عاجل: هذه تفاصيل الأحكام ضد الموقوفين الثمانية في قضية التسفير    قفصة: افتتاح فعاليات الورشة الوطنية للمشاريع التربوية البيداغوجية بالمدارس الابتدائية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    مع الشروق : ترامب.. مائة يوم من الفوضى !    أخبار الملعب التونسي : غيابات بالجملة والبدائل مُتوفرة    وزير الشباب والرياضة يستقبل رئيسي النادي الإفريقي والنادي الرياضي البنزرتي    عاجل/ من بيهم علي العريض: أحكام بالسجن بين 18 و36 سنة في حق المتهمين في قضية التسفير..    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    في افتتاح مهرجان الربيع لمسرح الهواة بحمام سوسة... تثمين للمبدعين في غياب المسؤولين    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    لماذا اختار منير نصراوي اسم 'لامين جمال" لابنه؟    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا"    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى محاكمات براكة الساحل الملازم السابق
نشر في التونسية يوم 30 - 04 - 2013


لم أشارك في أية مؤامرة بل وقع الغدر بي...
لابد من تطوير الصناعات العسكرية...
بدأت برأسمال أقل من 4 آلاف دينار واليوم لي 6 مصانع...
لابد من تطوير الصناعات العسكرية...
قدمت مطلبا لتأسيس حزب ثم إنخرطت
في «النهضة»...

حاوره :محمّد بوغلاّب
ينحدر ضيفنا جمال بوخريص من عائلة فقيرة من بوفيشة، دفعته قسوة الظروف إلى الإلتحاق في السادسة عشرة من عمره بالمعهد العسكري ببنزرت سنة 1978 ففي ذلك المعهد –الذي لم يعد له وجود اليوم- كان بوسعه ضمان المبيت والأكل والملبس مجانا بل إنه يحصل كل شهر على منحة قدرها ديناران تسمح له بأن يروّح عن نفسه بالذهاب إلى السينما في تلك الأيام ...
أحرز جمال على شهادة الباكالوريا سنة 1982 بملاحظة قريب من الحسن، واختار الأكاديمية العسكرية في اختصاص الطيران، ونظرا إلى تميزه تمكن من الإلتحاق بالأكاديمية العسكرية للطيران بإيطاليا حيث قضى أربع سنوات تخرج فيها الأول على زملائه التونسيين ومن بين الأوائل في عموم الطلبة .
إثر ذلك عيّن جمال بوخريص ملازما بالقاعدة الجوية بصفاقس في مارس 1987 ، ويذكر محدثنا أنه كان الضابط المكلف بالحراسة ليلة 7نوفمبر 1987.
في ظروف غامضة حتى بالنسبة إلى ضيفنا تم اعتقاله بتهمة المشاركة في مؤامرة «براكة الساحل»، وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة على القضية فإن الصورة ظلت غامضة إلى حد كبير فهي عند البعض مؤامرة من بن علي لتحجيم الجيش التونسي وتهميشه، وهي عند آخرين محاولة انقلابية تورطت فيها حركة «النهضة» مطلع التسعينات كما ورد في الندوة الصحفية الشهيرة لعبد الله القلال وزير الداخلية آنذاك بتاريخ الأربعاء 22 ماي 1991 ، ويرى آخرون أن «براكة الساحل « مظلمة في حق نخبة من قيادات الجيش الوطني لم يكن لها أي صلة بحرب بن علي و«النهضة» المستعرة آنذاك».
ألقي القبض في تلك المحنة على 300 شخص بين مدنيين وعسكريين (يبلغ عدد العسكريين 244 ) ، وتفيد روايات متواترة أن محمد علي القنزوعي-كاتب الدولة للأمن- هو الذي تدخل في النهاية لإقناع بن علي بضرورة إغلاق الملف الذي سبب آلاما كثيرة ومازالت جراحه إلى اليوم في أجساد وضمائر الذين ظلموا في حملة الاعتقالات العشوائية والمحاكمات الصورية .
أجبر جمال بوخريص على نزع بزّته العسكرية ليدخل غمار الحياة المدنية التي يكاد لا يعرف عنها شيئا، ولكن جمال الذي بدأ برأسمال لا يتجاوز 4 آلاف دينار منتصف التسعينات أصبح اليوم يدير شبكة من المصانع في باجة والمغيرة وسوسة وصفاقس وقفصة وأريانة....
في ذكرى محاكمات براكة الساحل، تحدث جمال بوخريص ل «التونسية»...
