شن الجيش الأمريكي يوم أمس الجمعة غارتيْن جويتيِْن على أهداف تابعة لتنظيم "داعش" في العراق بعد ساعات من قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما العودة عسكرياً إلى العراق من خلال ضرب "داعش". وتعدّ هذه الضربات الجوية التي تنفذ بطائرات بدون طيار، أو بغارات جوية بمقاتلات تنطلق من حاملات طائرات أمريكية في الخليج، هي الأولى التي تنفذها القوات الأمريكية منذ انسحابها من العراق نهاية 2011. ومن جهته، قال جون كيري وزير الخارجية الأمريكي أن مستقبل العراق تحفه مخاطر جمة على ضوء ما يمارسه "داعش" من إرهاب يشير إلى إبادة جماعية. كما أعلنت فرنسا استعدادها لمحاربة "داعش". وفي هذا السياق، قال صلاح الدين الجورشي المحلل السياسي في تصريح لل"الصباح نيوز" : "أعتقد أنّ العراق تتجه الآن نحو حالة من الحرب الدائمة وانّ القصف الأمريكي سيكون بداية لتنوّع عمليات التدخل العسكري من قبل اطراف متعددة وهو ما سيؤدي إلى تدويل الحالة العراقية لأنّ ما تقوم به "داعش" يدفع بالعراقيين ودول الجوار للعراق وكذلك الدول الغربية إلى التدخل الضروري وشبه الحسمي" وأضاف أنّ هذا التدخل كان لاعتباريْن أساسييْن، الأوّل أنّ "داعش" بصدد التوسّع من أجل إعادة تغيير خارطة العراق وهو ما يتعارض مع مصالح العراقيين من جهة ومع مصالح الدول الإقليمية والغربية من جهة أخرى، أمّا الاعتبار الثاني فيتمثل في كون "داعش" تريد أن تلغي التعددية الدينية والمذهبية في العراق وغيرها وهو ما يتناقض مع تاريخ العالم الإسلامي وكذلك العراق ويتعارض أيضا مع الإسلام وقيم حقوق الإنسان. وبيّن أنّ داعش ووفقا للمعطيات السابق ذكرها ستجد نفسها في صراع مفتوح مع العالم والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان والنخب في كلّ مكان وكذلك المجتمعات خاصة وأنها وضعت نفسها في مواجهة مع الجميع الذين سيجدون أنفسهم يبحثون عن صيغ للتعاون من أجل الحدّ من تطوّر ونموّ تنظيم "داعش". وعودة لقرار الولاياتالمتحدةالأمريكية بمحاربة "داعش"، قال الجورشي ان الإدارة الأمريكية تخضع لضغوط عديدة عراقية وأمريكية وغيرها من أجل القيام بهذا التدخّل، متسائلا : "ولكن إلى أيّ مدى سيؤدي هذا التدخل لتغيير موازين القوى داخل العراق.. فهو إلى حدّ الآن تدخّل جوي ربما سيساعد الأكراد على تكثيف جهودهم من أجل القيام بالعمل على مستوى الحرب البرية". كما اعتبر ان جوهر المشكل في العراق سياسي ويتمثل في ضعف الدولة وغياب رؤية وطنية تشاركية تعطي فرصة لجميع العراقيين لتحديد مستقبل بلادهم، وأضاف: "العراق محكوم بسياسة طائفية بغيضة ستؤدي بالضرورة إلى تفتيت العراق كبلد ودولة". وفي ما يتعلّق بتأثير ما يجري في العراق وما يقوم به تنظيم "داعش" على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن بينها تونس، قال الجورشي : "الآن المنطقة مشدودة لما يجري في العراق أحد الأعمدة الأساسية التي يقف عليها العالم العربي.. وما يجري في العراق مرتبط بسوريا وامتد إلى لبنان وانتقل إلى الأردن وشمال إفريقيا.." مبينا أنه في صورة ربط ذلك بما يجري في ليبيا فإن ذلك يعني بأن المنطقة العربية مترابطة الحلقات مثل المسبحة وبالتالي فانّ انهيار أيّ جزء منها سينعكس على كلّ الأجزاء بما في ذلك تونس".