افاد العميد السابق للمخابرات العسكرية العميد موسى الخلفي انه حين تم اكتشاف ملامح المؤامرة الانقلابية لسنة 1987 التي أعدتها حركة الاتجاه الإسلامي " النهضة" وجد بن علي في ذلك فرصة وكان يفكر في إبعاد بورقيبة وقتها ليقنع بعض المترددين في الدائرة الضيقة للسلطة بالمبادرة الى القفز على الحكم قبل ان يبادر آخرون (الاسلاميون)...وتحدث العميد المتقاعد عن عدة معطيات اخرى نسوقها كما وردت قي الحوار الصادر في صحيفة أخر الخبر في عددها الصادر اليوم : - كيف علم بن علي بمخططات الإسلاميين؟ كانت لديه معلومات داخلية وخارجية على أساس ان تنظيم الاتجاه الاسلامي والذي كانت بعض قياداته في باريس مثل الحبيب المكني واحمد المناعي جرى الحديث بينهما عن الموضوع وكانت الاجهزة الامنية في سفارة تونس بباريس على علم بهذه التفاصيل واكثر بل لديهم حتى موعد التنفيذ (8 نوفمبر 1987) فما كان من بن علي الا ان استبق الأحداث وبادر الى إزاحة بورقيبة والاستيلاء على الحكم. المجموعة الأمنية الأولى سنة 1987 والتي هي الجناح العسكري للجهاز السري لحركة النهضة تم التعامل معها خلافا لما يقال بشيء من اللين والتغاضي على أساس نوع من المصالحة إضافة إلى الاشتراك في نية الانقلاب والشعور بعدم وجود فرق كبير بين الجانبين وتقرر نوع من الهدنة. لكن بعد انتخابات 1989 التي شارك فيها الإسلاميون في قائمات مستقلة ثم اتهموا الحزب الحاكم بتزويرها بدأ الصدام الفعلي. وكانت الاعتداءات التي وقعت بين خريف 90 وربيع 91 متعددة وخطيرة مثل الاعتداءات بماء الفرق والضرب والاقتحام للمقرات الأمنية أو مقرات الحزب الحاكم واستمر التصعيد حتى عملية باب سويقة التي أفاضت الكأس. انطلاقا من هذه الحادثة تم التأكد أن الجهاز السري لحركة النهضة ما زال نشيطا حيث لا يجب ان ننسى ان بن علي التقى براشد الغنوشي قبل الانتخابات في 1989 ومكنه من سيارة مراسيم أوصلته حتى حدود الجزائر وهذا يعني انه كان هناك شبه صلح بين الجهتين يتضمن حلّ الجهاز السري للحركة نكثت به حركة النهضة. وعند ايقاف بعض القيادات الوسطى بالجناح المدني للجهاز السري تم العثور على وثائق عسكرية لا يمكن ان تكون مسربة إلا من طرف عسكريين. هذه الوثائق اعرفها جيدا وبعضها خرجت من عندي وجهتها للمدير العام للامن العسكري الذي قام بتكليف شخص "من الموثوق بهم" لتوجيهها لجهات أخرى للتعامل معها. وقد عمد هذا الشخص الى نسخ الوثائق قبل إيصالها الى وجهتها. وللعلم فان هذا الشخص المدعو عبد العزيز المحواشي هو الكاتب الخاص للمدير العام للأمن العسكري ان ذاك علي السرياطي وقد انتقل معه بعدها الى وزارة الداخلية واعاد نفس الممارسة من جديد وقد وقع ايقافه لاحقا وتوفي تحت التعذيب في دهاليز وزارة الداخلية. وحين بدأت التحقيقات في قضية المجموعة الأمنية 2 او قضية براكة الساحل لم تكن أي جهة مخولة قانونا بإجراء هذه التحقيقات سوى إدارة امن الدولة بموجب تكليف من القضاء العسكري كما أن الأمن العسكري لم يكن يتمتع حتى بالضابطة العدلية وكلف فقط بالتنسيق مع وزارة الداخلية والقيام بالإيقافات اللازمة وجلب المتهمين. وهكذا استمرت الإيقافات في صفوف العسكريين الذين وردت أسماؤهم في التحقيقات من شهر مارس سنة 1991 إلى غاية 22 ماي 1991 تاريخ عقد الندوة الصحفية التي قام بها عبد الله القلال وزير الداخلية وعرض المخطط الانقلابي لحركة الاتجاه الاسلامي وكان من بين الشهادات المعروضة تسجيل فيديو للنقيب بالجيش احمد عمارة الذي تحدث فيه لأول مرة عن اجتماع تم في جهة براكة الساحل وضم اكثر من 100 عسكري للاستعداد للعمل الميداني في إطار الانقلاب حسب الشهادة. أدركنا حينها ان انحرافا وقع في التحقيق حيث بعد إجرائنا لتحقيق استقصائي تبين لنا ان مثل هذه الاجتماع مستحيل اولا لان المنطقة صغيرة جدا ولا يمكن ان يقع فيها اجتماع بهذا الحجم دون او يلفت انتباه المتساكنين ومركز الحرس القريب اضافة الى كون المنزل الذي يفترض انه وقع فيه الاجتماع لا يمكن من حيث