دعا رئيس الوزراء التونسي السابق الباجي قائد السبسي، حركة النهضة الإسلامية الحاكمة إلى أن تعبّر عن موقفها الرسمي من التطرّف السلفي الذي بات يُهدد التونسيين واتخاذ قرار جدي لوقف انتهاكاتهم في حق أمن البلاد. وقال في حوار مطوّل أجرته معه قناة "نسمة تي في" ، "أنا مع وجود النهضة في تونس ونريدها أن تنجح في قيادة البلاد لأنّ في نجاحها مصلحة للجميع وفشلها سيمثّل ضربة لمرحلة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها البلاد". كما أضاف "لقد سهلت لها العمل لأنّه كان من الضروري أن تنصهر في المشهد السياسي التونسي كقوّة وتيّار يمارس الحكم، لكن عليها أن تتبرّأ بصفة واضحة ونهائية من التطرّف السلفي الذي يتعدى على المكاسب الوطنية بكلّ وقاحة". نافيًا الاتهامات بتواطؤ حركة النهضة مع التيار السلفي بقوله "أنا أنزّه الحركة من هذه التهمة لأني أعرف أغلبهم"، مشدّدًا على أن "العبرة ليست بحقيقة الأمور لكن كيف يقرأ المواطن الأحداث". وقال "إنّ أوضاع البلاد في المرحلة الحالية مقلقة جدًا، فالأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية سيئة جدًا إضافة إلى تنامي التطرف في البلاد"، مؤكّدًا أنّ "مصير تونس هو الاعتدال والوسطية والتطرف لا مستقبل له في هذه البلاد يمينيًا كان أو يساريًا وعلى جميع التيارات الفكرية في البلاد إلى التعاون والتالف على حل مشكلات البلاد"، حسب قوله. وفي تعليقه على الانتقادات التي يوجّهها العديد من الوزراء الحاليين حول ما يسمّونها "التركة الثقيلة التي ورثتها حكومة حمادي الجبالي عن حكومته التي تولّت المرحلة الانتقالية الأولى (من 24 جانفي إلى 13 ديسمبر 2011)، أكّد رئيس الوزراء السابق "أنّ حكومته ارتكبت أخطاء لكنها لم تتآمر أبدًا على الحكومة الحالية وأنه مستعد لمساندتها في هذه المراحل العصيبة التي تحتاج لتكاتف بين كل التونسيين من مختلف اتجاهاتهم". وأضاف "عند تسليم مقاليد الحكم شكرنا الجميع وأثنوا على ما قمنا به خلال الفترة الانتقالية الأولى التي انتهت بإجراء الانتخابات لكن الآن الجميع أصبح ينتقد ما قمنا به"، مضيفًا "بعد استقالة محمّد الغنوشي في فيفري 2011 طلب مني أن آتي مع فريق من الزملاء لإخراج البلاد من الأزمة التي كانت تتخبّط فيها إثر الفترة التي عقبت سقوط نظام زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011 وقد نجحنا في ذلك بشهادة الجميع في الداخل والخارج فقد تمّ اختياري رجل السنة من قبل وسائل الإعلام". ومن جانب آخر، نفى السبسي علمه بالأخبار التي تقول بفتح بحث أي تحقيق قضائي ضدّه فيما يعرف بقضية اليوسفيين (نسبة إلى الزعيم صالح بن يوسف الذي تمّ اغتياله في ألمانيا سنة 62 بعد انفصاله عن بورقيبة وتأسيسه لحركة سياسية قومية) التي تعود إلى سنة 1962، وقال "أنا لست ضدّ القانون"، وأضاف "تمّت تسميتي مديرًا للأمن في 1963 أي بعد الحادثة بسنة"، مؤكّدًا استعداده "لتحمل المسؤولية الكاملة في هذا الموضوع لكن تجاوز الأخطاء السابقة مع المحاسبة هو الحل لتحقيق المصالحة الوطنية"، حسب قوله. وشدّد الباجي قائد السبسي على أنّ "هذه القضية مفتعلة وسببها أنّي أدليت بتصريح صحافي دعوت فيه أطراف الحكم إلى تحديد موعد لإجراء الانتخابات وتفعيل هيئة تشرف على الانتخابات". يُذكر أنّ العديد من عائلات مناضلي التيار اليوسفي كانوا قد تقدّموا منذ فترة برفع دعوى قضائية ضدّ الباجي قائد السبسي بتهمة التعذيب والقتل العمد في حقّ مناضلي الحركة اليوسفية عندما كان على رأس وزارة الداخلية في ستينيات القرن الماضي(وكالات)