لا يبدو أن العنف في ملاعبنا سينتهي قريبا. ولئن كان لهذه الظاهرة مبررات قبل الثورة حسب علماء الاجتماع والنفس (غياب الحريات...) فإن تواصلها بنفس الحدة أو أكثر بعد الثورة يطرح عديد التساؤلات ويوحي بأن لا شيء تغير في المجتمع التونسي بعد أن ظننا أن الثورة حررته من كل القيود.
وما حدث الأحد الماضي في ملعب سوسة خلال وقبل مباراة النجم الساحلي والنادي الصفاقسي ومن قبله في ملاعب أخرى منذ انطلاق الموسم الحالي وفي آخر الموسم الماضي دليل على أن الأمر ما زال مدعاة للقلق وأن هناك أسبابا عميقة للظاهرة بل أن البعض تحدث عن وجود أطراف خفية تحرك العنف في الملاعب. ويجرنا كل هذا إلى الحديث عن دور الإعلام في مقاومة هذه الظاهرة وخصوصا دور التلفزة لأنها تمتلك سلطة الصورة.
الأحد الرياضي في سبات فقد كان من المفروض أن يعب برنامج الأحد الرياضي دوره في هذا الاتجاه (التوعية وكشف الحقائق والمذنبين وتحليل الظاهرة من كل الزوايا) لكنه هذا البرنامج ذو الشعبية الكبرى (لأنه لم يجد منافسا جديا) لازم إلى حد الآن الصمت وجانب الصواب. فما حدث في سوسة يوم الأحد خطير وقد دفعت جماهير النادي الصفاقسي التي رافقت الفريق لملعب سوسة الثمن هذه المرة أن تكون مذنبة، أو على الأقل أن تأتي أكثر مما أتته غيرها من الجماهير. وقد كان الرأي العام التونسي وجماهير كرة القدم ينتظرون أن يتطرق برنامج الأحد الرياضي للحادثة من كل الجوانب ويتحدث للأطراف المعنية من ممثلي أحباء النجم النادي الصفاقسي والأمن الوطني والخبراء وذلك أضعف الإيمان. بل أنه كان حريا ببرنامج الأحد الرياضي التطرق للموضوع وفتح ملف العنف في الملاعب بعمق عوض إلهاء المشاهد بصور قديمة تؤرخ للعنف في الملاعب من أنقلترا إلى اليابان... لذلك لا غرابة أن يفقد الأحد الرياضي الكثير من بريقه وشعبيته ولاح منذ حلقاته الأولى أنه برنامج ضعيف وتكمن نقاط ضعفه في مقدّمة البرنامج التي تميزت بقدرتها على الحديث لساعات دون فائدة وفي محلّليه الفنيين الذين لم يضيفوا شيئا للمشاهد وفي عملية "المونتاج" التي تستهلك الوقت وتختار اللقطات على مزاجها فتبث ما لا يفيد وتحجب ما ينتظره الجميع. لقد حان الوقت لمراجعة الأحد الرياضي من التقديم إلى الإخراج فبالمحتوى الذي نشاهده منذ بداية الموسم لا يمكن لهذا البرنامج أن يرتقي إلى انتظاراتنا من إعلام ما بعد الثورة ولا نستغرب أن يزيد في توتير أجواء الملاعب ويتسبب في تأجيج نار الحساسيات بين النوادي والجهات التونسية ويساهم في تغذية الأزمة المستفحلة التي يشهدها القطاع الرياضي وخاصة كرة القدم.