المساحة ان يحتوي هذا العدد. وقد رفعنا تقريرا موثقا لرئيس الجمهورية بهذا التحقيق وتم بناء عليه تسوية وضعية 145 عسكريا مع مراعاة التراتيب الجاري بها العمل وخصوصية المؤسسة وهو ما لم يكن سهلا بالمرة. جدير بالذكر ان اجتماع براكة الساحل سبقه اجتماع بمنطقة وادي الليل بضواحي العاصمة. كانت هناك اذا محاولة للتعويم على القضية من قبل الموقوفين الاول حيث تجاوز عدد العسكريين الذين ذكرت أسماءهم في التحقيقات 500 لم نوقف منهم سوى 244 حيث اننا اثبتنا استحالة تواجد عدد كبير منهم ضمن الخطة الانقلابية. -هل وقع حلّ الجهاز السري للحركة بعد الثورة وبعد خروج حركة النهضة للعلنية والقانونية؟ لا الجهاز السري للحركة بعد الثورة مازال ناشطا. فبعد الثورة وقع تعيين عدد من عناصره وخاصة جناحه العسكري في مناصب في الدولة ولم يقطعوا أبدا الاتصال به اذكر منهم محمد سيدهم والي القصرين وهو نقيب سابق بالجيش وعبد السلام الخماري المشرف على المكتب عدد 22 (التسمية الكودية للجهاز العسكري) بمونبليزير المكلف بمتابعة شؤون الجيش والأمن وهو نقيب سابق بالجيش وسيد الفرجاني مستشار وزير العدل السابق نور الدين البحيري وهو وكيل سابق بجيش الطيران وعنصر قيادي في الجهاز السري وصالح العابدي الذي كان عريفا اول بالادارة العامة للامن العسكري وهو حاليا يعمل بالمكتب 22 بمونبليزير ، هؤلاء مازالوا على اتصال بقيادات بالجيش الوطني التونسي يساومونهم على رتب ومناصب مقابل الولاء للحركة. حتى ان الجرأة وصلت بالمكتب 22 للاتصال بعدد من الضباط المتأخرين في الرتب رغم توفر كل الشروط القانونية فيهم رغم تشكياتهم لمساومتهم على طاعتهم وولائهم. كما ان الأمن العسكري خلال فترة إشرافي عليه كان على اطلاع من انتماء عدد هام من العسكريين للجهاز السري لحركة النهضة ، لكن جزءا من هؤلاء لم يقع التحقيق معه وواصل عمله صلب المؤسسة العسكرية. ثم انتم تذكرون طبعا ذلك الفيديو المسرب الشهير لراشد الغنوشي مع قيادات سلفية يتحدث فيه عن الجيش ووصفه بانه غير مضمون. في حقيقة الأمر اصبح الجيش بشكل او بأخر مضمونا. كما تذكرون حوار الجنرال رشيد عمّار على قناة التونسية وهو يعلن استقالته من منصبه حين تحدث عن لقائه براشد الغنوشي، وقال له "هل أصبحت مضمونا يا شيخ" . -هل يعني ان الجنرال رشيد عمار أصبح مضمونا لحركة النهضة؟ بطبيعة الحال ليس مضمونا بمعنى الولاء والطاعة ولكن بمنطق الحسابات والمصلحة. لو لم يكن كذلك لما وقع التمديد له بسنتين خارج القانون بعد سن التقاعد. كما أننا اذا نظرنا الى تعاطي القيادة العسكرية مع ملف الإرهاب .. وأنا متأكد ان المعلومات حول التحركات الإرهابية في جبل الشعانبي متواجدة منذ 2011-2012 الا انه لم يتم التعامل معها بتاتا. بل أكثر من هذا هناك مرافق طيّار مكلف بالرصد عوقب بسبب مخالفة التعليمات لأنه اقترب بالطائرة من جبل الشعانبي للتثبت فيما يجري فيه، وكان ذلك في عهد الفريق أول رشيد عمار" -لم يكن لقاؤنا بالعميد موسى الخلفي ليمر دون ان نساله عن حقيقة التواجد الأمريكي بتونس فكان جوابه: "انا كنت منذ 1991 الى سنة 2000 في اللجنة المشتركة التونسيةالأمريكية للدفاع والتعاون العسكري بين تونس وامريكا لم يتوقف لحظة. اما عن حقيقة وجود قاعدة عسكرية امريكية بتونس فاستبعده بشدة لانه لا حاجة للأمريكان به. هم بحاجة لمد لوجستي مثل تهيئة مستشفيات قادرة على علاج جرحاهم في عمليات محاربة الإرهاب على غرار ما نشرتموه عن مستشفيات الفوار والذهيبة ورمادة. امّا وجود قواعد فهم بغير حاجة الى ذلك لان لهم قواعد قريبة في مالطة وصقلية. لكن يجب ان يفهم التونسيون ان الأمريكان امدونا بطائرات دون طيار لرصد الإرهابيين "Drones وبما ان قيادة مثل هذه الطائرات تحتاج الى خبرات عالية، فان بعض الضباط الامريكيين يقومون بذلك في تونس وهذا يفسّر ما قيل عن التواجد العسكري الامريكي في تونس. وانا اعتب على وزارة الدفاع والناطق الرسمي باسمها إخفاءهم هذا الأمر عن التونسيين. (اخر خبر)