضرورية، داعيا الى التنسيق بين مختلف الوزارات ، وزارة العدل وزارة الصحة ، وزارة الشؤون الاجتماعية ومكونات المجتمع المدني والمصالح السجنية إلى لقاءات دورية للخروج ببرنامج واضح يحوّل المؤسسة السجنية من مجرد مكان لقضاء العقوبة إلى فضاء للتأهيل وإعادة الإدماج في المجتمع.
وختم مسعود الرمضاني تقريره بجملة من التوصيات بعد زيارته الى وزير الدفاع السابق وقال:
-يبدو ان الوضع الصحي لرضا قريرة يستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة لمساعدته في تشخيص مراحل المرض وتوفير العلاج الذي يتناسب مع خطورة مرض السرطان في مراحله المتقدمة، -ان فضاء السجن غير مؤهل لتوفير الظروف الملائمة لعلاجه،إذ يجب أن يخضع إلى فحوصات دقيقة، لا تتوفر عليها المصالح السجنية، -ان إطلاق سراحه، وهو في هذا الوضع الصحي والنفسي الخطير، لا يمكن أن يشكل عائقا أمام التتبع القضائي، وعلى هذا الأساس ومن منطلقات إنسانية كذلك ، فإن الرابطة تدعو بإلحاح السلطات القضائية لتمتيع قريرة بالإفراج المؤقت، حتى يتمكن من مواصلة العلاج ، خاصة في هذه الفترة الحرجة من حياته.