هل كنت تتوقع أن تتم تنحية بورقيبة بتلك الطريقة في 7نوفمبر 1987؟
أبدا، أذكر أني فتحت المذياع في السابعة صباحا فسمعت الخبر في النشرة الإخبارية، ناديت أحد زملائي وأعلمته، لم نكن نتوقع أن يغادر بورقيبة بذلك السيناريو.
أنت إبن المؤسسة العسكرية، في تقديرك ألم يفكر الجيش في الاستحواذ على الحكم؟
«ما نتوقعش»، كنا نعيش في عالم مغلق في كنف الانضباط، لم تكن لنا أية صلة بالشأن السياسي.
هل هذه صفات إيجابية؟
حين فصلت من الجيش وجدت صعوبة في التأقلم خارج الثكنة، «ما كنتش نعرف الدنيا كيفاش ماشية» ربما كنت قد بالغت في الانغلاق على نفسي.
ماذا بعد عملك في ثكنة صفاقس؟
تمت نقلتي سنة 1990 إلى القاعدة العسكرية بقابس، وكنت على أبواب الترقية إلى رتبة نقيب، وقد تخصصت في طائرة (الغزالة) وهي طائرة هيلكوبتر حربية سريعة
منذ دخلت البناية وأنا أشعر بمناخ من التدين(تلفزيون مفتوح على قناة دينية في البهو، قرآن كريم من المذياع)، هل يعكس ذلك تدينك الشخصي؟
«الإنسان يتوكل على ربّي» حين يعزم على العمل.
أنت تعرف أن ملاحظة التدين عليك قبل سنوات هي التي غيرت حياتك؟
ليس التدين هو الذي غير حياتي فقد كنت أصلي منذ كنت في السادسة، أنا من عائلة فقيرة جدا، توفي أبي سنة 1974، كنت الأكبر في العائلة ولم أتجاوز في دراستي السادسة ابتدائي وأمي لم تكن تعمل ، عندي خمسة أشقاء، لم يكن لنا أي مورد وكانت لنا قطعة أرض صغيرة لا تنتج شيئا بسبب الجفاف ولكني عزمت على الدراسة لأرتقي بعائلتي كانت الطريق الوحيدة المتاحة لتجاوز وضعنا.
حين توفي أبي لم أنجح في السادسة ابتدائي، انتقلت إلى النفيضة لأقيم بالمعهد ، كان ذلك تحولا كبيرا في حياتي فقد وجدت في المبيت تأطيرا لأنه لم يكن من يعتني بي في العائلة في ثلاثة أشهر تغير مستواي التعليمي وأصبحت دائما في المراتب الأولى ، كنت متميزا في الرياضيات والعلوم.
ألم يسبب لك فقر العائلة أي حرج؟
أنا فخور بعائلتي وبنفسي وأمي مازالت على قيد الحياة «وربي يفضّلهالنا» هي ضحت من اجلنا ، كنت صغيرا في السن ولكنها كانت تستشيرني وربما ذلك ما حملني المسؤولية منذ الصغر وقد ساندنا خالي في تلك الظروف الصعبة.
ماذا حدث إذن لتتورط في مؤامرة «براكة الساحل»؟
لم أتورط في أي مؤامرة بل وقع الغدر بي
كيف ذلك؟
في شهر ماي 1991 جاءني رئيس القاعدة العسكرية بقابس –متوفى- وأعلمني بأني سأنتقل رفقة ضابطين إلى تونس لإجراء مقابلة مع رئيس أركان جيش الطيران وكان هذا الأمر عاديا في عرفنا العسكري.أخذت الطائرة بزيي العسكري حتى وصلنا الى العوينة في حدود منتصف النهار، التحقنا بنادي الضباط «فطرنا وشربنا الشاي» هيأت نفسي لمقابلة رئيس أركان جيش الطيران وكانت السيارة تنتظرنا ، إمتطينا السيارة فإذا بها تأخذنا إلى بناية جانبية كتب عليها «نظام حرية عدالة» فهمت وقتها أن في الحكاية ما يثير الريبة.
هذا شعار الجمهورية؟
أعرف، ولكنه يدل على السجن أكثر مما يدل على أي شيء آخر على الأقل في تلك الأيام فوجئت بأن السجن مكتظ اكتظاظا رهيبا بالضباط أمثالي كانوا بأزيائهم العسكرية، قضينا 36 يوما.
هل تم إستجوابكم؟
لا
ألم تحاول أن تعرف ماذا يجري؟
حاولت لكن لا إجابة ، الناس الكل في وضع ريبة وخوف ، تسربت الشكوك في الجيش إلى درجة أن كل أحد أصبح يخشى على نفسه.
