قال علي العريض رئيس الحكومة السابق والقيادي بحركة النهضة أن الأوضاع في الدول العربية لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه قبل نهاية 2010، رغم أن الانتكاسات والعورات التي تعرفها ما يصطلح عليه بدول الربيع العربي التي انتفضت شعوبها ضد الأنظمة الاستبدادية، وما تواجهه في سعيها إلى تحقيق الديمقراطية. وأضاف خلال مشاركته في منتدى الجزيرة الثامن بالدوحة أن الدول العربية تواجه في تجارب الإصلاح عددا من العوامل، مثل ضعف الأحزاب المستقلة والمنظمات وانتهاك الحريات العامة والخاصة والاستبداد والضحايا، وكثرة التهميش والبطالة والتفاوت بين الجهات، وضعف التنمية كما تسيطر على هذه البلدان أنظمة عرفت الاستبداد السياسي، وأخلفت وعودها بالإصلاح رغم تكررها، وتراكمت المظالم وبلغت حدودا قصوى. إما عن تحديات الثورة التونسية فبيّن أنّ هذه الثورة "كانت ردة فعل، توسعت في حدودها إلى المطالبة بإسقاط النظام، فخرجت كل المظالم في شكل زفير شعبي، وإرادة للتخلص منها، فازدادت ثقة الشعب في تونس، وتنامت مبادرات التحرك للتغيير، وحظيت بدعم دولي، قبل أن تتوج حركة التغيير بسقوط النظام". كما تحدّث العريض عن خمسة تحديات تواجه تونس لخّصها في ما يلي : -مقاومة الجريمة والإرهاب الذي استغل ما كانت تمر المنطقة لمحاولة فرض سيطرته، مع حاجة تلك الدول للإصلاح واحترام حقوق الإنسان في الوقت نفسه. ضرورة احترام الحريات وبناء المؤسسات الديمقراطية، وضرورة الاتفاق على مرحلة انتقالية، وكتابة دستور وإجراء انتخابات، وغيرها من متطلبات المرحلة الانتقالية. -التحدي الاقتصادي، أو تحدي التنمية، حيث أن الشباب التونسي كان ينتظر حلولا ملموسة لمشاكل البطالة وضعف القدرة الشرائية والعيش، مقابل برامج يحتاج نجاحها إلى تمويلات ضرورية ليست دوما يسيرة، وتحتاج لمرحلة طويلة لنجاحها. وما زاد من صعوبة التحول هو حدوث اضطرابات سياسية واجتماعية أثرت في تدفق الاستثمارات الأجنبية. -ضرورة معالجة مطالب الماضي، أو تحدي العدالة الانتقالية، لأن معالجة الماضي يجب أن تندرج في إطار الماضي والمستقبل. سيما وأن عقودا من الماضي حصلت فيها مظالم كثيرة، إلى جانب ما حصل من مظالم أثناء الثورات. -تحدي الوضع الدولي، حيث حظيت الإصلاحات في تونس بمساندة دول ومعارضة أخرى، محذرا أن التدخل الخارجي يمثل عامل خطورة لكل بلد تعرض ويتعرض إليه. وأضاف : "اصطدمت الحكومة التونسية خلال 2012 و2013 بعقبات بعضها منتظر، وبعضها لم تتوقعه، وبدا واضحا منذ بدء الانتخابات أن بعض القوى السياسية رفضت تلك النتائج رغم اعترافها بمصادفيتها، وبدأ التشكيك في الإنجازات واستغلال الشباب للتشكيك فيما تحقق... وقد نجحت تونس في مواجهة تلك التعقبات والتحديات بفضل الحوار الذي لم يكن ليحصل لولا الوقفة الوطنية والحوار والروح الوطنية بين المؤسسات الرسمية وأطراف سياسية واجتماعية منها الاتحاد العام للشغل وغيره، ولولا التزام "الترويكا" بجعل مصلحة البلاد هي العليا، ولو على حساب أحزابها، لتفويت الفرصة أمام المغامرين لمنع الاحتقان الدولي، حفاظا على الاستقرار الداخلي". ومن جهة أخرى، اعتبر انه "ليس من الحكمة الإسراع إلى اعتماد مقولات النجاح والفشل، لأن الثورات وما تلاها ليست المستقبل، بل هي البداية، والانتخابات ليست هي الديمقراطية، بل بداية الديمقراطية، ولذلك ولا بد من إزالة العوائق الكبرة التي عطلت تقدم الدول العربية".(مركز الجزيرة للدراسات)