أصدر عبد الرحمان الأدغم القيادي السابق في التكتل من أجل العمل والحريات والوزير المكلف بالحوكمة ومقاومة الفساد بيانا أوضح فيه أسباب استقالته من التكتل وفي ما يلي نص البيان الذي نشره الأدغم على صفحته الخاصة : إن إستقالتي من حزب التكتل نابعة عن تفكير طويل و تجربة مارستها صلبه، ولكن الظروف العصيبة التي لا تزال تعيشها بلادنا منذ مدة حالت دون التصريح بها، فالتزمت الصمت والإنضباط وواجب التحفظ. لقد إنتميت فكريا إلى التكتل منذ سنين عديدة إيمانا مني أنه يستمد جذوره من تاريخ الكفاح الوطني والحركة الديمقراطية التونسية، المنبثقة من التيار الدستوري الأصيل، منذ سبعينات القرن الماضي. ولقد ناضل مؤسسوه، و على رأسهم الدكتور مصطفى بن جعفر، بكل جهد وبكل الوسائل المتاحة، لإرساء الديمقراطية و دولة المؤسسات؛ كما عاينوا القمع و القهر والإستبداد طيلة سنوات الدكتاتورية. و من حسن حظ الشعب التونسي أن ظهرت تباشير الحرية المنشودة بحلول الثورة. عندها سعيت، على غرارالعديد من المناضلين، إلى تجسيد ما كنت متعلقا به، من بناء للدولة الديمقراطية، و تكريس لمبادئ الحرية و العدالة الإجتماعية. ومن المعلوم أنّ التكتل مثل في وقت مضى آمال شريحة لا يستهان بها من الشعب التونسي وترجم في توجهاته و برامجه المعلنة استحقاقات الثورة و مطالبها. وكان حقيقة نبراسا اتّبعه الكثير من المواطنين، مما مكنه من الحصول على ثقة الناخبين والمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة على الرغم من دقة الوضع وصعوبة الظرفية التي لا نزال نمر بها. و كان لي الشرف أن أكون من بين هؤلاء. لكن بعد الملابسات و الممارسات والإخلالات التي ظهرت لاحقا، تبيّن لي جليا أن المنهجية المتبعة داخل الحزب، سواء على المستوى الهيكلي التنظيمي أو التماشي السياسي، ابتعدت عن خطّ المبادئ التي نصبوا إليها جميعا. رغم ذلك كان من الممكن تلافيها بقدر من العزيمة الصادقة. ومن المؤسف أن ذلك لم يحصل، فمكث البعض يترقب التغيير المنشود، و الآخرون يحاولون تصحيح المسار دون جدوى، حتى انقطع الأمل. لذلك لم يبق لي إلاّ أن أعرب عن رفضي مواصلة تحمل مسؤولية ما يجري. و في المقابل، أبعث بتحية تقدير، إلى الصادقين من المناضلين والمناضلات و الشباب، الذين قاموا و ما زالوا يقومون بأعمال جبارة بكفاءة و نزاهة ومقدرة وعزم، سواء على النطاق الحزبي أو التأسيسي أو الحكومي. أما فيما يخصني فسأستمر في العمل السياسي بصفتي مناضلا مستقلا كما كنت، ملتزما بالإنتقال الديمقراطي حتى نهايته و التوجه السياسي الوسطي الذي انتخبت من أجله. كما سأظل متعلقا بهويتنا الوطنية و بمبادئ الديمقراطية و الحرية والعدالة الإجتماعية و مناعة الدولة واستقرارها. وسآخذ ما يكفي من الوقت للتفكير فيما سأقدم عليه مستقبلا. إنه إذا ما كتب للحوار الوطني والمرحلة الإنتقالية أن ينجحا - و هو ما نؤمله و نسعى إليه- و ذلك عبر إقرار دستور توافقي يرتقي لتطلعات الشعب، و وضع رزنامة زمنية واضحة للوصول إلى انتخابات حرة و شفافة يرتاح لها الجميع، والمثابرة من أجل استتباب الأمن، و التأسيس لدولة القانون؛ فإنه لن يكون هنالك مجال حينئذ للمزايدات حول المؤسّسات المنبثقة عن إنتخابات 23 أكتوبر 2011. لإنّ تونس لا تتحمل الأزمات، كالإستقطاب الثنائي و الإنقسامات و العنف والإغتيالات و المشاكل الإقتصادية، أكثر ممّا تحمّلت. و لا ترضى مستقبلا إلاّ بالوئام و السّؤدد في كنف الوحدة الوطنية الحقيقية؛ و في هذا الإطار أتوجه بتحية إكبار لكل القوى الوطنية التي ساهمت في بلورة هذا الحوار تأمينا لمستقبل تونس و مناعتها. و إنه من واجبنا جميعا أن نتحمل مسؤوليتنا نحو شعبنا و وطننا حاضرا و مستقبلا. و الله المستعان.