هل كنت على بينة من الوضع العام في البلاد؟
أنا كنت في قابس ولم أكن أتابع الشأن السياسي، صدقني حتى أسماء الوزراء لم أكن أعرفها.
ماذا كان إنطباعك عن بن علي؟
في تلك الفترة كنا نراه رجلا قويا «شادد البلاد» بحكمة بعد أن أوشكت على الإنهيار، لم يكن لي موقف محدد منه ، كنا نشعر بأنه أنقذ البلاد.
ماذا جرى بعد ذلك؟
خلال فترة الإيقاف تم استدعائي إلى الأمن العسكري «جابولي فطرت وأعادوني دون أي إستجواب» كانوا كل مرة يأخذون أحدا منا كنا نهنئه لأننا كنا نعتقد أننا أبرياء وأنه وقع خطأ سيتم تداركه لاحقا.
هل سمعت بفحوى الندوة الصحفية لعبد الله القلال في 22ماي 1991؟
لا لم نسمع بشيء، و لم يكن أحد يتحدث معنا.
المهم بعد 36 يوما من الإيقاف أخذوني إلى الداخلية، استقبلني أعوان بالزي المدني فيما كنت بزيي العسكري، أخذونا إلى طابق أنا وزميلي رضا قفال( تم إيقافنا معا من قابس)، مباشرة وجدت نفسي تحت التعذيب، سألوني عن شخص إسمه محسن المناعي هل تعرفه أجبت بنعم وهو زميل لنا من جيش البر في قابس درس معي في المعهد العسكري وكنا نلتقي في نادي الضباط .
أجبت بأني أعرفه فإنهالت علي الضربات من كل مكان، سئلت عن صلاتي به ثم وقع تعليقي في شكل دجاجة مصلية معلقا بين طاولتين مع الضرب المتتالي بالعصي، كنت صحت وبكيت حتى بلغت مرحلة عدم الشعور بأي شيء.
هل تم تعذيبك بزيك العسكري؟
نعم
كم دام تعذيبك؟
ثلاثة أيام ،كنت في زنزانة إنفرادية.
هل سئلت هل تصلي أم لا؟
أنا بادرت بإخبارهم، فقالوا لي الصلاة لا تهمنا
ماذا كان يهمهم؟
لا اعرف
هل سئلت عن براكة الساحل؟
لم أسمع هذا الاسم مطلقا أثناء الإيقاف والإستجواب والتعذيب، لم أسمع ببراكة الساحل إلا حين نقلت لسجن مرناق .
كان إنطباعي أني مررت بالتحقيق في مرحلة ختم أبحاث لأن التحقيق لم يستمر أكثر من ثلاثة أيام وكان السؤال عن شخص بعينه دون أي تفاصيل أخرى، بعد ثلاثة أيام نقلت إلى السجن. طلبت مكافحة مع محسن المناعي ولكنهم لم يستجيبوا.
هل إلتقيت بقيادات أمنية أثناء إستجوابك في الداخلية؟
لم أكن أعرف أحدا منهم، كنت أرى وجوها لا أعرفها ولا أعرف حتى على ماذا كنت أمضي وحين سألتهم قالوا لي أليس لديك ثقة فينا؟
كانت فترة صعبة وقاسية. أذكر أنهم في غرف الاحتجاز في الداخلية أتوا بشخص إلى جانبي سألني عن تاريخ مناظرة قلت له لماذا؟ رد بأنه يريد إفتعال قصة حتى يتفادى التعذيب .
كان التعذيب مؤلما والأكثر إيلاما أني لم أكن أتوقع ما حدث لي، تكويني كان في الأكاديمية الإيطالية حيث علمونا الشهامة والاعتزاز بالنفس، أعطيك مثالا، حتى لباسنا المدني كنا ملزمين بارتداء لباس محترم وليس عليك أن ترتاد أي مكان كان علينا الالتزام حتى بطريقة معينة في الأكل. علمونا كيف نعيش مع المحافظة على كرامتنا وهيبتنا فإذا بي أجد نفسي محل إذلال وإهانة ، بعد ذلك غادرت إلى سجن مرناق حيث قضينا 14 يوما نقاهة ، وجدت جناحا كاملا في السجن مخصصا لنا، لا اذكر عدد المحتجزين.
فيم تحدثتم؟
لم نكن ندرك ماذا يحدث ولكننا كنا نتوقع أننا سنغادر السجن وهو ما حدث إذ سلمونا للأمن العسكري الذي أحالني على إجازة لمدة شهر.
