شهد معبر رأس جدير منذ أيام توافد آلاف الفارين من "الحرب" في ليبيا مما أدّى إلى وقوع اشتباكات بين الوحدات الأمنية والعسكرية التونسية وأطراف رغبت في دخول تراب الجمهورية عنوة دون اعتماد الإجراءات القانونية وتسبب في إصابة رئيس منطقة الأمن ببنقردان برصاصة طائشة من الجانب الليبي. وكانت وزارة الخارجية أعلنت في وقت سابق إمكانية غلق الحدود مع ليبيا إذا ما أصبح الوضع يشكّل خطرا على أمن للبلاد، القرار الذي تم اتخاذه ظهر هذا اليوم وفق ما نقلته وكالة تونس إفريقيا للأنباء ولم يتم إلى حدّ هذه الساعة من كتابة أسطر المقال الإعلان عنه من قبل مصدر حكومي رفيع المستوى أو تحديد مدّته. ومن جهته، قال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي لل"الصباح نيوز" ان تداعيات الوضع الليبي على تونس لا تزال في بداياتها لأن نسبة التدفق من الجانب الليبي لازالت عادية، مستدركا : "ولكن المؤشرات الواردة من داخل القطر الليبي تشير إلى أن الوضع يتجه نحو مزيد توسيع دائرة الاقتتال وهو ما سيدفع جزء من الليبيين للتفكير جديا في التوجه نحو تونس ولعلّ ما جاء على لسان المنجي حامدي وزير الشؤون الخارجية بأن تونس تفكّر في غلق حدودها مع ليبيا شكّل دافعا لدى الليبيين للاستفادة من الوقت المتبقّي للقدوم إلى تونس" واعتبر ان قرار غلق الحدود صعب وأن تونس تجد نفسها أمام اختيار معقّد بين علاقتها التاريخية والاقتصادية والاجتماعية مع ليبيا وفي المقابل هناك تحديات أمنية واقتصادية. وقال : "أرى ان قرار الدبلوماسية التونسية كان عاقلا ويعتمد سياسة المراحل في تقدير المخاطر.. أما ما يمكن أن يترتب عنه في المرحلة القادمة فستحدده نسبة الخطورة وتداعياتها التي يمكن أن تتجاوز كل التصورات" كما أكّد ان الأوضاع في ليبيا وتداعياتها على تونس لا تزال تحت السيطرة. أما بخصوص تسرّب بعض العناصر الإرهابية عبر معبر راس جدير الحدودي، فقال الجورشي :"دون أن ننفي احتمال تسرّب بعض العناصر عبر البوابة الرسمية الا ان هذه العناصر لها إمكانيات بأن تدخل التراب التونسي عبر مسالك أخرى.. وتطوّر هذا الخطر سيبقى رهين ميزان القوى داخل ليبيا" وأشار إلى أن المساس من أمن تونس وارد في المستقبل ولكن الآن الأمر مستبعد وهو ما جعل خلية الأزمة تضع خططا احتياطية قد تلجأ إليها في الوقت القريب هذا بالإضافة إلى إمكانية التعاون مع الجزائر. ومن جهة أخرى، اعتبر الجورشي ان الوضع اليوم في تونس صعب وما يزيد دقة هو استعداد البلاد لخوض انتخابات حرة ونزيهة وشفافة تكون حاسمة ومصيرية، مضيفا : "دخلنا اليوم مناخ الأزمة المرتبطة ارتباطا وثيقا ببعديها الأمني والاقتصادي.. وواضح أن الحكومة التونسية منشغلة اليوم بالتفرغ لإدارة الأزمة بشكل يومي.. وهو ما يجب أن يعيه المواطن التونسي لما لتلك الأحداث من تداعيات اقتصادية وأمنية.." وأضاف " فتعزيز عمل الأمن والجيش الوطنيين يتطلب مزيد دعم ميزانيتيْ المؤسستين وهو ما من شأنه أن يؤثر على ميزانية الدولة... واقتصاد تونس قد يتحول الى اقتصاد حرب لكي يستجيب الى نفقات الجانبين الامني والعسكري.. وهو ما يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار حتى لا نقع تحت وصاية اجنبية.. ولهذا يمكن أن نقول ان الوضع العام في تونس قابل إلى أن يغيّر أولوياته إذا حصل انهيار أمني واسع النطاق في ليبيا خاصة وأن الأوضاع في ليبيا جزء لا يتجزأ من التفكير الأمني الاستراتيجي التونسي". أما بالنسبة إلى التنسيق بين رئاستيْ الحكومة والجمهورية، فبيّن صلاح الدين الجورشي وجود ضرورة ملحة حول أهمية التنسيق بين رئاستيْ الحكومة والجمهورية في كل ما يتعلق بمواجهة تداعيات الوضع في ليبيا لأن البلاد لا تتحمل مزيد من التجاذبات السياسية بين رأسيْ السلطة التنفيذية مع احترام خصوصية كل مؤسسة وصلاحياتها، وقال : "البلاد اليوم في حاجة إلى توحيد الرؤية وتقديم المصالح العليا لتونس على حساب الاعتبارات الخاصة والسياسية لكل طرف.. وهذا لا يخفى حيث ان لكل من رئيس الجمهورية والحكومة دائرة عمل غير مستعدّ كل واحد منهما للتنازل عنها ولكن عبر الحوار المتواصل وتبادل المعلومات وعدم استباق الأحداث باتخاذ مواقف فردية يمكن التوصل إلى مواقف مشتركة تكون في خدمة الصالح العام.. وهذا المفروض من مسؤولين رشحهم الشعب لإتمام ما تبقى من هذه المرحلة الانتقالية.