كيف وجدت العائلة بعد أكثر من خمسين يوما من الغياب؟
أمي سمعت بالصدفة إذ لم أزرها في عيد الأضحى، اخبرها احد أبناء البلدة بشكل عفوي القضية كانت معلومة لدى الرأي العام . وتمطط الشهر ليبلغ السنة كاملة، استدعيت للأمن العسكري لتقديم استقالتي فرفضت لأني كنت أعتقد أني لم أخطئ وإن استقلت فكأني أدين نفسي فرفضت لأترك الحكم للتاريخ الذي سينصفني فهددوني بالإحالة على مجلس التأديب وكتبت رسالة إلى وزير الدفاع في الغرض وبالفعل أحلنا على مجلس صوري بعد شهر.
ماذا كانت تهمتكم؟
لم تكن هناك أية تهمة، طالبت بحقوقي فقط، منذ دخلت الداخلية وتعرضت للتعذيب طويت صفحة المؤسسة العسكرية لأن ما تعرضت له كان قاسيا جدا.
هل هو عادي ألا يحمي الجيش أبناءه على الأقل بتوفير محاكمة عادلة؟
ماذا تريدني أن اقول لك؟ ما نعرفش
من أين أتتك القدرة على تذكر ما حدث بكل حياد؟
لا أشعر بأني طرف في ماحدث لأني لست مذنبا ، تعرضت لمظلمة، الشيء الوحيد أنه حين تعرضت للتعذيب أدركت نهاية علاقتي بالجيش لأني كنت متميزا وعوملت بهذا الأسلوب فماذا سأنتظر حتى لو عدت للجيش؟ سأجد نفسي مجرد موظف يأخذ جراية وسيقبر طموحي ، بعد شهرين دعيت من جديد للأمن العسكري لتسليم وثائقنا العسكرية، سألتهم شكون أحنا توة؟ ولكننا لم نتلق أي رد . عدت إلى بوفيشة، شعرت بإرتياح لأني طويت الملف
ماذا فعلت؟
إقتنيت كتابا عن التنظيم الإداري لتونس واتصلت بمحام لأرفع قضية للمحكمة الإدارية ، «ما رجعتلوش»في الأجل فوجدت أنه لم يفعل شيئا .
من يومها لم أفعل شيئا ورضيت بما حدث، انا إنسان مثل الماء عند نزوله من الجبل يتبع مساره الطبيعي وحين يجد صعوبات يتفاداها . كان قراري ان اصنع حياتي من جديد.
بعد الثورة لماذا لم تطالب بإنصافك؟
حضرت الندوة الصحافية لجمعية إنصاف قدماء العسكريين ثم انقطعت الصلة، أحن لزملائي وخاصة أبناء دفعتي ولكني كنت أتفادى الإتصال بهم حتى لا أحرجهم.
من ساندك؟
من العسكريين لا أحد.
لم يتغير شيء بين أهلي وأبناء مدينتي ، بعد الثورة عقدت العزم على ألاّ اسكت فكونت جمعية إنماء بوفيشة لتنمية القدرات الاقتصادية للمدينة لأنه من خلال تجربتي الجانب الإقتصادي أهم من السياسة وتحسين ظروف الناس هو أهم ما تقدمه خدمة للانتقال الديمقراطي.
هل تعلم زوجتك بما حدث لك؟
نعم، تزوجت سنة 1996 لم تكن ظروفي جيدة في تلك السنوات ولكن الثقة كانت هي رابطنا الأساسي.
هل ضيق النظام الخناق عليك بعد خروجك مكرها من الجيش؟
حين غادرت الجيش اشتغلت بالفلاحة في قطعة أرض صغيرة نملكها كنت أعمل بنفسي رفقة عاملين غرست ألف عود زيتون ، اشتغلت في أكثر من مجال كممثل تجاري.
كنت ملازما في جيش الطيران وتقبل على نفسك أن تكون ممثلا تجاريا؟
كانت عملية صعبة، ولكني كنت أدرك انه علي أن افتح صفحة جديدة، لم يكن أمامي إختيار.
هل تعتبر «براكة الساحل» مظلمة في حق الجيش التونسي؟
حسب رأيي بعد كل هذه السنوات أشعر بأن المخلوع أراد أن يحكم قبضته على البلاد فاستهدف المؤسسة العسكرية لتركيع الجيش ، لقد أراد أن يأخذ بزمام المبادرة.
هل الجيش التونسي قادر على حماية تونس؟
الجيش التونسي إن قارنته بالجيوش العالمية ضعيف وقدراته لم تتطور لأنه حسب إعتقادي حتى المخلوع لم يكن يسعى إلى تطويره ،كان دوره حماية الحدود لفترة زمنية ما وضمان الأمن الداخلي ، هذه مسائل مرتبطة بالقرار السياسي.
هل ينبغي ان تتم مراجعة دور الجيش في تونس؟
أنا رأيي يمكن للجيش المساهمة في النشاط الاقتصادي مساهمة فعالة عبر تفعيل الصناعات العسكرية مثل الجيوش في الدول المتقدمة لأن التكنولوجيا مصدرها الأساسي الصناعات العسكرية وأنا أعرف جيدا قدرة زملائي في مؤسسة الجيش الوطني على أن يكونوا دعامة رئيسية للاقتصاد الوطني.
هل تعتقد أن الجيش التونسي هو الذي حمى الثورة فعلا؟
«ما عنديش تفاصيل» ومعلومات عما حدث في 14 جانفي لكن ما بعد 14 جانفي أعتقد آن الجيش قام بدور فعال وخلق التوازن في البلاد « لو ماجاش الجيش منضبط كان تنجم البلاد تدخل في إتجاه آخر»، وما أثمنه هو إلتزام الجيش بالحياد وهذا ليس بالأمر الهين ولا بد من الاعتراف به.
هل كنت تعتقد أن بن علي قادر على الهرب؟
لا ولكني كنت أعتقد أن نظام بن علي إنهار وكان عليه أن يقدم تنازلات كبيرة حتى التضحية بالطرابلسية ورجال القصر، كنت أتوقع ذلك لكن أن يهرب بن علي بتلك الطريقة فلا.
هل أنت منخرط في حزب؟
حاولت تأسيس حزب ولكن المطلب رفض أيام الباجي قائد السبسي.
لماذا رفض؟
إسألهم هم.
لماذا فكرت في تأسيس حزب؟
في تلك الفترة كانت هناك «النهضة» والأحزاب اليسارية والديمقراطي التقدمي، لاحظت أن كثيرا من الناس مثلي لم يجدوا الحزب الملائم لهم، بعد أن رفض ملف الحزب ،قلت في نفسي لعل فيها خير.
ماهو الحزب الذي ساندته في إنتخابات 23 أكتوبر؟
بعدما رفض مطلب حزبي بقيت أتابع الوضع السياسي في تونس وفي الأخير إنخرطت في حركة «النهضة»
هل ساعدت «النهضة»؟
نعاونهم.
هل انت مطمئن على مصير تونس مع «النهضة»؟
اعتقد أنهم صادقون ، ومساعدتي لهم حين تكون عندي فكرة «نوصلها وندعمها» وخاصة في الجانب الإقتصادي ومن الأفكار التي أؤمن بها سواء مع «النهضة» او مع غيرها الاقتصاد الحر المدعوم من الدولة بأن تبادر الدولة في المناطق النائية والمحرومة بدراسة المشاريع التي يمكن إنجازها وتنجزها الدولة وتفوت فيها بعد ذلك للخواص عن طريق البورصة ويمكن ان تبقي على جزء لأهل المنطقة وللعمال، بهذه الطريقة يمكن تحقيق نقلة اقتصادية سريعة .
رجل الأعمال «ما يعملش مزية»ولكنه يبحث عن ربحه ولذلك الدولة عليها أن تبادر.
لقد أنشأت مصنعا في باجة المدينة هو الوحيد في إفريقيا متخصص في صناعة خراطيم المطاط للاستعمال الصناعي بشراكة إيطالية مساحته المغطاة عشرة آلاف متر مربع ومع الأسف التنقل إلى باجة صعب كما أنك لا تجد مطعما لائقا حين يزورك حرفاء أجانب ، قبل إختيار باجة، مشيت زرت سليانة ولم أجد أي ظروف مناسبة ولم أتحدث عنها للإيطاليين، الظروف صعبة رغم ان الدولة تمنحك امتيازات لكن «ما تلقاش وين تفطر» بكلها محلات ربع دجاج هل هذا معقول؟ شريكي الإيطالي رجل في منتصف السبعينات وتنقله صعب إن لم تكن هناك طريق سيارة، في باجة نزل يتيم من فئة معينة فيه 14 غرفة وقاعة المطعم حانة مفتوحة للعموم؟ هل هذه ظروف مشجعة للمستثمر أجنبيا كان أم تونسيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.